غلاف رواية ديجالون. للكاتب: المختار الجدال.
سرد

رواية ديجالون – الحلقة 16

غلاف رواية ديجالون.
للكاتب: المختار الجدال.

-18-

كان الحنين يشدني إلى الوطن كنت عندما استلقى للنوم أو للراحة أجد الوطن أمامي واسأل نفسي لماذا كل هذه الغربة الطويلة؟؟ ومن أجل من ؟؟ ولماذا ؟؟ وعندما ألتفت لأولادي شعرت بأنهم بحاجة إلى وطنهم فلماذا أحرمهم من العودة إلى الوطن ؟؟.

اتصلت بالسفارة الليبية بلندن في منتصف سنة 2007 وطلبتم منهم إصدار جوازات سفر للعودة إلى الوطن، ردت على الهاتف امرأة كلمتني بلكنة سودانية، كان ردها جلفا ومتصلفاً قالت لي تغيبين كل هذا الوقت وتطلبين العودة إلى ليبيا الآن واستخراج جوازات في أسبوع .

لا أخفيكم أنني خفت وانزعجت من رد الأخت السودانية وقلت بيني وبين نفسي وهل عجزت ليبيا إلى هذا الحد حتى تكلمني سودانية باسم ليبيا وتنهرني وتجرحني فكرت للحظة وبقدر ما كان الجرح عميق بقدر ما كان التصميم على العودة أكبر وأعمق.

قلت لها أحب أن أتحدث مع أي شخص يكون ليبي فتحدثت مع سيد يدعي محمد الأسطى ويشهد الله إن هذا الرجل هو من كان وراء عودتي إلى وطني فهو من ذلل لي كل الصعاب حتى العودة.

اتصلت بعد فترة فقالوا بأنني ممنوعة من العودة إلى ليبيا ولكني اصريت على دخول الوطن وأصبحت المسألة مسألة تحدي طلبت مقابلة السفير الليبي، وتوجهت إلى السفارة وهناك قابلت شخص آخر يدعى عادل أبوراس وجه إلىّ بعض الأسئلة.

عرفت إنه تحقيق مبدئي أخبرتهم بأن الأمر الآن تغير إن من تبحثون عنهم أصبحوا في خبر كان فهم متشردين في شوارع مدن العالم يشربون الخمر في الحانات والخمارات ويعودون آخر الليل يتأبطون بنات الليل، فلم يعودوا يحملون فكراً هذا إذا كان لديهم في الأصل فكر يخيف.

هم الآن في فراغ مميت فا ألحقوا بهم وأنقذوهم من براثن الجريمة والمرض والقهر الذي يعيشونه وهم أغلبهم نادمون.

كان لكلماتي وقع مؤثر على الرجل الذي أنصت إليّ باهتمام شديد ثم نظر نحوي بعمق وقال لي إنشاء الله خير وبعد يومان فقط أتصل زوجي فاخبروه بالرفض، بكيت بشدة وصرخت ولكن بعد عشرة دقائق فقط أتصل بي موظف السفارة ليعلمني بالموافقة على دخولي ليبيا لقد كان في الأمر خطأ ما، وطلب مني إحضار الأوراق.

ذهبت في اليوم التالي إلى السفارة وكان استقبالهم رائع والابتسامة تعلوا الوجوه ويبدوا إنهم عرفوا ما كان من السودانية أو خطاء الموظف في إبلاغنا بعدم الموافقة، فرحت جداً بما وجدته من أعضاء المكتب خاصة القنصل العام ( مها عثمان ) كانت امرأة رائعة بمعنى الكلمة كان حديثها معي رائع وتكلمت معي بشكل ممتاز وطمنتني بأنني سوف أعود للوطن قريباً.

عندما تحدثت مع الأخت السودانية قلت لها أقسم بالله العظيم بأنني سأعود للوطن يوم 16/8 لقد حددت هذا التاريخ ولما سألوني لماذا هذا الموعد أجبتهم بأنه تاريخ عيد ميلادي وأحب أن أكون في ليبيا خلال هذا التاريخ.

ساعدني الجميع في إصدار جوازات سفر جديدة لي ولابنتي الكبرى أما باقي الأطفال فاتفقت مع السفارة إنه بإمكانهم زيارة الوطن بجوازاتهم الإنجليزية، وسلموني الجوازات وطلبوا من أن أزغرد فقلت لهم سوف أزغرد في بنغازي.

أعادوا لي المبالغ التي دفعتها كرسوم وقالوا هذه هدية من السفارة كنت في القنصلية الليبية أصعد مع السلم جرياً وأعود جرياً كنت أصرخ وأبكي وأضحك في آن واحد كانت الفرحة تغمرني.

نظرات الدهشة لموظفي القنصلية كانت تلاحقني أقول لهم إنكم لا تعرفون ما حدث لي ولا تعرفون قيمة أن تغترب عن وطنك عشرون عاماً لا تعرفون قيمة أن يسمح لك بالعودة إلى بنغازي.

وخرجت أحمل الفرحة بين ضلوعي وأحمل جوازات السفر الخضراء في يدي وأحمل ذكرى طيبة من معاملة أعضاء القنصلية الليبية في لندن، وفي محطة القطار في طريقي إلى مانشسستر أصبت بالهذيان كنت أحكي مع المارة ومع الباعة المتجولين مع كل من يقابلني سأعود إلى ليبيا سأعود إلى ليبيا وأبكي وأصرخ، كانوا يعتقدون أنني مجنونة كانوا يضحكون مني.

كنت ابكي بكاء فرح ولكن في داخلي كنت خائفة مرتعبة، أقول لنفسي بأنني سأدخل ليبيا ولن أخرج منها، كانت الفرحة والخوف عندي متلازمان، وإنه لا فرق بين الفرح والخوف.

كنت أخاف من أولادي أن يصطدموا بثقافة غير الثقافة التي جبلوا عليها في المجتمع الإنجليزي لأنهم يحملون أفكار وثقافة غير الأفكار التي يحملها المجتمع الليبي، هل يا ترى سوف يرى أبنائي بنغازي؟.

جالت كل هذه الأفكار بخاطري طيلة الفترة التي سبقت عودتي إلى أرض الوطن، لم أعرف طعم النوم كنت أرى أحلام مزعجة، ولا أخفي عليكم عشت متوترة.

حجزت تذاكر العودة وتجهزت للسفر، صعدت الطائرة كنت أرتعش لم أتمالك نفسي وطالت الرحلة لم أكن أتوقعها بعيده كل هذه المسافة.

حطت الطائرة في طرابلس أذن أنا في طرابلس بعد عشرون عام أنهيت إجراءات الدخول بسرعة لم يسألني أحد لم يوقفني أحد أنا في طرابلس أبكي وأضحك وأحضن كل من ألتقي به أحضن ضابط الجمارك وضابط الجوازات وأحضن هواء بلادي التي غادرتها بلا معنى بلا هدف.

وجدت أهلي في مطار طرابلس في استقبالي والرحلة إلى بنغازي في اليوم التالي ذهبنا إلى الفندق في وسط العاصمة لم أنم ليلتي تلك كنت طيلة الليل أقف في شرفة الغرفة حتى الصباح كان والدي ينام في الغرفة المجاورة.

وفي الصباح توجهنا إلى بنغازي وبعد ساعة كانت الأطول في حياتي حطت بنا الطائرة أبكي وأضحك… أصرخ وأزغرد…. وعلى أرض المطار سجدت سجدة الشكر لله الذي يسر أمري وأعادني إلى وطني.

استقبلتنا بنغازي بأهلها وشوارعها وأزقتها لم نذق طعم النوم ليالي طويلة يزورنا الجيران والأصدقاء، كنت أفكر بما سيحدث لأطفالي ولكني فوجئت بأنهم يرفضون الخروج من ليبيا والعودة إلى إنجلترا.

بين بيت والدي وبيت أهل زوجي عشت أيامي الأولى بعد عودتي ومع مرور الوقت بدأت أشعر بقلق من العبء الذي وضعت فيه أهلي فيه فالمصروفات زادت عليهم وأصبحت أراهم يتضايقون حتى وإن لم يصرحوا لي بذلك.

ولكن كنت أخرج من البيت صباحاً لإنجاز بعض الأعمال الإدارية… تسجيل الأولاد الغير مسجلين بكتيب العائلة وبعض الإجراءات الإدارية الأخرى.

وتقدمت بملف للحصول على بيت بمدينتي التي أحببتها ولكن لم تجرى الأمور مثل ما كنت أتوقع فقد تكسرت الأحلام التي بنيتها في مكاتب البيروقراطية وإجراءاتها الطويلة والمعقدة.

وبعد صراع طويل مع الإجراءات قررنا العودة إلى بيتنا في الغربة بيتنا في المهجر بعد أن عجزنا عن إيجاد مأوى في الوطن وبعد أن ذهبت الوعود أدراج الرياح.

عدنا إلى مانشستر وسارت حياتنا طبيعة حتى قرر زوجي العودة إلى بنغازي عن طريق مصر ورافقته في الرحلة بنتان من البنات.

وفي الإسكندرية سكن مع البنات في شقة أحدى صديقاتي يرافقه صديقه وشاهدتهم صديقتي وهم يعودون في وقت متأخر من الليل ترافقهم امرأة مؤمس من نساء الليل.

 

اقرأ: رواية ديجالون – الحلقة 15

مقالات ذات علاقة

صديقي بركاى هامشيمي

المشرف العام

رواية: اليوم العالمي للكباب – 3

حسن أبوقباعة المجبري

رواية الزئبق

فتحي محمد مسعود

اترك تعليق