مصباح العريبى
الرجال حكاياتهم لا تنتهى. الرجال عيون الوطن. الاْستاذ مصباح ابراهيم العريبى حصل على الشهادة الثانوية فى بنغازى عام 1954 واْكمل تعليمه الجامعى فى القاهرة عام 1958 واْوفدته الدولة للدراسة العليا. حصل على الماجستير فى الاقتصاد عام 1961 من جامعة مينيسوتا بالولايات المتحدة. شمل موضوع رسالته ثلاث موضوعات: ميزانية الاتحاد السوفييتى – الباكستان كدولة اسلامية واثر ذلك فى التنمية الاقتصادية فى شبه جزيرة الهند – الاصلاح الزراعى فى مصر. بعد عودته صار محاضرا بقسم الاقتصاد ثم عميدا لكلية التجارة والاقتصاد فى الجامعة الليبية عام 1963. اْسهم بنشاطه العلمى فيها ومن خلال عضويته فى مجلس الجامعة. كما درس مادة الاقتصاد السياسى لطلبة الكلية العسكرية فى بوعطنى لمدة ثلاث سنوات. كان معمر القذافى من ضمن الطلبة. لم يقتنع بالاستاذ مصباح واسر ما يضمره حياله فى نفسه.. الى حين.. وكذا لم يقتنع العريبى بتصرفاته.. وتقلباته.. واْموره داخل الدرس! فى اليوم السادس من اكتوبر 1969 بعد خمس وثلاثين يوما من الانقلاب.. تذكره واْرسل اليه رسالة باسم مجلس قيادة الثورة ووقعها بنفسه. عليكم التزام منزلكم والتوقف عن العمل الى حين اشعار اخر. معمر ضرب الجامعة من البداية. حارب رجالها الرجال. حجرهم فى بيوتهم واْلقى بهم فى السجون. وكان الاستاذ مصباح العريبى.. العميد والمحاضر فى الاقتصاد والادارى والرياضى ايام نادى الهلال القديم فى مقدمة هؤلاء.. فى مقدمة من نال العسف والاقصاء مبكرا. فى الصورة الاستاذ مصباح العريبى يتحدث خلال زيارة الشاعر نزار قبانى الى بنغازى فى ابريل 1967. احيا امسية شعرية كبيرة فى حديقة كلية الاداب ايامها. عن يمينه الاستاذ بكرى قدورة عضو مجلس الشيوخ واحد روؤساء الجامعة الليبية السابقين ثم الشاعر فالاستاذ محمد امين الحافى عميد كلية العلوم. ومع الصورة رسالة الايقاف الشهيرة من معمر القذافى لاستاذه فى الكلية العسكرية.. ذات يوم. منتهى الوفاء!.. هل يتذكر الوطن الرجال؟ الاستاذ مصباح العريبى.. تحية لك واْنت على البعد هناك فى منفاك الاختيارى !!
الاستاذ مصباح العريبى يتحدث خلال زيارة الشاعر نزار قبانى الى بنغازى فى ابريل 1967
جبريل الزروالى
حين اْعلنت نتائج امتحانات الشهادة الثانوية (نظام الخمس سنوات) على مستوى المملكة الليبية المتحدة فى العام الدراسى 1956-1957. كان الطالب جبريل محمد الزروالى الاول على مستوى المملكة.. ولد عام 1934. تخرج فى الدفعة الثالثة من كلية الاداب والتربية _ قسم الجغرافيا. الجامعة الليبية عام 1961. بتقدير جيد جدا. وكان قد واصل دراسته فى سنة الليسانس بنظام الانتساب حيث اختير مسجلا لكلية الاقتصاد والتجارة بعد انتقال مسجلها السابق رشاد الهونى للعمل بشركة اسو فى البريقة. كان والده محمد الزروالى عبداللطيف رفيقا لاْحمد حسنين باشا فى رحلته من جالو الى الكفرة بتكليف من الامير ادريس عامى 1920-1921. ونشر صورة له فى كتابه المعروف (فى صحراء ليبيا) واْشاد بخبرته مع اخرين فى معرفة دروب الصحراء وتجهيز الرجال والجمال. الزروالى من الكفاءات الادارية الممتازة التى شهدتها الجامعة الليبية. قضى فترة عام فى درورة تدريبية فى الستينيات فى امريكا. فى العام 1969 اضحى مسجلا للجامعة الليبية. واقيل تعسفيا بقرار اْصدره عبدالسلام جلود رئيس الوزراء مع مجموعة من زملائه من الجامعة فى يناير 1973 وهم (احمد العنيزى – عوض الشريف – محمود شمام – فيصل فخرى – السنوسى العنيزى). صار مديرا للمعهد الوطنى للادارة فى بنغازى الى تقاعده فى 2006. فى الصورة الزروالى يستلم شهادة التخرج فى الحفل الذى اقامته الجامعه فى حديقة كليتى التجارة والاداب يوم الاثنين 6 يناير 1964 بحضور الامير الحسن الرضا ولى العهد ود. محى الدين فكينى رئيس مجلس الوزراء. فى 27.3.2012 توفى الزروالى بعد رحلة علاج الى تونس. ورحلة كبيرة اخرى من العطاء والبذل فى الادارة وتسيير الاعمال بنجاح. رحمه الله.
الزروالى يستلم شهادة التخرج فى الحفل الذى اقامته الجامعه الاثنين 6 يناير 1964 بحضور الامير الحسن الرضا
عبدالرحمن الشريدى
الرجال المخلصون يضحون على الدوام من اجل الاخرين. يعملون بلا توقف. ودون اْنتظار شكر او طمع فى جاه ومنصب. حبات عرقهم المباركة تتساقط طوال اليوم.. وبعد رحيلهم لا ترحل اعمالهم وجهودهم. تبقى علامة مضيئة اْمام الغير.. واْن حدث نسيان او تجاهل. اعنى الرجال المخلصين فى هذا الزمن الذى تكالب فيه اشباه الرجال!! عبدالرحمن الشريدى نسيج وحده فى العطاء والعمل والكفاءة والمهنية. من اْبرز العاملين فى الجامعة الليبية. بداْ فى المكتبة المركزية. عاشقا لعمله والكتاب. ثم تولى ادارة النشر فى الجامعة. موهبة طبع الكتاب ونشره لدى الشريدى فن جميل. وكان الحصاد كبيرا.. منشورات الجامعة المختلفة باْخراج وفن. المزيد من المنشورات ذات القيمة العلمية الكبيرة. جهود كبيرة كان وراءها الشريدى وسواه من المخلصين. خبرة الشريدى فى هذا المجال رائعة. نزاهة وعفة وعطاء دون انتظار شكر. علاقات فى الجامعة وفى دور النشر العربية والدولية. عبدالرحمن الشريدى رحمه الله الرجل المخلص لمهنته.. كان عنوانا للعطاء الاصيل.. وسيظل.
بن دادو ونجم
رجلان اْصيلان عند البحر. الكورنيش فى بنغازى. صيف 1963. وقفة اعتداد. اعلاميان عن جدارة. ابوالقاسم سعد بن دادو كبير المذيعين صاحب البرنامج الشهير (ندوة الاذاعة) الحوار والقضية والموضوع والطرح.. واحمد يونس نجم رئيس تحرير برقة الجديدة والوزير لاحقا حتى 31.8.1969. اْيام كانت اذاعة. اْيام كانت صحافة. ايام كان هناك رجال. اْيام كان الليبيون يخدمون ليبيا باْخلاص. ذاقا ايضا من المعاناة والعسف فى فترة القذافى. رحمهما الله.
محمد عبدالكريم الوافى
المؤرخ و الاْستاذ والباحث والمحقق والمترجم والفنان. حكاية لوحده. العلم والعطاء. الكتابة فى التاريخ والتحقيق فيه بدم القلب. الوافى الذى انصرف الى العلم والبحث ولاشى سواهما. لم يسع لمنصب او تزاحم نحو الظهور والوجاهة. انزوى فى صومعته ببيته.. العلم والبحث فقط. وجاهة المعرفة فقط التى تساوى كل شى. الجلسة معه.. اللقاء معه.. شي جميل ورائع. الحوليات الليبية. الحوليات التونسية. تاريخ الاغريق فى برقة. برقة فى العصر الهلينستى. الطريق الى لوزان.. وغيرها من اعمال فخمة ترجمة وتحقيقا وتاْليفا.. ازدانت بها المكتبة التاريخية الليبية المعاصرة. الوافى.. الذى كتب التاريخ بروح الفيلسوف.. العاشق للوطن. الوافى خير مثال فى العطاء العلمى للكثير فى جامعاتنا ومعاهدنا من الذين يجيدون الكلام فقط! الوافى.. حكاية لاتنتهى.
المسلمانى
فى فترة المقاومة الوطنية اْيام الاحتلال الايطالى. كان ثمة من يقع فى الاسر من الطليان. ضباطا وجنودا. يعاملون معاملة كريمة. حدث ذلك للكثيرين فى اغلب المناطق. فى 16 مايو 1913 وقعت معركة سيدى كريم القرباع قرب درنة. بقيادة السيد احمد الشريف. وكان ثمة اسرى. فى مقدمتهم الكولونيل جوزيبى او جوزيف. اعلن اسلامه امام السيد احمد والتحق بصفوف المقاومة واستفادت من خبرته. عرف فيما بعد باسم يوسف المسلمانى. ظل يقاتل الى ان القت السلطات الايطالية القبض عليه فى الواحات وعرضت عليه ترك اسلامه.. رفض. نفذت فيه حكما بالاعدام بتهمة الخيانة فى جالو عام 1928. كان قد تزوج سيدة ليبية من قبيلة المجابرة. احفاده يقيمون فى بنغازى الى الان. احدى ازقة بنغازى تحمل اسمه. الاسلام. والاسر. والمعاملة الحسنة.. ايام زمان.
المسلمانى رحمه الله بلباسه الليبى
احمد رفيق
صوت الشعر اقوى.. صوت الشعر يبقى. اْنا اْحمد رفيق.. وهذى عصاتى مسعودة رفيقة دربى. مواطن من الوطن وشيخ من شيوخه. خلقت حرا فليس من اعنو له غير جبار السماوات. وقد حركت كثيرا ولم ينفع تحريكى. وقد قلت ايضا.. بلادى وما شكواى الا لحالها.. بربك انصت لى ابثك اشجانى. لقد قلت الكثير. رحيلى عنك عز على جدا. و.. (نحن شوقا الى اوطاننا فاذا… تبسم البارق الغربى اْبكانا ).. و.. (اذا المرء فى دين وعرض ومبداْ……. تسامح او حابى فليس بانسان.). قلت الكثير…. ومعمر اْعتبرنى شاعرا رجعيا مداحا للاستقلال المزيف على حد قوله. اْزيل قبرى مع قبور اْخرى من سيدى اعبيد عام 1986. كان يحمل الرقم (2676). وبعض العيال الاقزام لم يقصروا فى حقى. فى الطعن والغمز ومحاولات النيل منى. كانوا مثله فى التفاهه لاْنهم نتاج ثقافته ومرحلته. والتزمت السكوت. و…. (ليس السكوت رضى فى كل اْونة…….. قد يسكت المرء اْحيانا من الغضب.). اْنا اْحمد رفيق.. صوت الشعر اْقوى.. صوت الوطن اْعلى.. صوت الشعر يبقى. ويسقط الاْنذال والاْقزام عبر الطريق. هذا اْنا.. وهذى مسعودة عصاتى معى.. اْجلس على دكة المقهى بالقرب من بيت المحيشى فى نهاية سوق الجريد. فى 6 يوليو الجارى.. خلال اْيام عيدكم السعيد. تمر ذكرى رحيلى عنكم الخامسة والخمسين. تبقى على خير ياوطنا بالسلامة. وليسقط الاقزام.. العيال!!
فتحى الكيخيا
د. فتحى منصور بن عمر الكيخيا من رجال ليبيا. و سياسى وقانونى اسهم فى بنائها. ولد فى بنغازى فى 14 اكتوبر 1901. نفى مع اسرته والكثير من المواطنين الى ايطاليا عقب الاحتلال الايطالى فى اكتوبر 1911. درس فى مصر المرحلة الابتدائية والثانوية ثم الجامعية فى فرنسا وواصل دراسته العليا فى الحقوق بايطاليا وحصل هناك على الدكتوراه. بعد اعلان استقلال برقة فى 1 يونيو 1949 عين اول رئيس لحكومتها اضافة الى وزارات الدفاع والعدل والمعارف. شارك فى وضع الدستور البرقاوى فى سبتمبر 1949 مع خبراء فى القانون من مصر. وبعد الاستقلال شغل منصب وزارتى العدل والمعارف فى اول حكومة تشكلت برئاسة السيد محمود المنتصر اضافة الى منصب نائب رئيس الوزراء. وكان وراء تاْسيس المحكمة العليا ووضع القوانين المهمة للدولة فى بدايتها. عين وزيرا مفوضا فى الولايات المتحدة عام 1954 ثم رقي الى رتبة سفير وشغل نفس المنصب فى ايطاليا ثم عين سفيرا فى الولايات المتحدة فى يونيو 1958 حيث توفى هناك يوم الخميس 7 اغسطس 1958. اْحضر جثمانه الى بنغازى. كانت جنازته يوم 14 اغسطس 1958 من اكبر الجنازات الرسمية والشعبية التى شهدتها بنغازى. تقدمها مندوب الملك ادريس السيد ونيس القذافى رئيس المجلس التنفيذى والذى كان يشغل والى برقة بالنيابة لوجود الوالى الاصلى السيد حسين مازق فى الخارج. رجال.. ودائما الفرق فى التريس!!
كانت جنازته يوم 14 اغسطس 1958 من اكبر الجنازات الرسمية والشعبية التى شهدتها بنغازى
شركه
كان جزء من المدينة رغم انه يعيش فى الغالب على هامشها مثل كثيرين من الذين تكون حياتهم مثل ومضة سريعة.. مثل سحابة صيف خاطفة. فى البداية عرفه سكانها يذرع طرقاتها حافيا بعد ان ترك ذلك الملجاْ. يردد غناوة علم تختصر معاناته او يعزف على مقرونته الحانا يتردد صداها فى اذان الكثيرين. ثم عرفوه ودراجته.. التى يقطع بها بعض المسافات القريبة.. دون اْن يركبها فى اْغلب الاوقات. يتركها تقوده!! فقد اْقاربه نتيجة انفجار اْلغام من بقايا الحرب. راْهم يتناثرون اشلاء امام بصره. الحزن والفقد والوحشة.. والغربة فى دروب المدينة. كان جزء من المدينة رغم اْنه عاش على هامشها. سى محمد البكاى الزايدى.. شركه. المواطن البسيط الذى يحمل الحب للاخرين رغم كل شى. رغم قسوة الحياة. فقده الكثيرون دون ان يساْلوا عنه. لم يسمعوا بخبر رحيله ذات يوم. غادر ببساطة. ما اْقسى الحياة.. على الهام!!
________________________
نشر بموقع ليبيا المستقبل