أحب التجارة وأحترمها كنشاط اقتصادي، أما أن أمتهنها فلا، لكوني على العكس تماما، فهي تهدف للربح، وأنا عظيم مصائبي أنني لم أوفق يوما في وضع القرش على القرش.
أنا ناجح وبتقدير ممتاز في صرف الفلوس، أما أن أدخرها وأربيها فهذا أمر ساقط فيه وبامتياز أيضا.
لكنني هاهنا أحكي عن المدينة، وأنها لن تزدهر الا بالتجارة ولا تكتمل زينتها الا بها.
طرابلس الآن وكل المدن الليبية، تغص بالمحال، والمولات التي تتكاثر بالانشطار، الاضواء تعمي الابصار، الطرق المغلقة، وتكالب الناس على الفسحة طبعا، أكثر من الشراء.
للوهلة الأولى يسلبك المنظر من نفسك، فتصيبك الدهشة، لكن ما أن تغوص فيه وتتحول لزبون يخوض التجربة، ينتابك الشعور بعدم الأمان.
ثمة شيء غير صحيح. وكأنها مجموع جرائم معلنة، ولا مقاصد لها إلا اغتيالك.
(لما نتذكر السبعينات، وأنا في منطلق عمري، وطرابلس في أبهى حلة، التجارة على اصولها، سيستم، ضرائب، سلعة من مصدرها، الماركة واختها، الغش مافيش، وسمعة تجار ذاك الزمن كقيراط الذهب وووو ).
وأرى تغول التجارة الآن 2024 في بلادي أعض أصابعي حسرة فما فات مات ولن يعود الآن.
فكل ما في المشهد تجارة فاحشة، لا اخلاق، لا ضمان، لا امان.لا قوانين، تجارة تجهر بالمعصية وتمارس الجريمة في رابعة النهار، تجارة مختصرها المفيد إنها (كوزا نوسترا )، بيافطات دجتل وتراخيص مزورة ودولة راعية.
*كوزا نوسترا: الاسم الايطالي لمافيا سيشيليا.