شعر

زفيرٌ مُر

من اعمال التشكيلي الليبي .. علي العباني
من أعمال التشكيلي الليبي .. علي العباني

البارحة
حين فاض السكون
في الليل
كتبت مرثيتي ..
وحيدا ..
حيث لا سواي
ينفخ عزلته في الصبر
ويبتسم للرؤى ..
شكرت تعبي على
صمتي
وأزحت عن كاهلي
هم السنين
تلك التي تقضت
في الأحلام الخاسرة
والحروب المستحيلة
كنت نظيفا
كتنفس الصبح
لم أر سوى
ابتسامة واهنة
تزخرف البال
وتعطره بالند والكافور
وكنت طيبا
حد الوجع
لم أسرق سوى حلمي
من فم الليل
ولم أتناول طعامي
منذ ماتت المدينة
وتشرش الطاعون في أطفالها
كتبت مرثيتي
لعشب البلاد
يكسو البلاد
للأقاويل تحت شجرة
المساء ..
ترشفني
رشفة .. رشفة
وتنفث في المدى
دخان حرائقي ..
لأناس
يكبرون في القلب
كلما مادت بي الروح
في الحضرات
لشجرة ..
تفيأت ودها
في الطريق
وسكرت من خمرها
حتى تبعثرت
حانية ..
كقطن رحيم
دافئة كأم ..
سأحمل مرثيتي
الآن
على كاهلي
وأعبر
نحو الضفة الأخرى
حيث لا لغة للكلام البسيط
لا لغة سوى صدمة
تتخلق في الذهن
وتسرد حنينا من الأبدية
أبيض ..
كفرحة العيد
سأحمل مرثيتي
وأغيب في الذكريات
وحيدا
صوتي تلونه الدفوف
والشطحات
أنا الدرويش الشريد
أسابق الريح
نحو المدى الشاسع
لا حدود لرؤياي
ولازمن يؤطرني ..
أنا العائد المستحيل
المضمخ بالبخور
الهائم في الحضرات
أنهكتني أحلامي حتى كأنني
صرت رملا ..
تركله الريح
تعبت من صلابتي
تعبت من الآمال
وهي تضحكني علي ..
تعبت من الكلام
حين يشيخ الكلام
ويشرع صدره للتيه ..
طريقي زفير مُرٌ
هدته المواجع
ركبت أمواج العوالم
واثقاً
يدي برق الأساطير
رأسي بركان من الوجد
وصوتي راية بيضاء
للذكرى ..
ولم تكن بمعيتي
غير السماء ..
أنا الدرويش الشهيد
سأحمل مرثيتي
فوق كاهلي
وأترك ما تبقى من رفاقي
يلعبون بالنار
يعبثون بالمرايا
وبتراب الحكايا
بالطفولة تشم الهواء
في الصباحات الباردة
يحلمون بالمستحيل
ويسيرون نحو الله
الطريق هو الطريق
سأعبره
مطلّاً على أحلامكم
سعيدا ..
مبتسما
وهادئا أبداً .

2024/29/11

مقالات ذات علاقة

من شرفتينِ على انفساحِ الأخيلَةْ

جمعة الفاخري

نصوص

آية الوشيش

لـو أنـــك

عمر الكدي

اترك تعليق