لهُم أيُّها الوقت أن يهربوا مِنْ تشمِيعك الجاري بالأحمر
ولي أنْ أختارَ تجاوزاتٍ تتفقُ مع ترتيبٍ آخر لك.
لنْ أسألك عن الأحذيةِ الَّلماعة المُتأخرة عن خطْوها الموعُود؟
ولاعنْ السَّجاد الأحمر الذي أثقلَ رأسي بالوعود؟
ولاعنْ كريم المايونيز بكم يُباع في بلدٍ يعيش على محصولِ القمح؟
لايتماشى كل ذلك مع رأسي الصغير.
ولايبعثني على تحري القيم بين رصيفٍ وشارتين!!
بل يسألُني عقلي عنْ الطَّريق الذي سلكهُ دوريش حين
ركب الحصان وحيداً
وحينَ عرَّجت روحه على بيت سميح القاسم ليسمعه يبكي:
(وها نحنُ لا نحن…)
(ميَّتٌ وحيٌِّ )
وحينَ غادرَ وتركَ مِنفضة سجائره بلا كلمات !
وحين كتبَ : (أيَها الحاضرُ تحمَّلنا قليلاً، فلسنا سوى عابري سبيل ثقلاء الظل)
يا زمن الخيانة
لم تتغيرْ الطرقاتُ ولا وجوه العابرين على وجهك.
كل الذين خانوا يحملون نفس الأقنعة البيضاء!
وجرى دفنهم في نفسِ المقبرة
وقُرئت على أرواحهم الفاتحة.
يعتمرون القبعة والغليون بين سبابة و إبهام المُفتي!
لك أنْ تخذلَ ذاكرة التاريخ وتُزوُّر أعياد الميلاد.
لكن هلْ تستطيع أن تغيِّر وجهَ الرَّصيف؟؟
وهلْ تمنع مسماراً من دقِِّ رأسه في حائطٍ كتبَ عليه طفل
كلمة اِرحلْ!
كلُّ المعاطف قد تتغيرُ عند باب الديبلوماسية
إلاَّ أنَّ المشجب نفسه!
والبواب نفسه!
والتالي للبيان هو الذي خطَّط للتفجير الانتحاري أمس!!
أوااااااااااااااااااااااااه أيها الوقت
المائل المتكئ على أعمدة الدخان البوهيمية!
لم يعدْ يستوي الجوع مع الحرية!
ولن تُقرأ المعادلة من الجهتين!
والعملة يمكنها أن تصبح ذات وجه واحد.
تحبسُ أنفاسي بين شرف التجاوز ومأساة الخلود!
(إلى أين تأخذني يا أبي؟)
(إلى جهة الريح يا ولدي)
(وهما يخرجان من السهل حيث أقام ـ
(جنود بونابرت تلا لرصد الظلال على سور عكا القديم)
لم يقلْ لي أبي لاتخافي الرصاص المتساقط من السماء!
لم يقلْ لي لاتفتحي الباب للغرباء..!
لم يقلْ لي انتبهي هم نفس الأعداء!
كل ماوجدته في دفتر وصيته هو نصوص لدرويش عن دمشق
عكا ـ غسان كنفاني، وقصائد دفنتْ روحها بين أحضانه
كتمتْ شهقاتها بين أنفاسه!
وحبسها الحلم في صدره المذبوح!
ترتيبٌ آخر للوقت يجري بين ناظريِّ
حماقةٌ أخرى للتاريخ بعد سقوط آخر مدن الأندلس!
خيانةٌ تجري كما الملح في نخاع النَهر!
الرذيلة تغزو حقول الأرز بحجة رفع منسوب المياه!
الموامس يتظللن أشجار الزيتون بحجة الحفاظ على النسل!
المساجد تنهار والمآذن تنادي على أسماء الموتى
بحجة التذكير بأوقات الصلاة!
أولوياتُ الفداحةِ تدقُّ عنقَ الوقت.
(أيها المستقبل: لا تسألنا: مَنْ أنتم؟
وماذا تريدون مني؟ فنحن أيضاً لا نعرف)
__________________
* المنصوص بين قوسين هي مقاطع من نصوص شعرية لدرويش تم َّ تناصها مع النص لتعميق التجربة ومزجها بالحاضر.