نسرين الطويل | سوريا
الكسوف: لقاء أسطوري بين الشمس والقمر
الحب هو الجسر بين روحين، كما يربط الشمس والقمر بين السماء والأرض.
في فجر بدائي قديم، كان الكون شابًا وغامضًا، حيث الشمس والقمر كائنين سماويين مشبعين بجوهر الخلق، لم تتقاطع مساراتهما أبدًا، لكن طاقاتهما ترددت في تناغم أبدي. وفقا للتقاليد و المعتقدات الاغريقية القديمة ولدت الشمس من بطن الأرض الناري، بينما خرج القمر من المحيط السماوي، في الأفق الممتد بدأت رقصتهما السماوية، وقتها أضاء ضوء الشمس المشع وجه القمر اللطيف، وألقى وهجًا أثيريًا غمر الكون. وقيل إن هذا اللقاء الأسطوري هو الذي خلق المد والجزر ووهبها للحياة، وكان لجاذبية القمر جمالاً أشعل طاقة الشمس وجعلها أكثر توهجاً، لتبدأ من بعد ذلك رقصة الباليه الكونية التي أحدثت دورات الولادة والنمو والتحول وتحكمت في إيقاعات العالم الطبيعي. وتكمل الاُسطورة وصف هذا العناق وفيه تجاوزت الشمس والقمر مساراتهما السماوية، مما يدل على أن الضدان يمكن أن يتناغما في رقصة الخلق.
لقد ألهمت أسطورتهما ثقافات لا تعد ولا تحصى، وذكرتنا بأن هذا الكون عبارة عن نسيج من الترابط ويبقى صداه يتردد مع كل حركة على طوال الأبدية.
ورغم أن الشمس والقمر متضادان، ولكنهما متكاملان، وعليه فإن هناك روحان بشريتان باتصاليهما يكونان رقصة سماوية، رباطهما يتردد صداه مع انسجام الشمس والقمر، وتصبح اختلافاتهما نقاط قوة مكملة، مما يخلق رقصة جميلة اخرى من التفاهم والحب.
يقول الرومي:
“الروح كائن سماوي، وارتباطها بروح أخرى هو رقصة كونية، صممها الكون نفسه.”
هذا النص مستوحى من الأساطير القديمة، من اسطورة الشمس والقمر، ويهدف إلى تقديم تجربة انعكاسية وملهمة للقراء، وتشجيعهم على التفكير في الترابط بين كل الأشياء، وجمال الوحدة في التنوع، والرمزية والعلاقة بين الشمس والقمر وأرواح البشر.