قصة واقعية بالتاريخ والأسماء

الساعة الثانية صباحا تقريبا من يوم الثلاثاء الموافق 8 أكتوبر 2002 م . . أمام مستشفي الخمس التعليمي كنت جالسا علي حافة رخامية
في إنتظار خروج زوجتي من غرفة العمليات لتضع مولودنا الأول . . لحظات من التوتر والقلق والترقب تمضي ببطء . . الدقيقة فيها كالجبل الضخم ما كانت لتتزحزح من مكانها . . مر من أمامي شريط ذكريات مؤلمة لثلاث سنوات ماضية قضيتها في التنقل من طبيب لأخرمن مدينة لأخري داخل ليبيا وخارجها في دولة تونس ، بما تحمله في طياتها من عذابات وقسوة . . كشوفات ، صور تحاليل وعمليات مختلفة . . آلاف من الدنانير صرفتها . . كل ذلك من أجل الحصول علي إبن تحلو به الحياة ويصبح قرة عين لي ولوالدته ، بالرغم ما يحيط بها من ألم ، تبقي لحظات الإنتظار هذه جميلة ، و نادرا ما تتكرر . .
الأخ / محمد ناجي . . وين الأخ / محمد ناجي . . نداء من باب المستشفي قطع شريط ذكرياتي لانتبه من غفلتي وأقوم مسرعا إلي موظف الأمن الذي بادرني بالسؤال . . إنت محمد ناجي ؟ ؟ قلت في لهفة : نعم . . نعم . . رد بلطف : تفضل أدخل شوف الإستعلامات طالبينك
. . دخلت علي عجل لأقف أمام قسم الإسعلامات الذي يعج بالموظفين في حركة عمل دؤوب. . سلمت عليهم عرفتهم بنفسي قائلا : أنا محمد ناجي حضرتكم طلبتوني . . هل من جديد ؟ ؟ ردت إحدي العاملات : مبروك زوجتك وضعت بالسلامة . . صبي وصحته كويسة وأمه حتي هية باهية . . لم أسمع بقية كلامها فقط اري شفتيها تتحركان ولا يصل إلي أذني شئ . . فأنا غائب عنها وعن ما حولي تماما . . دارت الدنيا بي ولم أستطع التركيز ولسان حالي يلهج بذكر الله حمدا ثناءا وشكرا . . رغبت في مصافحة وحضن كل من كان في محيطي فردا فردا ، وإخبارهم بأني أخيرا أصبحت أبا لاول مرة في حياتي . . مهما قلت كتبت أو دونت لن أستطيع وصف مقدار الفرح و السعادة الذي غمرتني لتمسح وتزيل بقوة عذاب ثلاث سنوات من المعاناة المريرة عشتها في صبر وحلم ورجاء .
سألت هل بإمكاني أن أراهما . . زوجتي وطفلي ؟ . . كان الرد بالمنع نظرا لان الولادة كانت بعملية قيصرية والأم مازالت تحت تأثير المخدر وتحتاج إلي وقت لأن تصحو وتسترد وعيها وعافيتها . . إكتفيت بهذا وخرجت من المستشفي عائدا إلي المنزل ، رميت نفسي علي الفراش بكامل ثيابي . . نمت نوما عميقا من شدة السهر والتعب ، كانت أحلامي وردية . .
في صباح اليوم التالي إستيقظت علي رنين هاتفي النقال وهو يلح علي إلحاحا – هكذا شعرت بيني وبين نفسي – لأنهض من النوم . . كانت زوجتي علي الخط . . إبتدرتها بالكلام قائلا : نعم صباح الخير . . أهلا ياهند الحمد الله علي السلامة ، إن شاء الله حالك أحسن اليوم ، كيف حال المولود . . شفتيه حاله كويس . . كانت تخرج مني الكلامات بلا وعي وأنا نصف نائم ونصف صاحي بسرعة دون أن اترك لها فرصة للرد . . ردت علي بصوت خافت ومتعب كانه صادر من بئر عميقة : صباح الخير يا محمد . . تعالالي بسرعة نبيك في المستشفي . . اسرع ما تعطلش . . إختلست النظر إلي الساعة كانت تشير إلي قرب العاشرة صباحا . .عاودت الرد علي عجل وانا بكامل صحوتي بعد أن فر مني بقايا النوم . . خيرك شن فيه .
ردت : فيه مشكلة صايرة . . قلت بخوف : خير إن شاء الله . . شن فيه ؟ . . قالت : يبو يديروا لي عملية ثانية . . وأنا أسمع بكائها الموجع أضافت:
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
ناسيين
إبرة الخياطة في بطني
لما عملوا لي العملية القيصرية إمبارح . .