رواية حرب الغزالة
النقد

مداخلة قصيرة حول الغزالة

رواية حرب غزالة
رواية حرب غزالة

كانت (قصيل) الرواية الأولى للأديبة عائشة إبراهيم رواية مكان بامتياز، استنطقت فيها جماليات مدينتها “بني وليد” وبعضاً من شخصياتها ومعالمها التاريخية، وهي حسب الأستاذ والأديب الكبير منصور بوشناف تعتبر أول رواية تتناول تلك المدينة الغزيرة بالمبدعين والثرية بالأحداث… أما في روايتها الثانية (حربُ الغزالة) فقد قدمت صورة المكان الصحراوي بوجه مختلف لتلك التي وطنها في أذهاننا الروائي العالمي إبراهيم الكوني الغارقة المحصورة في الجبال والكهوف والطلاسم التوارقية بداية من أسماء شخصياته وحتى حكايات أساطيره الغريبة … كما كان المكان لدى عائشة ابراهيم مغايراً كذلك لفضاء صحراء الروائي الدكتور أحمد إبراهيم الفقيه في روايته الأولى (حقول الرماد) وفي مسرحيته الجميلة (الغزالات) حين جعل المكان الصحراوي معشوقاً من الأغراب والأجانب عندما صاغ عناصره بلغة سلسة رقراقة وطرزه بالكثير من الجاذبية والافتنان.

وقد جاءت رواية (حربُ الغزالة) للكاتبة عائشة إبراهيم على صعيد اللغة بسيطة المفردة وعميقة الدلالة … واتسم حوارها بالسلاسة والتشويق خاصة حين اشتعلت نيران الغيرة في قلب الملكة بعد رجوع “هيرديس” بطلة الرواية من الحرب وعودتها منتصرة، الأمر الذي جعلها تحظى في المملكة الأسطورية بنوع من القداسة التي أضفاها عليها شعب الأكاكوس ومنحها المكانة السامية الرفيعة.
إن الاسترسال في الوصف الخلاب الذي برعت فيه الروائية عائشة إبراهيم وقدمته لنا طوال فصول الرواية بداية من إبراز جماليات الثوب الذي طرزته “هيرديس” واحضرته هدية للملكة فنالت به فرحة الملكة ورخصة فتح دار الأزياء، لم يكن ذاك الوصف المسهب أبداً مثقلاً للنص، بل أضفى عليها الكثير من التشويق والتأكيد على قدرات الكاتبة وامتلاكها لنواصي اللغة الروائية ذات النفس الطويل والسرد المتماسك والحكي المشوق. 

أما القصائد الشعرية التي صدحت بها رواية (حرب الغزلة) فقد ظلت روحها الشعرية تاريخية وأسلوب نظمها رحل بنا لعوالم ماضوية سحيقة جعلنا نعيشها كلمة ومعنى في فضاء زمنها الأسطوري البعيد … وليست بلغة وفضاءات شعر اليوم.
“قصيل” لم يعد وحيداً .. لأن “الغزالة” في حضوره صارت أكثر بهاءً وأُنساً… وأصبحت الأديبة “عائشة إبراهيم” نجمة لامعة في سماء الرواية الليبية .. فهنيئاً بها.

مقالات ذات علاقة

ابتسامة ساخرة في وجه الألم!

غازي القبلاوي

البناء النصّي في شعر عبدالمنعم المحجوب (3).. الإضافة والنعت وآليات الاتّساق

المشرف العام

لثام الكبرياء

نورالدين خليفة النمر

اترك تعليق