حوارات

الشاعر صلاح عجينة/ الحركة الشعرية في ليبيا تحرز تقدما ملحوظا

لقاء مع الشاعر صلاح عجينة

الحركة الشعرية في ليبيا تحرز تقدما ملحوظا

عالمنا اليوم متحف من الغرائبية ومسرحا للا معقول

 

حاوره: عمر عبود

الشاعر: صلاح عجينة

نجري هذا اللقاء مع الشاعر الشاب “صلاح عجينة” وهو من الأصوات التي أخذت تثبت حضورها من خلال تواصله مع الفعاليات الثقافية والمهرجانات وهذا اللقاء بمناسبة إصداره لديوانه الأول (كلام البرق).

س/ لماذا كلام  البرق ؟

ج/ البرق هو الظاهرة الطبيعية الأقدر أو الأكفأ تعبيرا للترميز عن عصرنا المتسارع المتكهرب .. البرق وحده الكفيل بأن يضع لنا مفهوما للسرعة بالمعنى الذي من شأنه أن يرسخ مفهوم الحياة ويسهم في وضع مفرداتها  بطرح مشحون بالمثالية المرجوة

وقد ألحقت به لفظة( كلام)..لأنني استطعت أن أقول عنه انه كلام.. ولم أبث في تجنيسه !؟.. فهذا ليس من شأني وأنا لست مدعوا لنقاش مثل هذه الأمور!!

فقط كل الحكاية أنني اكتب عن ما يعبر عن القيم و المفاهيم التي أؤمن بها بمعزل عن الخوض في قضايا وهموم الجنس الأدبي فأنا لا أتصالح مع الشعر لكونه شعرا لكنني أبني هذا التصالح لأنه في لحظة التصالح  نفسها يكون الشعر- مثلا- الأقدر استيعابا لما أريد أن أقوله!!.. وبعد كل هذا أغمس أوراقي بحروفها وبقايا بقع الحبر المتناثرة على الأوراق بنصوصها في إناء يفيض بالدهشة، ولا اتركها للهواء حتى أوقن تماما أنها تتمتع بحالة جيدة من الدهشة والعبث معا و المنصوص عليهما في ذاكرتي.

س/في كثير من نصوصك نجدك تنتهي بالمتلقي إلى فكرة العبث في الكتابة وأحيانا يأتي هذا بشكل صارخ كما في النص الذي يقول مطلعه: (العبث أديم المعنى، ورب الكشف).. فهل أنت ممن تأثروا بالمدرسة العبثية مثلا أو ماذا تسمي هذا!؟..

ج/ حسنا، أنا لست إلا صادقا حينما أقول لك لا أعرف هذه التيارات و المدارس إلا في سياقها التاريخي –بمعنى أعرفها من ناحية معلوماتية– ولم  أفكر أبدا ، كما لا يفكر أي كاتب –في اعتقادي– أن ينضم لأطروحة فكرية تتسم بالجاهزية، وإنما يكتب ويأتي الآخر يقول إن هذا الكاتب يتماس مع الكاتب فلان أو مدرسة كذا ويأتي آخر ويحيل استنتاج الأول جانبا ويفترض فرضا آخر وهكذا..

أما عن كلام البرق وعن جملة الكتابة التي أنسجها فقط أحاول من خلالها أن أجعل من الهدوء والبرد مفردة صحيحة غير مسبوقة أو ملحوقة بعلة وأراهن على اعتقادي هذا – غير مبال – محيلا الخطاب المنبري جانبا ومحتفيا بالقضايا التي أؤمن بها بطرح ضبابي لكنه حي في وجدان ذاكرة اليوم الذي من سماته طرق الإسفلت وإشارات المرور والنظارات الشمسية، وسأظل غير مبال بكل ما من شأنه ينطوي على قدامة وكلاسيكية لكنني –والحق أقول– أنني في كثير من الأحيان لم افرط في استثمار لحظة الحداثة بكاملها وذلك لعوامل مجتمعة تلقي بظلالها على أي منجز فكري تشكل هذه العوامل مساحة له على الجغرافيا.

فمثلا-لا أستطيع أن امرر فكرة الشجاعة في كتابتي و استحضر لهذا المفهوم خيول وفرسان وسيوف وصياح وصهيل وبعد كل هذا احتاج أن امتلك حنجرة شديدة الوطأة كي تصيح وتصرخ بكل هذا !!، ذلك أن مفهوم الشجاعة نفسه مفهوم نشاز وغريب عن ذاكرة اليوم.. نحن في عصر يتسم بازدهار الأفق السياسي وقد تخلى هذا العصر – لضرورات التطور وارتقاء الذائقة الإنسانية عن مثل هذه القضايا – فمسألة الشجاعة والصهيل بإمكانك سبر كيانها من خلال ملاحم (هوميروس) أو معلقة أم كلثوم هذا من ناحية، من ناحية أخرى أن الصراخ انسحب من دائرة الفن وصار يمارس في (هايد بارك) أو في (الخلاء) في مجتمعاتنا اقصد أن كل هذه الأمور صارت خارج  نطاق حياتنا الإنسانية اليومية الطبيعية بالتالي فأن أي تعبير يستمد قضيته أو أطروحة من سلفية ما فإنه حتما لن يكون إلا مشوها ومرفوضا من بعد..وبل وغير صادق بالأساس ، تماما هذا ما أردت قوله.

س/ إلى أي حد يمكن للكاتب أو الشاعر أن يؤمن بمنهج الغرابة أو يعول عليه في طرح قضاياه !! ثم هل الغرابة تقليعة يمارسها أو يعيشها بعض الكتاب في نصوصهم كي يداروا عجزهم في تحقيق حالة من الإقناع عند الآخر ؟

ج/ دعني أقول أن عالمنا اليوم متحف من الغرائبية ومسرحا للا معقول لذا فمفردة (غريب) أصبحت مصطلحا طوباويا، مبهم ، نعجز عن تحديد أبعاده الفكرية والخلقية معا.. بالتالي فإن أي تعامل مع النص ..يخلو من منهج الغرائبية حتما سيكون مزيفا هذا أولا .

أما إذا اعتبرنا أن الجديد هو الغريب عن ماضيه فهنا تبدأ الغرابة ملجأ وملاذا من سيرة ظلام يركن في جعبة قاتمة مكتوب عليها بالجير إنها نتنة لا تطاق ولا يمكن لها أن تكون مقبولة إلا إذا انزوت في سياقها التاريخي و اكتفت بأن تأرخ لأيامها و لا طموح لها الآن سوى كونها شاهدة على عصرها ، هنا الغرابة تصير إضاءة هذا من زاوية ومن زاوية أخرى كون أن الغرائبية قد تشد المتلقي أو تثير لديه فضول السؤال أو حتى تجعله أحيانا يبصق على ما يقرأ هنا تنجح هذه الغرائبية في تحقيق آمان عديدة على رأسها أنها تستطيع أن تقلق راحة هذا المتلقي الكسول ! اقصد استطاعتها أن تجعله – أي المتلقي – يقوم بردة فعل دون أن ابحث في ماهية هذا الفعل المحصل .

س/ لماذا اخترت أحد الكتاب الشباب لأن يكتب مقدمة ديوانك الأول ولم تختر أحد الكتاب الشيوخ!؟

ج/ إذا قمت بصناعة مركبا وكانت صناعته موفقة ولكنك استعرت لهذا المركب مجاذيف مصنوعة سلفا من زمن ليس من زمن هذا المركب وكان هذا المركب يحمل اختلافا في آلية السير والتصميم فإن المركب حتما لن يكون بوسعه إلا أن يغرق ذلك لكون التصالح بين المجذاف والمركب لم يتم ولن يتم وفق هذه المعطيات.

س/ ما مفهومك للالتزام في الأدب ؟

ج/ الالتزام لا يمكن إلا أن يكون اتفاقا مع اعتقاد الذات الكاتبة، أما الالتزام بمعنى التصالح مع منظومة أية كانت هذه المنظومة وحتى وأن كانت هذه نداء للجماعة التي ينتمي إليها الكاتب سيكون التزام غير صادق، الالتزام إخلاص لاعتقاد الكاتب.

س/ ما هو منظارك أو رؤيتك للحركة الشعرية في ليبيا ؟

ج/ الحركة الشعرية في ليبيا تحرز تقدما ملحوظا، وهي حركة مهمة ما يعوزها التقديم الجيد وطرحها على مستوى أكبر، أقول هذا وأعلم أنه كلام يقوله ربما المواطن في حانوته لكنه الحقيقة التي لا يمكن إلا أن تقولها.. هذا من ناحية، من ناحية أخرى هناك إحباطات في مجالات إبداعية أخرى تلقي بظلالها على هذا المشهد..

مقالات ذات علاقة

الكاتب الروائي محمد الأصفر.. في الغربة تكتب كثيرا..!

حنان كابو

عادل الفورتية: “الْفُنُونُ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَفْتَحَ لَنَا مَجَالاَتٍ أُخْرَى وَقَادِرَةٌ عَلَى تَغْييرِ أَفْكَارِنَا وَمَنْحِنَا فُرْصَةِ لِتَقَبُّلِ الآخَر الْمُخْتَلِفِ عَنَّا”

المشرف العام

التشكيلية نجلاء الشفتري :عنونة اللوحة بمثابة بوابة للولوج لعالمها واكتشافه

مهند سليمان

تعليق واحد

ميلود عاشور 5 نوفمبر, 2012 at 02:07

رحمه الله تعالى وغفر له

رد

اترك تعليق