قصة

من قمة جبل أكاكوس إلى نيويورك

الجزء الأول

وادي تاشوينت (الصورة: تصوير رمضان كرنفودة)
وادي تاشوينت (الصورة: تصوير رمضان كرنفودة)

لم يكن في ذهن ذلك الفتى، ابن المرحوم امغار؛ ملك أكاكوس تادرارت، في يوما ما أن يترك حياة الصحراء، من رعى الأغنام والنوم تحت سقف بيت من قش وأعواد الأشجار..

هذا الفتى فتح عينيه وأدرك الدنيا أمام الحجر الصامت، ومرتفعات أكاكوس وأشجار الرتم والطلح، ورسومات تاريخية لا يفهم عنها شي.. انطلقت حياته بدخوله إلى مدرسة الصحراء، وأجبره والده الحاج امغار على التخصص في رعي الأغنام، لأنه لا توجد مدرسة أخرى، ولا تخصص آخر في منطقة أكاكوس تادرارت..

استقبله إخوته الأكبر منه في العمر، وإدراك في الحياه البرية وانخرطت منذ اليوم الأول، زودته أمه المرحومة بالزاد، تمر وعصاه تساعده في المشي وغيره…

لابد أن يتعلم كيف يتعامل مع قطيع الأغنام، وأي الأماكن أو الشِعب التي تكون ملائمه للرعي، التي يتوفر فيها العشب وتكون قريبه من ماء القلتة، ماجن الماء الطبيعي في الجبل، كذلك المكان الذي يجلس فيه الراعي لمراقبة الاغنام..

رويدًا رويدًا، أصبح راعي بكل معنى الكلمة، وأصبح يخرج لوحده إلى الأودية، وكون علاقة مع شباب آخرين يقطنون في أودية مختلفة في أكاكوس، يلتقون كل يوم، يجلسون ويتبادلون الأحاديث عن أخبار لعوينات وغات.

بعد أن أوكلت إليه مسؤولية الأغنام والراعي، ترك إخوته المكان.. التحق البعض منهم بالقوات المسلحة الليبية، بإحدى الكتائب في غات وأوباري، وكل ما سنحت لهم الفرصة للعودة إلى أكاكوس، عادوا محملين بالتموين وغيره، ولم ينسوا إخوتهم من البسكويت والحلوى، وهذا أدخل البهجة والسرور على نفوسهم..

الشيخ امغار (الصورة: تصوير رمضان كرنفودة)
الشيخ امغار (الصورة: تصوير رمضان كرنفودة)

استمر هذا الحال لسنوات، وسنحت له الفرصة لزيارة منطقة لعوينات وغات، الأمر الذي أبهره، أن هناك كهرباء وبيوت، إلى جانب الحركة والمحلات حتى وإن كانت بسيطة، وأن السيارات ليست لاندروفر أو لاندكروزر، بل هناك سيارات أخرى متنوعة..

أصبح يراوده التفكير في تغير مجرى حياته كل صباح يسرح مع الاغنام ولا شي في حياته الا الجبل او الوادي وصياح الحيوانات وفعلا بدء بالتفكير بتغير حياته مثل إخوته الذي أصبحوا يذهبون إلى المدن ولهم سيارات إلى جانب نقود….

في خميس إحدى الأيام وهو عائد بقطيع الأغنام، سمع صوت سيارة آتيه، فرح بذلك، إنه أخيه الأكبر عائد من غات، بعد شهر عمل في الكتيبة العسكرية، شي جميل، اليوم سيسمع أخبار جديدة، وسيحصل على ما جلب أخيه من محلات غات..

كان والده الشيخ امغار متربعًا أمام عشته، أو بيته من القش، جلوس الملوك بوادي تاشوينت والذي يعتبر من أكبر أودية أكاكوس، حيث يوجد به العديد من الرسومات التاريخية إلى حفريات المومياوات المحنطة..

يتبع …

مقالات ذات علاقة

جسر الرماد

محمد الأصفر

فاشل بامتياز

الصديق بودوارة

نـــانـــاتـــي

عزة المقهور

اترك تعليق