المقالة

عندما نصل إلى نوبل نصل بأسوأ ما فينا!

آمنة القلفاط

 

أعلنت هيئة التحكيم لجائزة نوبل للسلام الجمعة الماضية، فوز الناشطة العراقية الأيزيدية نادية مراد بجائزة نوبل للسلام، وبذلك تكون أول شخصية عراقية تحصل على الجائزة منذ تأسيسها. سرعان ما انتشر الخبر على المنصات الاجتماعية والقنوات الإعلامية، بين فرح بالفوز وابتهاج كونها أول عراقية تحصل على الجائزة. لكن محتوى الخبر مؤلم حد الوجع، ودلالاته محبطة لحدود الإحساس بالقهر!.

بعنوان عريض نشرت بعض القنوات العالمية الخبر”الأيزيدية ناديا مراد من عبودية الجهاديين إلى الفوز بجائزة نوبل للسلام”، وتنشر أخرى “من الاستعباد إلى نوبل للسلام”، وبذات السياق انتشر الخبر عالمياً. مُؤكداً ومُرسخاً في أذهان القراء من كل العالم على قهر الأقليات وذُل واستعباد النساء في ثقافتنا. تُسلط البهرجة الإعلامية المصاحبة للخبر، الضوء على توحش علاقاتنا الإنسانية كعرب وكمسلمين، كما ترسخ في الأذهان صورة ذهنية بالغة القتامة، مثيرة للشفقة على جميع المستويات لأوضاعنا المعيشية.

القنوات الدولية ركزت في نشرها الخبر على فوز الفتاة الأيزيدية العراقية التي اختطفها واحتجزها واغتصبت من قبل عناصر في تنظيم “داعش” في سنجار العراق عام 2014. ثم يقرر ضمير العالم مكافأتها لشجاعتها ويرشحها للفوز بجائزة نوبل للسلام. ناديا مراد طه وهي فتاة من قرية كوجو التابعة لفضاء سنجار قرب الموصل. ولدت عام 1993. اختطفت من محل إقامتها بعد أن عمت الفوضى وانعدم الأمن في بلدها العراق. بعد أن دُمر وطنها وتَضرر الجميع بمن فيهم الأقليات، ليس فقط الأيزيدين في سنجار، بل إن إسفين الطائفية والإرهاب وضياع الحقوق طالت الأرمن والكلدان، آشوريين، وسريان، والصابئة، المندائيين، والشبك والتركمان، والذين تمتد جذورهم في العراق لمئات السنين قبل الإسلام. لقد عاش الجميع في وطن واحد تجمعهم الثقة المتبادلة. الاحتقان الذي طال العراق طال مختلف المناطق على حد سواء. المجموعات المسلحة من المجرمين عاثت فساداً كما يحدث في مناطق الفوضى، عندما تُسقط الدول في أي مكان في العالم. تمكنت ناديا من الفرار لتتفرغ لإيصال قضيتها للعالم، داعية المجتمع الدولي لبذل المزيد من الجهود لإنقاذ بقية المختطفات، وليحل السلام والأمن على أهل العراق أرض الثقافات.

عندما تُحتل الدول، يُصبح النضال ضد الاستعمار واجباً يُلهب الحماسة لدى الشعوب ومنها شعوبنا العربية، وذلك لوضوح القضية والهدف. اليوم تُحتل الدول وتُسْتضعف إرادتها، ولا نُميز لنا قضية واضحة، ولم يعد العدوان عدواناً مباشراً. الإرهاب، هذا العدو المشترك بين الجميع، والجميع يرفع راية نبذه ومحاربته. أين زرع هذا النبت الشيطاني؟ ومن سقاه ومن رعاه؟ ما هو تعريفه المحدد، ما أبعاده؟

نجحت الفائزة بالجائزة في إيصال صوتها للعالم، وربما نجح متصيدو الخبر في نشره بأكثر الطرق إثارة. لكن الخبر نجح أيضاً في زيادة وعينا بأن أمامنا الكثير، ليس على المستويات العلمية فحسب، بل على المستويات الإنسانية، وعلى مستوى درجة الوعي الفردي بأننا أفضل مما يُسَوق لنا، وبداخلنا قيم بحاجة لأن يجمعها نَظْم يُبرزها ويُقويها. نحن بحاجة لإعْمال العقول، حتى إذا اسْتوعبت وأدْركت، وتَعلمت من النتائج، فسَتقرر وتنتفض.

_____________________

نشر بموقع بوابة الوسط.

مقالات ذات علاقة

ليبيا بين المطرقةِ الدولية والسندانِ الإقليمي!

أحمد الفيتوري

قراءة في خريطة عقل الصحراء ومالاته

البانوسي بن عثمان

لاعب السيرك ولاعب السلطة

عمر أبوالقاسم الككلي

اترك تعليق