إذا كان ثمة تحية أودّ التلويح بها بهذه المناسبة، التي تخص يوم معرفي بامتياز، يوم ألوح بكثير من التقدير لشخصية ليبية ولمؤسسة ليبية أيضاَ. ساهمتا كل بكل ما تملكا من رؤية وجهد، لتعزيز قيم الجمال والمعرفة، وباجتهاد وصبر دؤوبين، للاستمرار دون مطالبة بتكريم أولفت انتباه.
الدكتور عبدالله مليطان
مذ عرفته في منتصف الثمانينيات القرن الماضي، عندما قدم برنامج كاتب وكتاب، وأظنه الحصة الثقافية الوحيدة التي استمرت لأعوام، وأن تبدلت إلى عناوين أخرى، قدمها الدكتور مليطان خلال مسيرته الداعمة للكتاب والكتب.
باختصار شديد، في رصيده عدد هائل من المعاجم التي وثقت كل الاصدارات وبمختلف الأجناس الأدبية والمعرفية من الكتب الليبية. اشتغل وبحث وطارد بصبر وأناة مزاجية الأدباء، ليحصل على ما يخلد أعمالهم في تلك المراجع
رصيد غني من المراجع يمكن لأي باحث أو حتى مؤسسات من خارج ليبيا أن تنتفع من هذا الزخم المتواجد على أرفف مكتبته الشخصية.
وزارة الثقافة على مدى عشرين عاماً
لطالما فكرت باقتراح يمكن لأي وزير ثقافة استلم هذا المنصب، أن يبني صرحاً معرفياً تستفيد منه الأجيال والمؤسسات المعنية (الجامعات، الأكاديميين) من خلال تأسيس موقع خاص للوزارة تعتمد فيه إدراج كل تلك المعاجم التي لم تترك حقلا معرفيا إلا وخاضت فيه، من الآداب والفنون بكل أجناسها إلى التاريخ وسير وتراجم والمجال لا يتسع للحصر.. أن يصبح هذا الموقع متاحاً للراغبين من طلبة وبحاث، وحتى مهتمين بالشأن الثقافي الليبي.
لقد قدم الدكتور مليطان بجهود شخصية ما عجزت عنه مؤسسات ممولة ولديها ميزانيات بالملايين تنفقها على موظفين إداريين أثقلت كاهلها دون إي انتاج معرفي وثقافي.
التلويحة الثانية لمؤسسة ثقافية: مجلس الثقافة العام – ليبيا
هذه المؤسسة ومركزها الرئيس مدينة الثقافة بنغازي، والتي منذ أن بدأت عملها ولنهار اليوم، اصابتها سهام غدر كثيرة، ومحاولات حثيثة لإفشالها، ولكن استمرت وأن اصابها بعض الوهن في السنوات الأخيرة لأسباب عدم دعمها مالياً، لكنها مستمرة بتقديم الأفضل.
لماذا استمرت ؟ لأنها خلافاً لما اعتدنا عليه، مؤسسة قائمة على استراتيجية واضحة، داعمة للكتاب ولديها مشروع معرفي ثقافي تنويري، جلّ العاملون فيها هم أدباء كتاب في الفن والمسرح والأدب، يقدرون بعضهم البعض ولديهم هم واحد مشترك، أن يكون الكتاب الليبي متوفراً وموزعاً في كل ليبيا وخارجها.
على مدى مرحلتين عاصرتهما كان المجلس برئاسة الدكتور سليمان الغويل حتى 2011، ومن بعدها برئاسة الأستاذ محمد محيا محمد محيا يسير بنفس الخطة المرسومة وبذات الرؤية الداعمة للكتاب ولا ننسى العراقيل التي حدثت سابقا ولاحقا، من محاولات السيطرة على المبنى الفخم الذي يليق بالثقافة، واليوم وبعد فبراير صار اصحاب القرار يضنون على الثقافة الحقيقية بالدعم المالي، فيما نرى المليارات تصرف وتراق على أنشطة لا تمت للحياة الثقافية والمعرفية بصلة.
من الصعب أن احصر إنجازات المجلس بسطور، لكنني أشير أنه كان يرحب بكل مشروع يقدم من كاتب ويقوم بتمويله إذا كان يدعم الكتاب
إصدار المجلس خلال سنوات ما يقارب 500 عنوان بطباعة أنيقة، ومكافآت مجزية لأصحاب المؤلفات، وقام بكثير من الندوات والمؤتمرات ومن بينها ندوة احتفالية توقيع 400 كتاب في سرت 2006 دعي إليها 700 ضيف من كتاب وصحفيين وإعلاميين من أنحاء العالم ولم يستثني في حينها أي كاتب ليبي (صور الاحتفالية متوفرة لدي وسأعمل على نشر بعض منها).
أيضا أتمنى توثيق كل هذه النشاطات على مدى ثلاثة عقود من خلال موقع الكتروني، ليكون شاهداً ومرجعاً في ذات الوقت، ومن أجل التحفيز لكل الأجيال اللاحقة حول كيف يمكن للذكاء الإداري أن يستثمر جهود المبدعين بوضعهم على رأس المشاريع الثقافية. بالمثل الدارج (يعطي الخبز للخباز)..
حقيقية كان ومازال يضع الرجل المناسب في المكان المناسب.. هذه مجرد تحيات عابرة ومستحقة لمن لمست لديهم حب حقيقي للكتاب وعملوا من أجله بكل صدق وشفافية ونزاهة!
ملاحظة:
اقترح ان نستثمر هذا النهار على حساباتنا ونكتب كل حسب وجهة نظره من يراه يستحق تحية بمناسبة اليوم العالمي للكتاب.