المقالة

أغـنية الطـفـل

لطالما اعتدنا ومن خلال برامج الإذاعتين المرئية والمسموعة، وحين استضافة كل من له علاقة بمجال الأغنية الليبية، من قريب أو بعيد، لطالما اعتدنا سماع سؤال يطرحه الإذاعي على من يستضيفه، كائناً من كان هذا المستضاف، سواء أكان شاعرا ً أو ملحنا ً أو مطربا ً، ويأتي هذا السؤال في السياق التقليدي التالي:

ماذا قدمت في مجال أغنية الطفل؟.. (إن صح التعبير).

ومثلما اعتدنا سماع ذلك السؤال، فقد اعتدنا أيضا ً إجابة تقليدية تأتي على لسان ذلك المستضاف ردا ً منه على ذلك السؤال المعتاد، متمثلة في قوله التالي:

“أغنية الطفل صعبة وتستلزم جهدا ً وعناء كبيرين”.. (هكذا يجيب).

وها هو الفنان المتميز “أحمد فكرون” صحبة الشاعر الرقيق “فرج المذبل”، ها هما معا ً يتخطيان تلك الصعاب التي ألفنا السماع عنها ويجيبان بغير تلك الإجابة التي اعتدناها ومللنا سماعها، ومن دون أن يطرح عليهما ذلك السؤال المعتاد الذي مللنا تكراره على مسامعنا أيضاً، يجيبان بتقديمهما عملا ً للطفل بعنوان: “يا شمس يا شموسة”. وعرفاناً بما قدمه هذان الفنانان، وفي لفته كريمة تجاههما من مستمع يهوى الكتابة أراد أن ينوه ويشيد بما قدماه.

(إليكم مني هذه القراءة )…

يبدأ “أحمد فكرون” استهلالته في هذه الأغنية بلحن فنطازي رائع، نجح من خلاله في أن يرسم لنا فيه فرحة الطفل بقدوم تباشير الصباح، وهو يتغنى بلالات وكأنني به صار طفلا ً يريد أن يفرح بقية الأطفال بظهور أشعة شمس يوم جديد، مفسحاً المجال لأطفال الكورال ليتغنوا بكلمات صاغها الشاعر “فرج المذبل” تقول:

يا شمس يا شموسة

يا قمر يا قمر علالي…

يا حكاية الطفولة

يا ذكرى أتعيش في بالي…

بعد ليلة حكت لهم فيها جدتهم المسماة “مقبولة” عن سر تلك الغولة التي ملأت بخيالها أرجاء الدار، وأصبحوا يتوقون لولوج الصباح الكفيل بإرجاع الطمأنينة والأمان إليهم.

استطاع “أحمد فكرون” باختياره لأصوات الأطفال وهم يتغنون بصحبته، أن يجسدوا لنا وفي لحظة تجل حالة الفرح هذه، حيث إنه جعل هؤلاء الأطفال يرددون معه اللالات ببراءة الطفل الذي أحس بالأمان بعد خوف “سندباد” وحكايات “شهرزاد” وكعادته في باقي أعماله نجد أن الفنان “أحمد فكرون” وفي نهاية هذه الأغنية يضفي عليها زخما ً، حيث إنه جعل الأطفال يرددون معه أنشودة كنا نرددها في صبانا بعد أن ورثناها عن آبائنا وأمهاتنا الذين ورثوها بدورهم عن أجدادنا في جو يسبح في خيال رائع، وهو يردد مع الأطفال أنشودة:

يا مطر صبي صبي

صبي علي حوش الربي

والربي ما عنده شيء

أمغير اقطيطيسه اتعوي

يا مطر يا بشباشة

طيحي حوش الباشا

والباشا ما عنده شيء

أمغير اقطيطيسة اتعوي

فيا لها من عفوية ونحن نستغيث بالغيث من الله ضد ظلم ذلك الباشا، ويالها من إجابة غير تقليدية أجاب بها هذان الفنانان عن ذلك السؤال التقليدي الذي طالما اعتدنا سماعه في إذاعتنا، وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على أن هذين الفنانين يدركان جيدا ً ما يجب عليهما تقديه للطفل، لأن ذلك السؤال يحمل في طياته طلبا ً بتقديم عمل له.

الإهداء إلى كل من يهوى القراءة..

عن موقع جـلـيـانـا

مقالات ذات علاقة

رائدة في دنيا المُستحيل

فاطمة غندور

سفح نص جديد

رشاد علوه

برنامج الدكتوراه في ليبيا إلى أين؟!

هاجر الطيار (الأردن)

اترك تعليق