من أعمال التشكيلية الليبية .. مريم العباني
سرد

صديقي بركاى هامشيمي

شكري عبد القادر ميدي أجي

 Maryam_Abani_10

عرفته صغيراً. كان مثلا حياً على العزلة بيننا. محاطاً بالكتب و الأحلام الغريبة. لم نفترق قط في صغرنا. كنا دائماً معا، أخبر الآخرين بنشوة بالغة بأنه صديقي. فهو مثل القادة العظام لديه رهبة مدهشة، مجرد جلوسك معه يمنحك إحساسا بأنك في حضرة شخص عظيم. حتى الكبار كانوا يحترمونه و يعاملونه بوقار كبير. لم يكن قط صغيراً إلا في مظهره. أذكر بأنه قال لي في إحدى رحلاتنا الطويلة عبر الأحياء الداخلية – وقتها كان يتبع نظاماً غريبا في المشي الدائم، نهاراً و ليلا. قال لي ” أنا لا أريد أن أشبه أي شخص، أريد أن أكون كما أرداني قدري أن أكونه “. عندما أتذكر هذا أقول لنفسي: كيف لمراهق في الخامسة عشرة أن يفكر هكذا؟ في البلدة الصغيرة التي كنا فيها لم نكن نعرف سوى ما يجول حولنا من لعب وركض وراء الفتيات. بركاى كان صرخة في وجوهنا. إنه عدو البلدة كلها. عدو منطقتنا و أحلامنا و حتى أرواحنا الهشة. هو لا ينكر شيئاً من هذا ” صديقي الوحيد هو العجوز الوحيد الذي تكرهونه ” نحن كنا نعرف بأنه يكن وداً لعجوز آتى من تجرهي يدعى أدم أنري، من سلالة شيخ أنري. نعرف جيداً بأنه يرى كل أهل البلدة صغاراً لا يعتمد عليهم، أهل البلدة لم يكونوا يرونه إلا كشخص غير مفهوم، يخشون غضبه الذي لم يروه قط. كان يحظى باحترام لا يمنحه لأحد. العزلة كانت قدره.

في ظلامه الفكري تكشف له على نحو راسخ بأنه في منطقة لا بد أن يتعثر في كل خطوة يخطوها. مسافات طويلة ملغومة بالحزن و الألم و بلحظات سخيفة تماثل تلك التي رآها سابقاً تحدث للآخرين، تمنى دوماً و بكل قلبه أن لا يكون مثلهم. لكن للقدر لعبة أخرى صغيرة معه في ذات الفكرة. لقد فعل كل ما تمنى ألا يفعله. كان يظن بأنه لن يكرر أمراً قام به غيره. عندما اكتشف ذلك الجرح الصغير في إصبعه الخنصر الأيسر. قال له خاله بأن لوالده نفس الندبة الصغيرة. كنا معاً في تلك اللحظة. رأيت بأم عيني ذلك الألم الذي ظهر على وجهه. قال لي فيما بعد بأن الأمر كان مفاجأة بالنسبة له. أن يشبه والده حتى في جرح صغير. أخبرني بأنه قضى وقته محاولاً الابتعاد بتصرفاته عن والدته و أخواله. لم يحسب حساباً لوالده الشارد أن يؤثر فيه. كان والده قد هجر زوجته تاركاً بركاى و هو صغير عند أخواله. والدته أصيبت بالجنون بعـد شهر من العـزلة القاسية. و عمل بركاى عـلى نفسه مـنذ العاشرة حتى لا يشـبه أحـداً مـن هـذه البـلدة ” تازر “. يبدو بأنه تحت وطأة هذا العمل المرهق نسى والده تماماً. الندبة كانت إنذارا مرعبا. إنه لم يكن يذكر متى أصيب بها. هل كان جرحاً أم كان في إصبعه منذ الصغر؟ لم يكن يفهم الأمر مطلقاً. لأيام ظننته بدوري سيجن. و لكنه عاد إلى التحدث عن الكتب التي يملكها: حكمة الغرب ، الشيخ و البحر. مرة قرأ كتاباً من 500 صفحة في ليلة واحدة ، رواية ديستوفسكي: ذكريات من منزل الموتى. كان يتحدث عن مشاعره المختلطة و عن حبه لتحرر في الفن الغربي و إن التقاليد ليست سوى أوهام. كان يرسم لنفسه شركاً منذ الطفولة. أجاري أفكاره، أحيانا لا أفهمه أبدأ، أعجز عن مجارته فأهز رأسي مستغرباً أي شيطان هو صديقي! مرة أخذت أحدى أشعاره الطويلة إلى أستاذي الذي قرأها على كرسيه بهدوء و إمعان و عندما انتهى منها قال بتأثر غريب: هذه كتابة شيطان رجيم. كانت أشعاراً مدهشة و منحلة تماماً. حاولت جاهداً فهمها. فيما بعد بدأت بفهم تلميحاته ورموزه، في كل لحظة أتذكر جملة منه أو كلمة أو حدثاً كاملا لنا معاً فابتسم من قلبي لأني فهمته أخيراً. بعد ذلك بعشر سنين، أثناء دراستي في الأدب الإنجليزي كتبت قليلا من شروحاته عن نفسه. قابلته في بنغازي أوائل عام 2005، كان قد وصل لشركه التام، أصبح مثل الشيطان، نحيلاً و يبعث على التساؤل. أستاذي استدعني و سألني عن موضوعي القصير الذي كان ملخصاً في صفحتين لحكاية حدثت بيني و بين بركاى. قلت له إنها فكرة من أحد الأصدقاء، فطلب مني التعرف عليه، لم أكن استطيع أن أقدم له شيئاً.

بركاى كان قد ترك ليبيا.

بسبب تلك الندبة دخل إلى الأدب الظلامي المريض، صار يتحدث بثقة عمياء عن خطط القدر، و التفاهات التي تأتي نتيجة خطأ أخلاقي. أو عقد نفسية جراء فعل لا إنساني. الانحرافات الفكرية أصبحت لعبته المفضلة . رواية مثل الحرم لفولكنر و كثير من المرضى النفسيين والعجوز أنري المعروف بين التيدا بأنه اكبر منحل عرفته الصحراء. صديقي كان محاطاً بالإلحاد. كانت شخصيته ضائعة بالأساس فحرمانه من الجو العائلي و الكراهيات المنتشرة وسط عائلته بين أخواله و أعمام أخواله و الزعامات المتواجهة دائما في سيل لا ينتهي من المشادات الكلامية و التهم التي لا ترحم لأفراد من عائلته. هذه الأمور خلقت منه شخصاً يكره كل شيء له صلة بالبلدة أو أفكار البلدة، منها مرضه المدمر حيال التقاليد، إنه على كل حال شخصية متمزقة بين عالمين: أحلامه و كوابيسه. ذلك التمزق أعرفه الآن جيداً. فمعرفتي به جعلتني أكتب هذه الصفحات. فالكلمة التي علقت في ذهني أكثر من سواها من كلمات بركاى كانت ” كنت أشعر دوماً بكلماتهم تنسلخ عن جسدي و روحي ” وقتها كنا نتحدث عن بورخيس و أحلامه الغريبة. و بالأخص حلمه المرعب حينما يجد نفسه في منزل من طابقين خالي من النوافذ و الأبواب، مظلم حتى بالنسبة لشخص أعمى و بإحساس الرعب يتحسس الجدران و كأنه يبتعد عن عدو يلحقه من داخل إحدى الحجرات. كنا في كورنيش بنغازي، ونحن على بعد ألف كم من أقوى سلطة لمراقبتنا، كنا قادرين على أن نسهر حتى الفجر مع أجمل فتيات في الحفلات السودانية الصاخبة. كنا قادرين حتى على تحقيق أفضل ليالينا الشبابية دون خوف من رقيب. و لكن بركاى كان زاهداً كبيراً. قال و هو يحدق إلى الأفق المغبر: “أشعر بأني مطارد على الدوام، ثمة قدر يلاحقني” حكى لي حلمه مرة أخرى: كلاب شرسة تطارده عبر الأحياء، السماء تمطر في الصحراء بوسعه أن يشتم رائحة التراب المبتل، و لكنه يركض بخوف ليصل إلى صحراء مبتلة الأرض، رائحة زكية و خوف.

” هل تصدق أمراً؟ ” ظننته سيتحدث عن موضوع الأحلام حينما قال: ” هل تعتقد بأن الله يخلق قدراً مشابها؟ كأني نسخة واحدة لكل الأخطاء البشرية ” كان سؤاله مباغتاُ، فقلت: أتعني سوء الحظ؟. لم يكن يعني سوء الحظ. لم يكن يعني أي شيء ضمن نطاق تفكيري. كان كعادته يحلق بعيداً في سموات خلقت لأشخاص معينين، فقط لأجلهم. إني أتصوره دوماً أقرب إلى المعذبين الذين أحبهم على الدوام: دويستوفسكي، كازانتزاكي. شهاب من زمن أخر إلى مكان أخر. شهاب يسقط مشتعلا.

بالرغم من جهلي و عدم معرفتي الحقة عما يحدث في داخله إلا إنني كنت صديقه الحقيقي الوحيد من البلدة. أحياناً كثيرة أشعر بأنه يعتبرني جزءاً منه، من شخصيته المعقدة. في الحقيقة أنا أيضاً أشعر بأنه لدى نفس الإحساس تجاهه، فعندما ترك البلدة بعد سنوات غرقت في دوامات من الوحدة، كانت صداقاتي الأخرى على غير مستوى الجيد لم أكن قادراً على التفاهم مع الآخرين لذا بدأت أعي عزلتي الشخصية، بدأت أرى ما يربط بين الناس من أمور غير صحية، رأيت بوضوح تلك التفاهة التي يتحدث عنها بركاى.

قضيت أغلب وقتي على أمل اللقاء به مرة أخرى. لسنوات و أنا أبحث عن لحظة واحدة تجمعنا. لم أعد أستطيع البقاء دون التفكير فيه، الأسئلة و الأحلام بدأت تتكاثر في ذهني، الرؤى عن القداسات و المجتمعات المحكومة بالأفكار الهجينة المدمرة الناشئة نتيجة حياة قاسية و انغلاق فكري محكم. صديقي بركاى لم يكن مجرد شخصية أخرى، إنه حالم حقيقي مصاب بالمرض القديم نفسه: المرض الذي يجعله مفعماً بالأفكار، الطموح في صدره لم يكن له حد. إحدى جمله القاطعة عندما قال لي بكل إيمان: ” لم يعد ثمة مقدس على الأرض، كلنا سواء، ثمة إله خلقنا و تركنا هنا على الأرض، لم هناك أشخاص مقدسون؟ لا أحد مقدس “. يقول لي في تلك الأيام بأن لديه تصورات حول ليبيا. أنا لا أفهمه، أقول: ما هي؟ يتحدث بحماس عن مكتبة يود إنشاءها، عن تشعب حقيقي في المستقبل لربط البلاد ببعضها في الحقيقة بدل الوهم الذي نحن فيه. عن أفكار تجعل من الإنسان جزءاً كبيراً من حركة ثقافية تضع في أذهانهم بأنهم ليسوا محكومين من الاقتصاد أية لحظة أخرى. يقول لي إن الزمن الاقتصادي طوال العصور دمر الإنسان من الداخل، في كل الحضارات القديمة قتل الاقتصاد روح الدين. يقول في غمراته الحماسية الكثيرة، حتى الدين بلا ثقافة حقيقية لا يعني شيئاً، علينا أن نعرف كيف تتحرك الأفكار في أذهاننا، أن نفهم مدى الارتباط بين تلك الأفكار و الشعوب. أن نمنحهم القدرة على الارتقاء بأنفسهم أخلاقياً. يحدثني أيضاً عن الفن وأساليبه الكثيرة. أنا لم أكن أفهمه على الدوام. كانت أفكاراً ضبابية لا يفهمها سوى شخص مثل بركاى. كنت قد قضيت وقتي في دراسة الأدب و الفلسفة و السياسية، في داخلي كنت أعد نفسي لشيء يزمعه بركاى، ظننته أمراً عظيماً. عنوانه تلك المكتبة التي لم أفهم معالمها و رمزيتها قط. كنت متأكداً بأنها تعني شيئاً في لغة صديقي. تعمقت في الأمور الروحية عبر التاريخ، درست القصص الرمزية وإنشاء الحركات السرية و اللغات المنقرضة التي تستخدم كلغة تواصل بين الشركات العسكرية الخاصة بتدريب الجواسيس. كنت على استعداد لمقابلة إبليس بنفسه لتعلم أسلوب الحديث العالمي، في بعض المواقع ثمة مقالات عن تاريخ علم السرية، مواقع سيئة السمعة مثل” العالم المأخوذ و السياسي المجنون” المنشورتان باللغة الايطالية و بعض المواقع الأخرى و التي تتحدث عن لقاءات غريبة في التاريخ بين الشيطان و بعض الأفكار التي حاربتها الديانات القديمة. مواقع أنشأها رجال عرفوا الحقيقة الجديدة و التي غالباً ما يصفها المؤرخون بالحقيقة البشعة كما يرد بوضوح في الموقع الأمريكي ظل المراوغ. الأحاديث و المحاضرات السرية عن الكاهنات و بذورهن في بعض الفلاسفة الكبار. كنت أشعر بأن بركاى وضع قدمه عبر كل هذه البقاع. لماذا الحديث عن أساطير أوليمب و الآلهة المنقرضة في الصحاري الليبية. لماذا دراساته اللاهثة عن الصورة الهوليودية الجديدة؟ كنت متأكدا بأن بركاى يزمع فعل شيء ما بكل هذا التراث . كنت على استعداد له: أنا الآن أؤمن بأنه لا أحد مقدس ، بل أؤمن بأنه حتى الأفكار ليست مقدسة.

قبل سنتين سمعت بأن احدهم ينشأ برعاية منظمة ما، جمعيات في أفريقيا. بدأ في تشاد والنيجر و كاميرون و جنوب أفريقيا و في بعض المدارس الفنية التي تدرس السينما و الرقص. جمعيات عالمية تمارس مهماتها بسبع لغات لا تكتب. كان مصدري دكتوراً في التاريخ خرج لأحدى المؤتمرات إلى روسيا فقابل شخصاً هو دكتور لبناني هناك أخبره بأن ثمة ليبي يتزعم فروع جمعية سرية تُنشأ في أفريقيا يعتقد بأن لها جذوراً سياسية. و في بعض مناطق الجنوب سمعت عن مشروع مكتبة كبيرة سرية تقام أثناء الاحتفالات. أخبرني بأن المشاريع العالمية كثيرة في المنطقة طوال عشرين سنة لاحقة. مشاريع عسكرية من الطراز الأول. قواعد ومصانع للأسلحة و قوة أخرى غريبة لا شكل لها تنشئ معسكراتها الخاصة لمحاربة عدو لم يهبط بعد في المنطقة, سألته مأخوذاً: أتعني أمريكا؟ لا أعلم. قال الدكتور. في روسيا ليس ثمة شيء مفهوم، إنهم لا يرون أبعد من منطقة الجليد. اللبناني لم يخبرني سوى عناوين. أخبرني صديقي عن مخططات واسعة من دول كثيرة: أوروبية و ذكر الصين، ما فهمته بأن ثمة شركات كبيرة تحاول صنع منطقة جديدة. عندما سمعت هذا الحديث شعرت فعلا بأني أعمل في المكان الخاطئ. هل غير بركاى من أفكاره. أم إنه ضمن من يعدون للمـلاقاة الشركـات– العدو؟ لأول مرة شعرت بأنه غير مفهوم بالنسبة لي. لم أكن قادراً على تحديد جانبه. كيف تحدد جانب شخص لا يؤمن بالأمور المقدسة، بالأمور المطلقة. لا يمكنك أبداً، فأنا أعرف نفسي. إن الاتجاهات المحددة كذبة كبيرة. و لكن إن كان الأمر كذبة فلم أحاول أن أعرف مكان بركاى؟ ظننتني لسنوات غير مؤمن بالمقدسات. إني أقف عاجزاً عن الفهم. رؤيتي غـير المحددة لم يجـري حولي من أسرار. أحاول وحيداً حل بعض الألغاز من مقابلاتي القديمة مع بركاى. في بنغازي سنة 2005 كان يرسم خطوات حياته بعصبية شديدة، صحيح إنه أتهم بسلسلة جرائم قتل لم يثبت أنه إرتكبها، لكن تلك العصبية الغريبة كانت أمراً فيه. كنت أراقبه بصمت و هو يتحدث عن بعض الكتابات القديمة و يتحدث عن روايات الكوني بشكل غريب: إن فيها رموزاً لعالمي: إن الكوني رغم هدوئه يملك طبائع رجل عنيف. و إلا ماذا أخذ عن الروس ؟ ماذا أخذ عن نيتشه؟ في رأيه إن تلك الروايات الكثيرة تحكي عن الطمـوح المثير للعالم يبنـى بهدوء. حيث لا ينتهي الرجل إلا بطلا و شبه شيطاني، كجائع روحي. يسكن في غرفة واسعة مفروشة بفراش إيراني مميز، كان يفتخر بأنه يمتلك مثله ، رغم إنه بدا قديما قليلا فإن فيه بعض الروعة للعين. و الكتب الكثيرة و بعض الألبومات الغربية و الأفلام الكلاسيكية من طراز: ” مكان في الشمس” و الحديثة كـ ” عصابات نيويورك “.

– ماذا تريد أن تفعل في حياتك؟ سألني بهدوء. فأجبته :

– أريد أن أجرب الكتابة بلغتين. قلت هذا راغباً في إثارة إعجابه. لكنه فضل صمت .

وقتها كان يتحدث عن الفن و الموسيقى و صناعة الأفلام، كان مؤمناً بدرجة كبيرة بأخلاقيات هوليوود، الصورة العظيمة التي ترسلها للعالم. الانبهار الشديد و الرغبة العميقة في العيش في عالم كامل للأسلوب الهوليودي المثير. لم يكن يبحث عن النجومية، بل صناعة النجوم. كان عائقه الوحيد هو إحساسه الثقيل بأن القدر رسم اتجاهاً معاكساً لما يتمناه لنفسه. كان يريد حركة ثقافية عميقة في منطقة الصحراء. حسب رأيه إنها منطقة اندحار الحضارات العالمية عبر التاريخ. في لحظات صمته تلك لم أعرف مطلقاً ما فكر فيه. ربما عرف بأنه موضوعي الأكبر، هو و أحلامه التي عشتها منذ الصغر حتى إنني أظنها أحيانا أحلاماً تخصني، كأنني أنا لست سوى بركاى نفسه سمعت تلك الأخبار بعد خمسة عشر عاماً و نحن الآن على مشارف عام حاسم ، و العالم ينظر إلى منطقة الصحراء و يبدو إن الوضع ذاهب إلى الانفجار. ثمة جمعية أوروبية مشتركة طلبت مني بحثاً عن الأوضاع في المنطقة. أنهيت بحثي. سأسلمه بعد شهر إلى المؤتمر الذي يجمع كبار الباحثين عن التاريخ الشفوي القديم، تاريخ شفوي للغات لا تكتب. بالأمس تلقيت مكالمة من رئيسي المباشر يسألني عن شخص يعتقد أنه من بلدتي، قال بأن أسمه: فاضل خميسي. قلت: بأني لا أعرف شخصاً بهذا الاسم. أغلقت السماعة و أنا أفكر في بركاى هامشيمي. فـ: بركاى يعني في لغة التيدا : البركة– الفضل، هامشيمي يعني ابن خميس أي: فاضل خميسي، هل هو بركاى باسم مستعار؟ شعرت بشيء من السعادة، فقد أحسست كأني اقتربت منه.

_________

تازر هي اسم الكفرة بلغة التبو.

التيدا هم قبائل التبو.

مقالات ذات علاقة

على الدرب نفسه الذي امتشقني مراهقاً

المشرف العام

من رواية ”الأطياف الناطقة“

خيرية فتحي عبدالجليل

طماطم حكيّة وقطن وفراغ

آمال العيادي

اترك تعليق