ليبيا المستقبل (حوار: رباح الزبير)
الكاتبة نجوى بن شتوان مبدعة تميزت برهافة الإحساس فنقلت الوجع الساكن في التاريخ والجغرافيا في كتابات تميزت بالمواقف الجريئة التي تًنبع من عمق الروح فتوقض في النفس حقائق ظن البعض أنها شاخت مع مرور التاريخ… رحلة اليوم تجوال في مسار ادبي حافل بالألق وبالسرد الجميل تضئ بجمر حروفها المكان لتطرد ذئاب الليل في وقت يفتن فيه الكثيرون بالدخان وينشغلون عن النار يغوصون في البريق ويتوهون عن عشق الاشكال… العقل عندها خطوة والمنتهى ادراك المعنى بسفر الروح إنطلاقاً من أن القراءة تصنع إنساناً كاملاً، والمشورة تصنع إنساناً مستعدّاً، والكتابة تصنع إنساناً دقيقاً… انها الأستاذة الجامعية والقاصة والروائية نجوى بن شتوان… تكتب المقال… والمسرحية والرواية والقصة القصيرة… لبصمتها عنوان اسمه جُرأةُ الطرح فهي تمزق بحروفها أكفان الصمت وتتسائل دائماً لماذا لا يستطيع الإنسان أن يحيا دون دم؟ ليعيش وقتًا سعيدًا طيبًا؟ تروي بغيمتها الماطرة إبداعاً أرض المعنى لتروي سنابل الحب الوليدة ،وتفشي أسرار السراب… نجوى بن شتوان فارسة الكلمة تمسك باللحظات الهاربة وتنقلها بلغة جميلة وسرد مشوق للقارئ فيرحل معها في طواف ملئ بالصور الجميلة حينا والصادمة احيانا أخرى وتعطي للمكان علاقته بالزمان والإنسان، أطلقت صرخة الحياة الأولى في مدينة اجدابيا وفيها نالت تعليمها حتى الثانوي، عادت الى بنغازي لبيت العائلة الثاني لاستكمال مرحلة التعليم الجامعي… تمكنت من ملكة الكتابة في سن مبكرة رغم نشأتها في بيت تخيم عليه الأمية وكأن القدر يقول نجوى ولدت لتكتب… وعن طريق إستعارة الكتب من زميلة لها تعرفت على الأدب العالمي فصقلت موهبتها باطلاع واسع لكنه ايضا لم يبعدها عن الواقع الذي لازال يعتمل فيها وتناجيه في كل لحظة رغم أنها الآن تعيش على الضفة الأخرى للمتوسط (ايطاليا) تستكمل دراستها العليا واطروحتها حول تجارة الرقيق.
وفي سياق التواصل مع الاديبة نجوى بن شتوان وفرت لي وسائل الإتصال الحديثة عبر الشبكة العنكبوتية فرصة اللقاء بها بعد صدور روايتها الأخيرة “زرايب العبيد” عن دار الساقي ورشحت هذه الرواية لأن تكون من ضمن الروايات المرشحة لنيل الجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) والتي حدد لها يوم الخميس، السابع والعشرين من أبريل القادم فى احتفال سيقام فى أبوظبى، عشية افتتاح معرض أبوظبى الدولى للكتاب.. ونحن نخوض التجوال في رحلة الابداع المرصعة بنفائس الشعر والرواية والقصة والمقال من نتاج ادبي لها مثل “ديوان الماء في سنارتي” ومسرحية “المعطف” التي فازت بالجائزة الثالثة لمهرجان الشارقة عام 2002 وفازت روايتها “وبر الأحصنة” بجائزة مهرجان البجراوية الأول للخرطوم عام 2005 وصولاً الى رواية “روما تيرميني” و”زرايب العبيد”.
– نود ان يأخذنا منطاد الزمن الى طفولة نجوى… كيف كانت هذه الطفولة وهل تعيش كاتبتنا الغربة عن الجغرافيا بوجودها في ايطاليا؟
• طفولتي كانت وسط عائلة ممتدة، طفلة تعيش داخل مجموعة بشرية اخرى يطلق عليها الاخوة، لم يكن فيها شيء مميز سوى فترات المزض الطويل ، باستثناء الصبر على المرض وتأمل العالم الذي يتحرك من حولي لا أذكر إلا عالم المدرسة الذي أحبه جداً على بساطته، كنت انتظر اليوم المدرسي بفارغ الصبر لكي أذهب للمدرسة، كنت احب جلوسي في الفصل للتعلم، ذلك الشعور لم اختبره مرة ثانية في عمري، كنت متفتحة الذهن كثيرة الصمت والقلق وأعاني من عدم التكيف. الاغتراب عشته في ليبيا قبل أن اجرب نوع اخرمختلف عنه في ايطاليا، لطالما شعرت بالغربة في ليبيا وأنا بين الناس وكانت روحي تتعلق بشيء اخر في هذا الكون لا تجده في ليبيا، كانت تقول لي باستمرار هذا ليس مكاني مهما سعيت الى ترويضها وتهدئتها. رغم اني احب ليبيا لكني شعرت فيها يالاغتراب قبل ايطاليا؟
– زرايب العبيد المرشحة لنيل جائزة البوكر تميزت بجرأة كبيرة في الطرح وتناولت قضية مسكوت عنها في عالم يعج بالعبيد اذ يوجد وفق الأحصائيات أكثر من 30 مليون عبد حول العالم… ماهي الرسالة التي لم تحملها حروف الرواية وتود نجوى البوح بها في عالم تنوعت فيه ممارسة الرق فيما يعرف برقيق العصرالحديث؟
• رسالتي هي رفض كل ماهو غير انساني، ما يعذب ارواح واجساد البشر ويحيل حيواتهم الى جحيم، عالم العبودية يحتوى على كل الاشياء السيئة في الحياة ،هو استلاب كامل يستحيل معه ان تقوم حياة، والعبودية في العصر الحديث ليست سوى استبدال جلد العنصرية التقليدية بجلد عصري.
– هل انتي راضية عن كل ما كتب من نقد حول رواية زرايب العبيد وهل تم ترجمة الرواية الى لغات اخرى؟
• لا ليس بعد وعن ترجمة رواية زرايب العبيد والدراسات النقديه حولها ماتزل حديثه لان الاصدار حديث هي الان تذهب الي الترجمه اما ما كتب فهو اقرب الى قراءات بسيطه وليست عميقه البعض كتب كتابات مسلوقه اي سريعه لأنه لم يقرأ الرواية بعد أو انه قراءها للعرض الدعائي فقط لانها بوكريه وهناك من قدم قراءة استباقيه للجائزة حتى اذا مافازت الرواية قال لقد توقعت لها ذلك. مازلت في انتظار الدراسة النقديه التي تبين جماليات العمل وتسلط الضوء على قيمته الأدبية.
– الوطن الحلم الأمل المستقبل الخوف هواجس تراودنا ماهي الأماني التي تتمنى أن تراها تتحقق في ليبيا؟
• أن تكون مكان لائق بالحلم وبالحياة، ان تحوز جميع أسباب الحياة وتتخلص من ملامح الموت التي طالت كل شيء فيها، أن يعم فيها الرخاء وتصبح منارة علمية وثقافية تسهم في الحضارة الانسانية لا فقط أن تستهلكها.