قصة

عندما ركب الولد رأسه

الطاهر الدويني

من أعمال التشكيلي عمران بشنة
من أعمال التشكيلي عمران بشنة


في شارعنا ذات يوم صيف ركب الولد الأصغر رأسه وعملها بعد أن حسبها جيداً.. بدلاً أن يقيم عرسه ثلاث أيام بلياليها كما كان يفعل جده الرابع عشر وشباب قبيلته المعاصرون حتى الثمالة قرر أن ينسلخ من (جينـات) القيبلة ويتخلى عن (كروموزوماتها) التي تطالبه بأن يقيم العرس في ثلاث أيام تستوجب بالتداعى ثلاثين عاماً من التهيـؤ والاستعداد والتجهيز…

فكرة مجنونة خطرت بباله ولم يتردد في تنفيذها رغم توسلات والدته، وأخواته، وبكاء خالاته، واستعطاف عماته، وقبل هذا كله أدراجه في القائمة السوداء من قبل أعمامه وأولادهم وأحفادهم وعجائز القبيلة الذين هم في سن العشرين والسبعين لا فرق…

أخيراً تزوج الولد الأصغر في الأسرة كما يتزوج كل يوم الآلاف من أبناء أدم وحواء في شتى بقاع المعمورة.. في يوم واحد فحسب انتهت مواسم الزواج كما قرر ورأي…

في يوم الفرح.. وبعده، تناقلت الأخبار أن فيضانات عارمة حلت بألمانيا والصين بسبب هذا الزواج وحرائق هائلة اندلعت في بلاد الأمريكان والبراكين الخامدة في أطراف الدنيا الأربعة عاودت نشاطها والزلازل أصابت إيران ووسط آسيا…

كل هذا حدث على الصعيد العالمي، أما على الصعيد المحلي فالحاجة عافية أم العريس أغشي عليها ولم تفق بعد رغم محاولات إنعاشها بالأكسجين و(البرازيت) والتسبيب لها عند أحد الفقهاء.. وأخته مبروكة فقدت إثر تعثرها بقشرة موز جميع أسنانها وأضراس فكها العلوي والبعض أكد أيضاً حتى أسنانها الاصطناعية.. في حين أن الحاجة مغلية خالة العريس أصيبت -اللهم احفظنا- بحالة صلع طارئ اذهب عنها إلى الأبد شعرها الكستنائي الذي يتدلى من كوفيتها الحمراء.. وعمة العريس -أجاركم الله- الحاجة أم السعد إضافة إلى تفلفص رجلها اليسرى أصابها البرص والنمنم وقيل البوشوكة أيضاً مرة واحدة رغم بلوغها التسعين…

أما المرحوم الحاج شعبان بن قحطان والد العريس فقد قيل -حسب شهادات الرواة- أنه شوهد في اليوم التالي يخرج من قبره وهو يلوح بعصاه ويتبرأ من ابنه.. والبعض يؤكد أنه مازال حتى الآن يصول ويجول في شوارع مصراتة مستنكراً ومندداً بما اقترفته يدا ابنه العاق.

مقالات ذات علاقة

أنا و أشياءٌ أخرى لا تهتمُ بي

محمد النعاس

آلهة الاعتذار

الصديق بودوارة

قدر..

حسين بن قرين درمشاكي

اترك تعليق