شعر

جثة تمشي على استحياء *

اللوحة من اختيار الشاعر

 
راسلتني، تلومُ، ذاتَ مساء
ما عهِدتُّ بالصّمتِ للشّعراءِ
حاجَجَتني، بومضةٍ من قصيدي:
“إنّما الشعرُ صورةٌ للبقاءِ” (1)
ما درتْ هذه الجميلةُ أنّي
[جُثّةٌ، تمشي على استحياءِ] (2)
———
 
جسدي السجن، والمقابرُ بيتي
شاهدُ القبرِ؛ ضحكتي وانزوائي
يا ابنة النّاي، كلُّ روحي ثقوبٌ
كلّما تغنّيتُ؛ زاد بُكائي
يا ابنة الناي، إنّ في الرّوح جُرحا
ليس يشفى، سوى بُعيد فنائي
(وأرى فيكِ من قساوةِ دهري
فرصةَ العمر وانتفاعَ الدواءِ) (3)
———
 
يا مُريدي فلتسمعِ اليومَ شطحي
[فالشّعراء هم وارثو الأنبياءِ]
 
لا تشيخ اللغاتُ إن كان فيها
شاعرٌ باعثٌ مجازَ المَرَائي
غارةَ الله، إنّ في الغار طفلا
يقرأ الشعرَ من عيونِ حراءِ:
كلّ حرف لا ينصرُ الحبَّ زيفٌ
كلّ إلفٍ، وفى بحاءٍ وباءِ
إنّما الحُسنُ في الإناثِ بعقلٍ
لا بنهدٍ وقامةٍ أو ثراءِ
إنّ طينَ النساءِ صلصالُ عِطرٍ
كلُّ أنثى، مَثيلةُ الحسناءِ
———
 
يا عذولي، خذ كأسَنا وتغنَّ
فغناءٌ؛ أذانُ حانِ السماءِ
وحسودي، رِفقا بقلبك منّي
عاذري أنت، لو علمتَ شقائي
أسعدُ الخلق، أجهلُ الجهلاءِ
ربَّ فتحٍ يكون لُبَّ بَلاءِ
 
كلُّ شِعرٍ للمُستجيرِ قُبيلَ الـ
أربعين، فذاك محضُ هباءِ

_____________________________________
وكلّ يومٍ وعامٍ وعمرٍ؛ وأنتم بخير، وكلّ من تحبّون.
31 ديسمبر 2019.

* شكرٌ ماطرٌ عطِرٌ، لمن كانتِ السّبب في ميلاد القصيدة. لعلّها تجد بين أبياتها ما يُجيب عن تساؤلاتها.
1- هي شطرة من قصيدة أخرى، لي، على نفس البحر والقافية. نشرتها سنة 2012. يقول مطلعها:
ليت شعري متى يحين لقائي *** بحبيبٍ، له عهودُ ولائي
2- عَجْزُ هذا البيت “الشطرة الثانية” على غير بحر القصيدة، وأثبتّه كما هو؛ لتمام المعنى مطابقة. وذاك هو المُراد. وإلا فلا يعجزني ضبطه:
“ليتها، هذي الجميلة تدري
أنّني جثّة وهذا رثائي”
وفعلتُ الأمر نفسه مع كلّ شطرةٍ وضعتها بين [قوسين].
3- هذا البيتُ تضمينٌ من قصيدة (سجد الجمال) لشيخنا الأنور وأستاذنا الأكبر، العلامة د. أحمد القطعاني (1956م – 2018).
وقد ضمنتُ البيتَ لموافقته سياق القصيدة؛ موضوعا وبحرا ورويّا، وموافقاتٍ أخرى ليس ذا أوان كشفها. وأوصي المحبّين، بإعادة قراءة (سجد الجمال) وتذوّق معانيها وفكّ رموزها.

مقالات ذات علاقة

صَارَ قَلْبًا كَبِيرًا..

جمعة الفاخري

سفر الياسمين

مفتاح البركي

وقت …

محمد السبوعي

2 تعليقات

محمد علي المبروك 11 فبراير, 2020 at 09:57

شعرا جميل من شاب جميل أحسنت الحسن في كلماتك

رد
المشرف العام 22 فبراير, 2020 at 05:56

نشكر مرورك الكريم

رد

اترك تعليق