قصة

عدوى

من أعمال التشكيلي معتوق أبوراوي
من أعمال التشكيلي معتوق أبوراوي

تتقدم بخطى ثابتة، تظن أنها أول من سيصل، إذ خرجت قبل الموعد بساعة، تلج من باب يترجرج خلفها، يصهل كفرس مكلومة، كان الممر مزدحما، خاليًا من أفراد الخدمة الطبية، لم تتمكن من الحصول على مقعد يطيق الانتظار، وقفتْ تستند الحائط، تلف يديها على صدرها، بزفرة نظرت لساعتها، تحركت بتوتر في مكانها، بينما كانت نظرات الخمسيني القريبة تتسكع على جسدها الضئيل، استدارت عنه لا مبالية، اختنق المكان بالروائح المقززة، أنتقل لها التذمر الذي أصاب الجميع..

في المقعد المقابل تجلس عجوزًا تداعب أناملها مسبحة تناغمت مع أزيز شفتيها، تلازمها حفيدتها تسترق النظر لشابٍ وقف بالقرب منهما، في سرعة تلتقف أرقام هاتفه التي كتبها في الهواء بحركة بطيئة؛ في الناحية الأخرى يأتي صوت لعبة ” واي سيرفز “بهاتف طفل يتوسط والديه.. تهمس والدته   ” اخفض الصوت”..

انفجر أحدهم بالسعال ومنه ذهب إلى اغلبية الحناجر …

قالت في ازدراء  “برافو.. لنتبادل الفيروسات”

اتجهت نحو زاوية في آخر الممر إلى جانبها باب يفضي إلى بهو، القت برأسها من شباك صغير يطل على ظهر بناية كبيرة؛ تأملت عصفورين يتغازلان،

تمنت لو ملكت سيجارة ذاك الرجل الذي يتسمر بإحدى الشرفات، فيما يخترقها صوتُ آخر

“متى سيرحمونا ويفتح هذا الباب؟..”

أثناء ما  أقبل الممرض الفلبيني سألته فتاة عن الطبيب، أجاب بلكنته: “ربء سائة”

احتدم نقاش سياسي بين رجلين، وانتهى بعراك الأيدي.. تدخل رجل مسن

“صلوا على النبي يا جماعة”

في الوقت الذي فتحت الممرضة الباب، التفت الجميع؛ تكلمت بالهاتف بخطى سريعة متوترة، شقت الجموع؛ وابتلعها بابا آخر..

تبادلوا النظرات في صمت، بعد ثوانٍ عاد هدير حديثهم من جديد…

انقضت بضع دقائق…خرجت الممرضة

“الطبيب في إجازة مرضية، يعتذر منكم ولن يحضر قبل أسبوع”

مقالات ذات علاقة

عـرس الأزهـار

أحمد نصر

قصة رصاصة فقد

المشرف العام

الـسـوق

يوسف الشريف

اترك تعليق