كتاب عبداللطيف حويل عميد الطرب
طيوب المراجعات

عبداللطيف حويل … عميدُ الطرب


أصدر الأستاذ الناقد والأديب أحمد عزيز كتابه الفني الأول في سلسلة (أساطين الأغنية الليبية) والتي اختار أن يستهلها بكتابه (عبداللطيف حويل .. عميد الطرب) وفاءً وتقديراً لمسيرة هذا الفنان المعطاء في عدد من الأجناس الفنية منها تأدية الأغنية الليبية العاطفية والدينية والاجتماعية والوطنية سواء بصوت فردي أو جماعي مشترك بموضوعاتها المتعددة وموسيقاها المتنوعة، والموشح الأندلسي، ونوبة المالوف الطرابلسية، والمدائح والابتهالات الدينية، إضافة إلى المساهمة في إثراء المكتبة الفنية بالعديد من الألحان في المقامات الموسيقية المختلفة.

وقد احتوى الكتاب على مقدمتين الأولى بقلم الأستاذ المسرحي والكاتب الفنان البوصيري عبدالله، والثانية بقلم مؤلف الكتاب نفسه. ثم يأتي الباب الأول بعنوان (نشأة الفنان وأطوار حياته) متضمناً ثلاثة فصول هي: المولد والنشأة، ومجالات العمل، وحويل والرياضة، والباب الثاني بعنوان (رحلة التكوين الفني) متضمناً أربعة فصول هي: الأفراح والمناسبات الإجتماعية، وأجواء الفنادق ودكاكين النول، وأثر الأفلام الغنائية والاستعراضية، وحفلات الأسبوع الجزائري، والباب الثالث بعنوان (نحو آفاق الفن) متضمناً ستة فصول هي: افتتاح الإذاعة الليبية، الانطلاقة الرسمية، حويل ملحناً، شعراء أشهر أغانية، ملحنون لهم تأثيرهم في المسيرة الفنية لعبداللطيف حويل، ومع المالوف والموشحات، والفصل الرابع بعنوان (الفنان عبداللطيف حويل في الميزان) وقد اشتمل هذا الباب على رأي المؤلف وأراء وشهادات الفنانين والكتاب حول القيمة التي احتلها الفنان عبداللطيف حويل، وتضمن ثلاثة فصول هي: قراءة في صوته وأدائه، سلوكه الاجتماعي، سلوكه الفني، أما الباب الخامس والأخير فقد جاء بعنوان (أغاني لها قصة مع الفنان عبداللطيف حويل) وهذه الأغاني الخمسة هي (بيّنلي ذنبي، أيش حيّرك يا عين أيش بكّاك، راحلة، ماشي بعيد، أنتم المثل).

كتاب عبداللطيف حويل عميد الطرب
كتاب عبداللطيف حويل عميد الطرب

وبالإضافة إلى هذه الأبواب فقد اشتمل الكتاب على (شهادات) و(ما نشرته الصحف) و(الأعمال التي غنّاها الفنان عبداللطيف حويل) و(أهم الملحنين الذين غنّى عبداللطيف حويل من ألحانهم) و(أهم شعراء الأغنية الذين غنّى حويل من شعرهم) و(الأغاني التي لحنها لنفسه) و(الأغاني التي لحنها لغيره) و(نوبات المالوف والموشحات التي شارك في أدائها وتسجيلها مع فرقة المالوف والموشحات بقيادة الفنان حسن عريبي) و(نوبات المالوف والموشحات التي شارك في أدائها مع فرقة الشروق والموشحات والمنوعات الغنائية بقيادة الفنان مفتاح علي). إضافة إلى عددٍ من صور شهادات التقدير التي منحت للفنان الكبير عبداللطيف حويل ومجموعة من الصور الفردية والجماعية في مناسبات مختلفة.

وفي مقدمته للكتاب يقول الأستاذ المؤلف أحمد عزيز (..هي محاولة لتوثيق رحلة فنان أعطى لهذا البلد عصارة إبداعه طيلة ستين سنة أو يزيد، فأسعد الناس وأمتعهم وأثلج صدورهم وشنّف أذانهم وأسهم في ارتفاع ذائقة التذوق لديهم). ويضيف (لا شك أن هذا عمل شاق ومتعب يحتاج إلى صبر وإلى هدوء أعصاب وإلى جلد وسعة بال) مشيراً إلى الصعوبات التي واجهته في إعداد هذا الكتاب/الدراسة فيقول (.. في دراستي للفنان عبداللطيف حويل واجهتني صعوبات كثيرة أولها قلة المصادر وضعف ما تحصلتُ عليه منها لكونه في أغلبه مجرد مقابلات صحفية بأسئلة تقليدية تكررت في معظم هذه المقابلات ..) كما ينتقد بشكل غير مباشر الإذاعة الليبية حين يقول (.. تبقى مشكلة أخرى صعّبت مهمتي وهي الإذاعة الليبية التي وجدتُ فيها صعوبة كبيرة في الحصول على أعماله أو لقاءاته أو بعض البرامج التي تناولت شخصيته كفنان سواء مطرباً أو ملحناً..)

أما الأستاذ البوصيري عبدالله فهو في تقديمه للكتاب يستعرض تاريخ الأغنية الليبية ويتتبع بعض أبرز محطاتها وروادها وأحداثها بشكل انتقائي يدعم رسالة الكتاب، ويشيد باختيار الفنان الكبير عبداللطيف حويل في تدشين إصدارات هذه السلسلة فيقول (… تأخذ مهمة تدوين وكتابة سير أعلام البلاد بُعداّ تاريخياً ومعرفياً غاية في الأهمية، وفي اختيار عبداللطيف حويل ليكون مفتتحاً لهذه السلسلة التي تؤرخ لأهل المغنى في بلادنا يبدو لي اختياراً حالفه التوفيق إلى حد بعيد..) ويضيف الأستاذ البوصيري واصفاً الفنان عبداللطيف حويل (.. إنه فنان أصيل بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وقد استطاع أحمد عزيز أن يبرز هذه الجوانب الفنية والإنسانية والأخلاقية في كتابه هذا الذي سوف يلمس فيه القاريء الفطن جهداً وصبراً واضحين من خلال ما جمع مؤلفه من معلومات حول سيرة الفنان موضوع الكتاب، وأخرى حول فنانين آخرين ممن اتصل بهم فناننا من شعراء وملحنين ..).
(عبداللطيف حويل .. عميد الطرب) إنجاز يضيف للمكتبة الليبية الفنية الفقيرة الكثير من المعلومات سواء كانت الخاصة بالفنان عبداللطيف حويل أو عن مجايليه، وبيئته، وظروفه التي عبّد فيها مسيرته في عالم الفن والطرب.

الفنان عبداللطيف حويل والفنان محمد الجزيري
الفنان عبداللطيف حويل والفنان محمد الجزيري (الصورة: عن الأستاذ أحمد دعوب)

ولكن هذا لا يمنعنا من تسجيل بعض الملاحظات المهمة حول الكتاب القيم، والذي كنت أمل أن يظهر بمستوى أفضل مما عليه سواء من حيث الاهتمام بسلامة اللغة وتصريفها النحوي، أو تفادي أخطاء الطباعة التي ظهرت واضحة وبارزة في عدد من الصفحات، وأيضاً في منهجية الكتاب/الدراسة كما أطلق عليه المؤلف، حيث لا نجد شهادات عديدة لملحنين وشعراء وكتاب معروفين مع احترامي لجميع الشهادات الخمسة التي أوردها المؤلف لكل من (الدكتور أحمد ابراهيم الفقيه، الملحن يوسف العالم، الصحفي محمد الغضبان، الباحث الموسيقي د. عبدالله السباعي، والملحن صالح سالم)، كما أن تكرار الاقتباس من بعض الشهادات أو عبارات السرد التاريخي كان غير لازم، مع ضرورة التركيز على الدقة العلمية عند تناول لجان المالوف سواء لجنة الخمسة (محمد بوريانة، خليفة الرماش، محمد قنيص، مختار شاكر المرابط، علي منكوسة) وأعضاءها أو غيرها من اللجان والمجموعات التي تلتها، وكان بالإمكان الرجوع إلى الإصدارات المتعلقة بالمالوف الليبي للتأكد منها. بالإضافة إلى ملاحظة أن جميع شهادات التكريم الستة المنشورة بالكتاب قد منحت للفنان الكبير عبداللطيف حويل بعد سنة 2011م، فيا ترى أين الشهادات قبل هذه السنة وهو صاحب المسيرة الطويلة في هذا المجال؟

لا شك أن الرصد والحصر لأعمال الفنان الكبير عبداللطيف حويل، وتصنيفها أداءً وتلحيناً، هو عمل تطلب مجهوداً كبيراً من المؤلف الأستاذ القدير أحمد عزيز لا يسعني إلاّ أن أشكره على هذا التوثيق والعمل المضني، كما أن تضمين الكتاب نصوص الأغاني والنوتات الموسيقية يحسب له ويستحق منا جميعاً رفع القبعة له بكل جدارة وهو أضافة ثمينة للمكتبة الفنية وطلبة الموسيقى والمهتمين كافة.
أكرر الاعتزاز بهذا الكتاب .. وأثمن جهد مؤلفه الأستاذ القدير أحمد عزيز .. على أمل أن تتسلسل السلسلة وتتحفنا بإصدارات أخرى حول أعلام ورموز الفن الليبي بجميع مجالاته.

_____________________________________
نشر: الملحق الفني لجريدة الصباح – 25-9-2019

مقالات ذات علاقة

«شمس على نوافذ مغلقة». أنثولوجيا تمنع القطيعة بين الأجيال

سعاد سالم

الرحلة النباتية

المشرف العام

في ذكرى النكسة.. قراءة في كتاب الرحلة الأصعب

عمر عبدالدائم

اترك تعليق