عائشة الأمين
لا أعلم إن كنت سوف أتحدث بشكل واضح بشأن الثقافة السياسية في ليبيا، لأنني لست متأكدة مما سأتحدث عنه هل هو ضمن الشأن أو (لا)، فلدي مفهوم عن الثقافة السياسية ليس له أي تقاربٌ عما أصنفه أنا اليوم كجزء من الثقافة السياسية في الواقع الليبي.
أنا أتابع القنوات الإخبارية بشكل متقطع منذ الخامسة عشر من عمري، وكل من يعرفني عن قرب، يعرف فضولي السياسي، وحبي غير المبرر عند البعض بالسياسة وعلومها ومعارفها والمتكلمون عنها وبها، ربما كنت المنفردة بمشاهدتي الاخبار السياسية واهتمامي بطرق صياغتها وإخبارها واستمتاعي بأدب الحوار السياسي باختلافاته.
منذ عام 2020م عودتُ نفسي على متابعة هذا المجال دون انقطاع طويل، لأنه كنت قد اتخذت قرار الدراسة في المجال، وهو ما يجعلني ملزمة بالمتابعة الجدية. كان هناك الكثير من المحاورين الجيدين، والإخباريين وكذلك المحللين الذين لديهم فعلا، أسس التحليلي السياسي، ومرونة إيصال الفكرة للمستمع.
لا يسعني إلا أن أذكر جميع تلك الشخصيات، فقد أنسى منهم أكثر ممن اذكر، ولقد عرفت مجموعة كبيرة من السياسيين وأساتذة ودكاترة العلوم السياسية في الجامعات الليبية والعالمية، حيث كنث أشاهد الشخصية عبر التلفاز، ثم أطلق سهام البحث عنها في الانترنت بحسب فضولي وقتها!
تسعفني ذاكرتي في الصدد، بأحدهم؛ بالنسبة لي كان المتحدثُ البارع الذي يمتلك كل أدوات النقاش وأدبه، يدعى السنوسي بسيكري، وهو كاتب في السياسة والاقتصاد، ورئيس المركز الليبي للبحوث والتنمية، أتقن التحليل السياسي بمعايير علمية، لازم مصطلحاته العلمية ،احترم هذا المجال، الذي أهانه الكثيرون وجرده من علميته وأدبه.
أين إعلام اليوم من محللين مثل البسيكري!!؟
ما أشاهد وأسمع عبر الإذاعات الليبية خلال العامين، إذا اعتبر أنه تحليلٌ سياسي! فهذه إهانةٌ منقطعة النظير لهذا المجال!! من أين أتو بهؤلاء المتكلمين، الذين لا علاقة لهم لا بمجالٍ ولا علمٍ ولا أدبٍ! أظهروا السياسية في أحقر صورة، أهانوا وعى الليبيين، وجعلوا منهم مجرد غوغائيين يستعرضون قدراتهم في السب والشتم والحديث أكثر من الاخر.
وهذا ما يدفعني إلي التهرّب في كل المرات التي يطرح فيها أصدقائي البلجيكيين تساؤلاتهم عن الوضع السياسي في ليبيا بعد القذافي! سرعان ما أختفي عندما أسمع شيئًا من هذا القبيل لأنه لا يمكنني ادعاء فهم ما يحصل في بلدي؛ وهل حقا هي سياسة أما صبحت شيئا هلامي؟ الجميع مشترك فيه ولا أحد يفهم ما يجري بالضبط!!!
ببساطة؛ السياسية معرفة وتمعن وفهم، وهذا لا يحدث إلا بوجود مصادر قوية. أين مصادرنا!!؟ هم نفس من كنت أتحدث عنهم، إذاً هذا مبرر معقول جدا لعدم خوضي في حديث مع أحدهم، فيما يحصل في بلدي،
رجل تقدمة إحدى القنوات الأجنبية بصفته دكتور للعلوم السياسية في إحدى الجامعات الليبية، للمناقشة عن الوضع الراهن في ليبيا بجانب ضيف آخر وهو صحفي ومختص سياسي من دولة عربية. بدأ البرنامج بطرح المذيع سؤال للضيفين:
من هي الأطراف الخارجية المستفيدة من عدم استقرار ليبيا؟
بدأ الدكتور الليبي في عُجالةٍ وبصوت مرتفع بالإجابة : هناك الكثير من الأعداء لليبيا، إن ما نشاهده اليوم من تقدم حضاري ومعماري واستقرار في بعض مناطق ليبيا، منقطع عن النظير!!
تدخل المذيع حالًا لتوضيح أن هذا الكلام ليس له علاقة بسؤاله!!! ولكن ذلك الدكتور واصل كلامه غير المتعلق بالحلقة دون اكتراث وأخد من الوقت كما يريد!!
شعرت بالشفقة علي المذيع الذي جُر إلي مسار آخر في بداية حلقته!! وشعرت بأسفه علي ما يحصل لنا أمام العالم!
وأخيرًا لست هنا لأقول نريد ثقافة سياسية فنحن نريد الكثير، ولكي لا يتهمني البعض بجلد الذات كتبت عما نحن فعلًا فيه.