استطلاعات

هادية قانة:«بيت على قانة الثقافي» لن يطلب الدعم الحكومي

بوابة الوسط

الفنانة التشكيلية هاديه قانه.
الصورة: عن بوابة الوسط.

تحفر الفنانة الليبية «هادية قانة» الأرض المحيطة بمنزل العائلة بمنطقة «الغيران» بمدينة طرابلس؛ ليس فقط للاعتناء بالحديقة، ولكن لإرساء جذور عميقة في المكان لمسيرة والدها الفنان التشكيلي الراحل «على قانة»، لتحويل جزء من المنزل لبيت ثقافي يحتضن أعماله ويعرفها للعالم بشكل لائق.

بدأت فكرة إنشاء «بيت قانة الثقافي» من حادثة يمتزج فيها الألم بالاستفزاز تقول عنها هادية لـ«بوابة الوسط»: «بدأت الفكرة في اللاوعي، كانت دقائق بعد وفاة والدي في المجمع الطبي، أحد موظفي قسم الطوارئ قال لي: بري لمركز الشرطة في جهتكم وقوليلهم إن راجل شيباني مات (بنفس الكلمات هذه)، شعرت بالوجع المضاعف من وقع هذه الكلمات، سكت لكن كان الرد في عقلي «هالراجل الشيباني على قولتك كانت روحه شابه عندها ما تُعطي».

أثناء فترة ثورة 17 فبراير العام 2011 شعرت هادية بالخوف على أعمال والدها من التلف أو التدمير والسرقة في ظل حالة الفوضي والانفلات الأمني التي كانت تعيشها البلاد، تقول هادية «بدأت في تصوير أعماله وتبلورت في داخلي فكرة استعمال البيت كمتحف أكثر فأكثر، ولكن بقي الأمر مجرد أفكار».

هاديه قنانه
الصورة: عن بوابة الوسط.

وأضافت «من ناحية أخرى منذ سنوات كنت أفكر في تأسيس مدرسة فنون بمفهوم مختلف، أشبه لمجموعة «محترفات» قدمتها في المشروعات الصغرى، ولكن لم أستطع تنفيذ هذه الفكرة، بعد نقاش مع والدتي والعائلة اقترحت فكرة المشروع، على أن يتم استعمال جزء من منزل العائلة لعرض أعمال والدي للتعريف به، وكانت موافقتهم نقطة البداية الفعلية».

نقطة البداية

كانت أولى خطوات هادية استشارة وزير الثقافة بالمجلس الوطني الانتقالي في ذلك الوقت «عطية الأوجلي» عبر الإيميل، تقول هادية «وصلني رد الوزير فورًا برغم عدم المعرفة المسبقة، وأقترح تسجيل المتحف الذي تحولت فكرته مع الوقت لإنشاء بيت ثقافي وليس متحفًا تحت بند المؤسسة، لأن القانون الليبي لا يحتوي بندًا يخص إنشاء المتاحف الخاصة».

وأضافت «في العام 2012 بدأت في عملية إخلاء البيت وتقسيمه بمفردي وأحيانًا بمساعدة أخوتي في حال تواجدهم احتاج الأمر عامًا كاملاً، خلال هذه الفترة قرأت كتبًا ودراسات مختلفة عن المتاحف، وكونت فكرة مبدئية للمشروع تتضمن أهدافه ومكوناته، وفي نهاية العام تلقيت دعوة من آفاق للدراسة بمركز «أشكال الوان» في بيروت لمدة تسعة أشهر، وكانت هذه المرحلة مهمة لنضج فكرة المشروع بداخلي».

هاديه قنانه
الصورة: عن بوابة الوسط.

كانت فكرة المشروع أقرب إلى المؤسسة الأهلية، فعند سؤال هادية عن الجهات التي تدعمها لإنشاء «بيت علي قانه الثقافي» قالت «فكرة المشروع أهلية، أي أنها من الناس للناس، بمعنى أنا والعائلة سنقدم البيت وشغل الوالد ومجهودنا ووقتنا، ومن المجتمع (من يحب يشارك) مجهوده ووقته وتمويله».

وأوضحت «هناك من أحب الفكرة وقدم ميزانية صغيرة للمشروع لبداية العمل، ومن أوائل من قدموا هذه المساعدة المهندسة «لمياء النعاس»، أتت للمكان بصحبة مهندس آخر وقدموا لي خرائط للمنزل، المهندس «عزت خيري» تبرع بوقته واستشارته كمدير للمشروع، «لؤي بورويص» ساعد المشروع بموافقته لخوض مغامرة «الظافة المعدنية»، المهندس«زكريا المغربي» وضع لمسته في تصميم «الاظافة المعدنية» وأشرف على تنفيذ كثير في هذا المشروع، هناك مجموعة من الشباب المختصين في مجال الطاقة الشمسية مستعدون لتقديم المساعدة عندما يأتي دورهم، طبعًا ذكرت أسماءً بعينها لوصف مراحل محددة أو أجزاء من المشروع، ولكن هناك أسماء أخرى ساعدت في العمل، أصدقاء الريح (مجموعة الكايت بوردنق أو الركمجة)، أصدقاء من فيسبوك تابعوا المشروع وقرروا المساعدة سواء كان في (ستوك، زواق، شغل جبسم بورد، بناء الجدران، الحمامات، أو شغل الحدادة)، في كل مرحلة نتعرف على مساعدين كريمين بوقتهم، جهدهم أو مالهم».

محتويات البيت

يعد «بيت علي قانة» بيتًا ثقافيًا يرتكز على مجموعة أعمال وأبحاث خاصة بالفنان الراحل، وسيتم عرض هذه الأعمال بالطابق الأول من المنزل، يحتوي البيت أيضًا على مكتبة تحتوي على مجموعة من الكتب الخاصة بعلي قانة وزوجته وكتب جمعتها هادية خلال السنوات الأخيرة، وخصصت مكان المكتبة ليكون تحت قبة المنزل، من محتويات البيت مكتبة خاصة بالأطفال تحتوي كتبًا وألعابًا تربوية ومقهى ثقافيًا، وغرفة متعددة الأغراض تقول عنها هادية «يمكن استعمالها كقاعة عرض فيديو وورش عمل ومحاضرات وغيرها».

 

هاديه قنانه
الصورة: عن بوابة الوسط.

وللمحافظة على استقلال المشروع تقول هادية «لحماية هذه الاستقلالية وللمحافظة على (النكهة الأهلية) للمشروع، لم ولن أطلب دعمًا من أي جهة حكومية، أفضل (جميل هو جميل) المجتمع وأصدقاء المشروع
فبيت علي قانة يعتبر مركزًا ثقافيًا، مكانًا تربويًا تعليميًا قبل كل شيء، وسيحتضن النقاشات الثقافية ورش عمل والبرامج ثقافية المتنوعة والهادفة».

وعن الموعد المرتقب لافتتاح هذا المشروع الثقافي أوضحت هادية «من الصعب تحديد موعد مع الظروف الحالية خاصة، المشروع يعتمد على التمويل العام، ولكن سيتم تنظيم بعض الأنشطة في البيت قبل إنهائه، فقط نحتاج للانتهاء من مراحل محددة قبل أن يكون في المكان تنظيم أنشطة في المكان».

وأما مخاوف العمل في المجال الثقافي في مدينة طرابلس، بعد حادثة اعتقال عدد من منظمي مهرجان «كوميك كون» في الثالث من نوفمبر الجاري، تقول عنها هادية «ليس لدي تخوف أو أحاول تتبع ما يحدث ودراسة الموقف لتفادي المشاكل المستقبلية، على أي حال (نشتغلوا حسب الظروف زي عود الخيزران، ننثني ونميلوا لكن نبقوا) ونواصل المسيرة.

هادية علي قانة مواليد طرابلس العام 1973، درست صناعة الخزف والزجاج في جامعة طرابلس، وتحصلت على شهادة الماجستير في صناعة الخزف من معهد جامعة ويلز، بمدينة كارديف البريطانية العام 2005.

درّست هادية مادة الفنون والخزف للطلاب حتى العام 2009 قبل أن تنتقل للعمل على مشاريع التخطيط المدني في ليبيا، في العام 2010 مُنحت هادية إقامة فنية في أمستردام بهولندا، وشاركت أيضًا في إعادة تصميم الجناح الليبي في «إكسبو» شانغهاي في نفس العام، كما تم عرض أعمالها في كل من مالطا وفرنسا وهولندا والمملكة المتحدة.

مقالات ذات علاقة

الشاعر الليبي هل ظلم قصيدته أم ظلمته بيئته ؟

مهند سليمان

الإعلام في ليبيا بعد الثورة بعيون شابة

المشرف العام

أدب ليبي جديد نشأ في حال من الحصار الداخلي

المشرف العام

اترك تعليق