متابعات

تشخيص مفهوم الدولة لدى الوعي الجمعي بمركز المحفوظات

أقام المركز الليبي للمحفوظات والدراسات التاريخية بمدينة طرابلس ضمن فعالياته الأسبوعية لعام 2024م محاضرة جديدة بعنوان (مفهوم الدولة من خلال تسمية رئيسها) ألقاها الباحث الدكتور “عامر رمضان أبو ضاوية”، فيما تولى تقديمها الباحث “علي الهازل” بحضور عدد من المثقفين والمهتمين، وذلك مساء يوم الأربعاء 17 من شهر يوليو الجاري بقاعة المجاهد بالمركز.

غياب مفهوم التفكير الجماعي
بدوره لفت الدكتور أبو ضاوية في مستهل محاضرته بأن موضوع المحاضرة لا يسير وفق المنهج التقليدي والمعتاد للدراسات السياسية الممنهجة إنما تنطلق من واقع المفارقة بين العقل الجمعي للقطيع، والتفكير الجمعي المجتمعي، وأضاف الدكتور أبو ضاوية أن الهدف من هذه الدراسة هو توسيع مدارك المواطن الليبي للانتقال من العقل الجمعي للقبيلة إلى المواطنة والتفكير الجمعي المجتمعي، حيث يرى الدكتور أبو ضاوية أن إدارة التكوين العقلي المجتمعي للقبيلة لا تعتمد إلا على شراء الذمم وتسخير المال السياسي بينما في المقابل نجد بأن توسيع المدارك الإنسانية يتطلب استيعاب المعرفة، ووفق تشخيص الدكتور أبو ضاوية يعتبر هذا بيت الداء لعرقلة حركة تطور المجتمع الليبي فمسألة دفع المواطن الليبي نحو مفهوم المجتمع الجمعي والتفكير كجماعة أصبحت حاجة ملحة اليوم قبل أي شيء آخر.

الفكر العربي في مقابل مفهوم نظام الحكم
كما أكد الدكتور أبو ضاوية بأن الفكر العربي لم يرتقي بعد إلى المفهوم القويم لنظام الحكم فهذا المفهوم لازال بعيدا عن الوعي الجمعي للمجتمعات العربية ومكوناتها الفكرية في الوقت الذي ساد العالم إمبراطوريات قامت على عوامل القوة والتمدد في بداية الأمر مثل الفرس والروم لكن مع تطور الفكر الإنساني تحولت هذه الإمبراطوريات إلى نظم سياسية وممالك على رأس كل مملكة ملك مُطاع، وأعزى الدكتور أبو ضاية إلى أن السبب الرئيس في انتشار الدين الإسلامي في الكثير من الدول يعود لنجاح ونجاعة نظام الحكم فيها بخلاف العرب اللذين شاعت بينهم عقلية التناحر على الزعامة، ومن ثم على السلطة وهذه الأخيرة تعني الانحياز الكلي للعصبيات القبلية والعشائرية ما جعل العرب يعتادون على شخصنة السلطة، وأشار الدكتور أبو ضاوية أن العامل الذي ساهم في تكريس هذه العقلية القبلية هو زعيم القبيلة ذاته وهو يتمثل دوره في تغييب وعي أفراد قبيلته.

القاعدة الخلدونية
فيما تطرّق الدكتور أبو ضاوية إلى مبدأ ابن خلدون حول العقلية الطبيعية في دراسة الظاهرة التاريخية والاجتماعية ومحاولته من خلال ذلك استخراج القوانين الطبيعية لقيام الدولة واستمرارها أو زوالها، ويعتقد ابن خلدون في هذا الصدد أن القوانين الطبيعية لاستمرار الدولة أو زوالها لا تقوم على الدين أو اللغة تبعا للقاعدة الخلدونية إذ ركز ابن خلدون على الفكر الإنساني لخلق الأليات المجتمعية اللازمة لصنع نسيج اجتماعي موحد من خيوط متناثرة، وبيّن الدكتور أبو ضاوية أن هذه القاعدة الخلدونية لم يدركها الفكر العربي لكنّها أصبحت منارة لفلاسفة عصر الإصلاح والنهضة الأوروبية ومؤسسي الولايات المتحدة الأمريكية فهؤلاء المؤسسون استطاعوا المؤامة بين عدة متناقضات للحفاظ على الرغبة الجامحة في الانطلاق والحرية الفردية، وفي آن الوقت خلق الآليات المجتمعية اللازمة لصنع نسيج اجتماعي موحد فمن مجتمع خليط غير محدد الهوية من المهاجرين اللذين تختلف أصولهم العرقية والدينية اختلافا كبيرا وصولا إلى مجتمع متماسك ومتجانس حضاريا وثقافيا من واقع الخيوط المتناثرة، وقد كان لتوماس جيفرسون الدور الأكبر في التأسيس لذلك والمثير للانتباه أن جيفرسون منبهر بالبُعد الفكري لشخصية الرسول الكريم محمد صل الله عليه وسلم.

ملابسات نشوء الديموقراطية
وأوضح الدكتور أبو ضاوية أن مفهوم الديموقراطية نمط حكم بدائي ظهر إبّان عهد الحضارة الإغريقية القديمة وهو مبني على مبدأ الوفاء بالعهد الذي كان سائدا في الديانات البدائية القديمة، وتابع الدكتور أبو ضاوية بالقول : إن مفهوم الديموقراطية لدى الأثنيين يُعرف بالأنانية باعتباره قاصرا فقط على سكان مدينة أثينا الأصليين حيث تُصنّف القبائل العشرة بأثينا القديمة الآخرين إلى ما دون البشر واستمر هذا النهج بالاقتتال فيما بينهم حتى وصلوا لألية التداول السلمي على السلطة بين القبائل العشرة، ويُضيف الدكتور أبو ضاوية مردفا أن هذا المؤشر يدلل على أن مبدأ نشوء الديموقراطية يختلف كليا عن مبدأ نشوء وأمرهم شورى بينهم فمفهوم الدولة عند الفكر العربي مستقى من دلالات تسمية رئيسها في غياب أية أليات لتسمية رئيس الدولة وأول لقب أطلق على رئيس الدولة العربية عقب وفاة الرسول الكريم هو خليفة ثم أعقبه لقب الأمير، واختتم الدكتور أبو ضاوية بالقول : نحن كمثقفين لم يعد لنا دور إلا أن نضطلع بمسؤولية التوعية تجاه أبناء الشعب الليبي.

مقالات ذات علاقة

طرابلس تحتضن احتفالية توقيع كتب أدباء غدامس

مهند سليمان

تونس: تتويج المسرح الليبي في اختتام مهرجان محمد عبد العزيز العقربي

المشرف العام

مسيرة وعطاء الدكتور محمد مسعود جبران

مهند سليمان

اترك تعليق