المقالة

السينما في ليبيا.. دخلت مع العثمانيين وازدهرت في ظل الملكية وذهبت مع القذافي

سينما اللوكس بشارع الوادي
سينما اللوكس بشارع الوادي

تعد ليبيا من أولى الدول المغاربية وربما الأفريقية التي عرفت السينما، كان ذلك عام 1908، أي قبل الغزو الإيطالي وبعد 13 عاما فقط من صنع أول كاميرا سينمائية وجهاز عرض سينمائي على يد الأخوين لويس وأوغست لوميير.

حرص الليبيون على الاهتمام بالسينما منذ ذلك العام، فشيدوا دور عرض كثيرة في طرابلس وفي مناطق أخرى من البلاد، وتعرف المواطن الليبي باختلاف وسطه الاجتماعي على هذا الفن وعشقه، ما دفع دور العرض إلى التنافس فيما بينها لجلب جديد الفن السابع.

كان سينما “توغراف باب البحر”، بالعاصمة طرابلس، أولى دور عرض تعرفها البلاد عام 1908. عامان بعد ذلك صور بليبيا الفيلم الوثائقي “سكان الصحراء الليبية”، وكان هذا فيلم أول فيلم يصور بالبلاد بحسب موسوعة “أوكسفورد” البريطانية.

ويوضح الباحث الليبي في التاريخ، مادغيس أومادي، في شرح مفصل لتاريخ السينما في ليبيا على قناته على يوتيوب، أن بلاده عرفت السينما في وقت مبكر بسبب الوجود العثماني في البلاد وأن العاصمة طرابلس كانت مقرا لأزيد من 18 دور عرض في السنوات الأولى من دخول السينما إلى ليبيا.

وتابع “تواصل الليبيين مع العالم يعود إلى سنوات قبل ذلك، نذكر مثلا مشاركة وفد ليبي في معرض نظم خارج البلاد عام 1854، ولعل هذا الانفتاح على العالم هو الذي قرب الليبيين من التطور الحاصل خارج حدودهم وعرفهم على السينما”.

كانت أفلام تلك المرحلة أفلاما صامتة، لكن ذلك لم يمنع الليبيين من الانتظار في طابور للحصول على تذكرة تخول لهم اكتشاف هذا الفن الفريد.

موازاة مع الدينامية والرواج الذي عرفته دور العرض خلال تلك الفترة، ونظرا لكثرتها، استخدمت هذه المنشآت في عرض المسرحيات أيضا، كما احتضنت نزالات الملاكمة، بحسب مادغيس أومادي.

مرحلة النظام الملكي

مع توالي السنوات زاد إقبال الليبيين على مشاهدة الأفلام السينمائية، وزاد التنافس بين دور العرض للظفر بالأفلام بمجرد عرضها في أوروبا والولايات المتحدة، وساهم في ذلك أيضا الاحتلال الإيطالي والبريطاني للبلاد.

وخلال فترة الحرب العالمية الثانية، تعرض عدد من دور العرض في طرابلس إلى الدمار، لكن عشق الليبيين وإقبالهم على السينما لم يتوقف، وعاد وبقوة بعد استقلال البلاد عام 1951.

اهتمت الملكية في ليبيا بالسينما وشجعت قيام صناعة سينمائية محلية، خصوصا تلك التي تروج للبلاد ومعالمها التاريخية والسياحية.

وعن تلك المرحلة، كتب الناقد السينمائي التركي تونكا أرسلان، في مقال بموقع “يونايتد ولدر” أنه “بعد الاستقلال، عرفت ليبيا أيضا صناعة سينمائية ديناميكية وزادت بشكل كبير الجهود البصرية والفنية، خاصة بهدف دعم قطاع السياحة، ومع افتتاح مركز السينما للأفلام الوثائقية عام 1959، زاد الإنتاج السينمائي وظهرت فرق متنقلة تنتقل في جميع أنحاء البلاد، وأصبحت السينما واحدة من أكثر أشكال الترفيه شعبية بالنسبة للشعب الليبي”.

موازاة مع ذلك، شارك ممثلون وتقنيون ليبيون إلى جانب نظرائهم الأجانب، في إنتاج أفلام سينمائية، وفي عام 1973، عرض بسينما الزهراء بطرابلس أول شريط روائي ليبي طويل (عندما يقسو القدر)، لمخرجه الليبي عبد الله الزروق.

فترة القذافي

مع سقوط النظام الملكي ووصول معمر القذافي إلى السلطة عام 1969، لم يخف الرجل انزعاجه من التطور الحاصل في المجال السينمائي، وكان يرى السينما شكلا من أشكال الإمبريالية الغربية، وفق عدد من المصادر.

تبعا لذلك، أغلقت عدد من دور العرض وتراجع استيراد الأفلام الأجنبية، كما أدى تأميم الإنتاج السينمائي وسيطرة الدولة على الإنتاج والتوزيع إلى إغلاق المزيد من دور العرض.

وفي هذا السياق، قال المخرج الليبي عبد الله الزروق، في تصريحات نقلها موقع “قناة 218” الليبية، “بدأ التفكير جديا في إنتاج العديد من الأفلام إلى أن صدر قرار إنشاء المؤسسة العامة للخيالة التي قامت بتأميم دور العرض بعد أن كانت تتبع القطاع الخاص. ووضعت الدولة يدها على الإنتاج السينمائي وأصبحنا نفكر بفكر الدولة وتلاشت الأحلام”.

مع ذلك، كان للقذافي دور محوري في إنتاج وتوزيع فيلم “الرسالة” عام 1976 وفيلم “أسد الصحراء”، عام 1980، وهما معا من إخراج المخرج السوري الراحل مصطفى العقاد.

باستثناء تلك المبادرة، استمر الركود طلية مرحلة حكم نظام معمر القذافي، وزاد بعد سقوط نظامه عام 2011، حيث أدت ظروف الحرب إلى تدمير وتخريب ما تبقى من دور العرض، وقضت تلك الظروف على مشروع سينمائي ليبي يعود تاريخه إلى 1908.


أصوات مغاربية | 24 مارس 2024م

مقالات ذات علاقة

انشودة مخمل الكلمات

المشرف العام

تكتيكات الصحافة الإلكترونية

رامز رمضان النويصري

أنصتوا لبعض هؤلاء بعض الوقت

سالم العوكلي

اترك تعليق