1
… مساءٌ غائم.. مُرذَّذ بالمطر.. صخرة على طرف الطريق تبول عليها الكلاب.. ثورٌ مُتملِّص.. هائج.. يَجرُّ حبلاً مُوحِلاً.. بُومة تخرج من حُطام السَّد الحجري القديم.. أخرجها هطول الأمطار فوق الخرائب.. فوق الأركان المتداعية.. ثلاثة أرغفة مُتراصِفة في التنُّور.. قصعة بها أثر عجين.. وطفل يغرف ماء البِركة بالغربال.
2
في السفح المقابل.. طريقٌ مُوحِل.. وَعِر.. ينحدر مُتعرِّجاً نحو بيت صغير مسقوف بالصفيح المتموِّج.. يُومِض على واجهته عِقْد من المصابيح الملونة.. ترنُّ في جنباته الزغاريد.
3
… نَهضت الأرملة.. غطَّت التنُّور بصفيحة معدنية.. بدأت تخطو بتردُّد ناحية العرس.. تلتفت.. تُوصي ابنها بعدم الاقتراب من التنُّور.. بينما هو يُراقب بدهشة رَشّات المطر.. تُحدِث وشوشةً فوق الصفيحة المعدنية.. وتتصاعد بخاراً حارًّا.
4
… على حافّة الانحدار الزلِق وقفت سيارات العرس.. ترجَّل الجميع.. أحاطت النساء بالعروس.. رفعن ثوبَها الأبيض حتى لا يَطاله الوحل.
5
… مع تقدُّم المساء.. كانت امرأة في ثوبٍ أبيض.. تحفُّ بها الزغاريد.. تشدُّها الأيدي.. تخطو بحذر عبر طريقٍ مُوحلٍ لَزِج.
وامرأة أخرى.. وحيدة.. تُراوِح في خُطاها ونظراتها بين العرس.. وطفلٍ يغرف ماء البِركة بالغربال.. وتنُّورٍ خامد.. وثلاثة أرغفة مُحترِقة.
(2000)