في مدينة بازل السويسرية عام 2001 إنتحال الدكتور فضل القوريني شخصية تاجر آثار يوناني ليبدأ رحلة استرجاع قطع أثرية، كان للامر مفعول السحر لدخول سوق الاثار بالمدينة،ساعده فى إتقان الدور، كونه أستاذ للغة الاغريقية بجامعة اثينا العام 1987، وحامل لوسام الجمهورية “العنقاء الذهبي” من الرئيس اليوناني لجهوده فى مجال الاثار.
كان هدف القوريني في ذلك الوقت إسترجاع أربع قطع أثرية تعود ملكيتها للدولة الليبية ، ولم يكن الامر بالهين، فتجار الآثار في السوق السويسري ينتابهم الشك والحذر تجاه الغرباء، فلا يتم عرض القطع المهربة إلا لمن يجتاز إختبار أشبه بإختبار إثبات الهوية .
وقال القوريني في حوار نشر بالعدد الاسبوعي للوسط «أختبروني في أحد المحلات التي يجيد صاحبها اللغة اليونانية، وطُلِب مني تحديد القطع التى أريد شرائها بوضع إصبعي عليها، وحين تمكنت من تحديدها، عرض التاجر أمامي المزيد من القطع»، وأضاف «بعد التأكد من وجود القطع فى السوق السويسرية اتصلت بالسفارة الليبية للابلاغ والاتفاق على كيفية إسترجاع القطع المسروقة، لكن للأسف لم أجد نيه حقيقة فى المساعدة أو اتخاذ أي إجراء تجاه الأمر، فلم يكن أمامي إلا اللجوء لصديق شخصي وهو الدكتور السويسري «ماريو»، والشرطة الدولية التى أوقفت عملية البيع بعد تقديم المستندات والصور الدالة على ملكية القطع للدولة الليبية، ودفع التاجر السويسري غرامة مالية وقمت بشحن القطع لليبيا».
أثناء وقف عملية البيع بداخل المحل، غمرت القوريني الفرحة فلم يتمالك مشاعره ليجد نفسه يقبل رأس أحد التماثيل، يقول «تمالكت نفسي ، كنت على وشك البكاء، قبلت التمثال، ولم أشعر بالراحة إلا بعد أن وطأت قدمي أرض الوطن مع القطع الأربعة وهي تمثال فينوس الذي تم نهبه من متحف توكره، و رأس من قورينا تعود لفترة الأركايك، وديونيسيوس ونديمه الساتير وكلبهما من بنغازي».
في العام 2001 كانت ليبيا تحت حكم القذافي، لم نسمع فى حينها عن عملية إسترجاع القطع، يقول القوريني «تم التعتيم على جهودي فى عملية الاسترجاع، بأعتباري سجين رأي سابق، وبعد ثورة فبراير تقلدت منصب رئيس مصلحة الآثار لمدة محدوده، وتم تسليم القطع لمراقب الآثار في بنغازي إبراهيم الطواحني لتعود لمتحف توكره».
و أضاف «هناك الكثير من القطع المسروقة من ليبيا فى أكثر من 50 دولة، عملية الاسترجاع في زمن القذافى كانت صعبة لتهاون الدولة فى التعاون فى هذه المهمة».
قال القوريني لـ “بوابة الوسط” في تصرحيات سابقة «تم عرض أجزاء من هذه الآثار للبيع في بلدان مختلفة، ما دفع اليونسكو للتهدد بشطب هذه المواقع من قائمة التراث العالمي».
و حمل القوريني المسؤولية للحكومات المتعاقبة فى ليبيا لعدم الاهتمام بما يحدث قائلاً «كان على هذه الحكومات سن قوانين صارمة لحماية الآثار، أو إنشاء شرطة سياحية، وتوفير جهاز جمارك محنك ذو قدرة على ضبط القطع المهربة، وإعادة تفعيل رسوم دخول المتاحف والمواقع الأثرية، التي كانت تدر عشرات الآلاف من الدينارات شهريا للبلاد، فمواقع الآثار وبشكل خاص في الجبل الأخضر، أضحت مكانًا للفسح (الزرادي)، و أمكنة لإشعال النار، من قبل الفوضويين».