“إلى الحزن الساكن في عيون الوطن ترقباً لفرح قادم”
د. سعدون السويح
يدعوني الربيع الوليد إلى أن أتحمس لمولده فأعتذر بأنني ماعدت أتحمس لولادة الأشياءْ.
تدعوني القصيدة إلى أن أطارحها الشعر فأعتذر بأنني صرت عاجزاً عن فعل الكتابة.
تدعوني النوارس إلى أن أحلّق معها فأعتذر بأنني لا أعرف فن الطيران.
يدعوني البجع البحري إلى أن أراقصه على أنغام “تشايكوفسكي” فأعتذر بأنني لم أكن يوما راقص باليه.
يدعوني البحر إلى أن أغمر جسدي بمائه فأعتذر بأنني أخشى البلل.
تدعوني الشمس إلى أن أغتسل بضوئها فأعتذر بأنني أخاف أن يعشي الضوء عينيْ.
يدعوني القمر إلى أن أؤنس وحدة ليله فأعتذر بأن السهر ضار بصحتي.
يدعوني أبونواس إلى أن أعاقره كأسا من الشعر، وأن نستمع إلى قينة تنشدنا: دع عنك لومي فإن اللوم إغراءُ، فأعتذر بأن الشعر والغناء ممنوعان بأمر هولاكو.
يدعوني المتنبي إلى أن نمتطي جواد الشعر بحثاً عن زمن آخر.. عن قصيدة مكابرة تختار بحرها وإيقاعها وتكتبنا قبل أن نكتبها، فأعتذر بأن جميع جياد الشعر مضربة عن العدو وعن الصهيل.
تدعوني طرابلس إلى أن أصطحبها كي نحتسي معا قهوة المساء في “برج أبوليلة” فأعتذر بأن الافا من الأميال تفصلني عنها.
أغفو متعبا على أنغام “الصبا”
يوقظني طيف طرابلس من غفوتي
يتأبط ذراعي ويصطحبني إلى “مقهى الحزن”..
نرتشف معا فنجاني قهوة سوداءْ..
أغمض عيني قليلاً..
تنهمر نوبة مالوف طرابلسية: دمعي جرى..
يهتف الطيف: اشتدي أزمة تنفرجي..
ويغتسل بوابل من الأفراح قلبي!