من الدنمرك يطير فنان الغرافيتي الليبي أيمن الجيهاني إلى طرابلس، في قلبه حلم العودة لتقديم معرض يضم مجموعة من أعماله تعرض لأول مرة في أرض الوطن، وتستعد أصابعه لرسم جداريات في أحياء المدينة القديمة، فبعد تقديم المعارض في العديد من بلدان العالم، يقرر الجيهاني العودة للجذور.
بدأ حب الجيهاني لهذا النوع من الفن منذ أن أمسك القلم بيديه وتعلم الكتابة، واندهش لقدرة الغرافيتي على التعبير عن الأفكار والمشاعر.
تأثر ببعض الفنانين منهم مَن يستخدم طريقة «سوفليس» للألوان، وكذلك قدرة رسام الغرافيتي البريطاني بانسكي وبليك على خلق فن كوميدي وسياسي ذي رسائل قوية عبر الغرافيتي، وتأثر أيضاً بالفنان المصري عمار أبوبكر لتقديمه فناً حقيقياً وجريئاً على حد وصف الجيهاني.
يعد نمط عمل أيمن خليطاً من كثير من كل اتجاهات الغرافيتي، حيث يحب أن يخلط ثقافته الليبية الأصلية مع حياته بالدنمرك ليقدم أعماله في إطار الفن الحديث، ولا يمكن إغفال الحس بالثقافتين الفنيتين الإسبانية والمصرية القديمة، والفن الإسلامي في أعماله أيضاً.
يرسم أيمن الخطوط ويقدم رسوماً عشوائية معاصرة، ويحب استخدام اللون الأسود كلون أساسي في أغلب الأحيان مع ألوان براقة ليظهر جمال الأسود ولمعان الألوان في اللوحة نفسها، وتركز أعمال أيمن على إظهار جمال الخط العربي، مع لمحة صوفية في بعض أعماله.
أخطر أعماله
وبسؤاله عن أخطر عمل قام به أيمن، أشار إلى رسوماته ضد النظام قرب أقسام الشرطة ومقار المجموعات المسلحة بالعاصمة الليبية (طرابلس) منذ خمس سنوات، أي خلال فترة ثورة فبراير وما بعدها.
يشعر أيمن بالرضا عن معظم الأعمال التي قام بها، حيث قضى كثيراً من الوقت في صناعة كل لوحة، فهو بحسب وصفه «ساعٍ للكمال»، يرسم أيمن في أي مكان ولا يحتاج إلا للموسيقى التي توفر له البيئة الفنية التي يفضل العمل بها، ولا يزعجه العمل في الشارع، ولكن ما يهمه هو ألا يضع رسوماته على ممتلكات الآخرين.
تعاوَن أيمن مع فنانين من جنسيات أخرى منهم الفلسطينيون والمصريون والتونسيون والإسبان والليبيون والدنمركيون .
في أبريل العام 2014عرض الجيهاني بمتحف الهجرة، الذي يختص بعرض قصص حقيقية من حول العالم للمهاجرين، جدارية تصور مراحل حياته وانتقاله من ليبيا إلى الدنمرك، وصرح الجيهاني لـ «بوابة الوسط» بأنه عمل على هذه الجدارية لمدة ثلاثة أشهر.
ولرغبة منه في غرس حب هذا الفن في الأطفال نظم أيمن مجموعة من الورش الفنية لمنح الأطفال مساحة للتعبير بالألوان والإلهام، شارك فيها أكثر من عشرين طفلاً في محاولة لتعلم كتابة أسمائهم بالألوان بمساعدة وإشراف الجيهاني.
وعن المعرض الذي يستعد لإقامته في طرابلس قال الجيهاني لـ «الوسط»: «يعد هذا المعرض أول معرض لي في ليبيا، قدمت مجموعة الجداريات التي تم رسمها بشكل خفي (أندر غراوند) بسبب الوضع الأمني ولأنها كانت أعمال ضد التشكيلات المسلحة والحكومات، وأعتقد أن عدداً قليلاً فقط من المحطين بي يعلمون بنسب هذه الأعمال لي، سأقدم مجموعة من الأعمال خليطاً بين كل اتجاهات الغرافيتي وهناك بعض الأعمال الأخرى التي سيتم تنفيذها خلال تواجدي في البلاد نظراً لمساحة الجداريات الكبيرة، وسيتم توثيق رحلة هذا المعرض في فيلم وثائقي يبث بعد العودة إلى الدنمرك».
وبسؤاله عن مخاوف العودة قال: «هناك مخاوف بالتأكيد، لم أزر ليبيا منذ سنتين ونصف، ولدي حنين قوي للعودة، ويجب أن نقر بأن ما يصل إلينا نحنا المهاجرين عن الوطن من وسائل الإعلام ليست أخباراً دقيقة أو على قدر كبير من الصدق، لهذا قررت أن أغامر، (ليبيا ليها عليا حق) وأنا كفنان من واجبي أن أقدم فني في بلدي وأحمل رسالتي لهذه الأرض التي هي بحاجة إليها أكثر من أي وقت سابق. إنها رسالة السلام والحب والفن».
__________
نشر بموقع بوابة الوسط