محمد دربي
نسيان
نظر أمامه بشرود إلى البعيد، ما رأى إلا الغيب في الفراغ الهش، لا شي يرى، قال والتذمر ظاهر على وجهه: ما جدوى البصر ؟ حيطان ونسيان، قنابل غزو دمرت الحيطان ومعالم المدينة، هل مازال في الدنيا بقايا من إنسان… ضاع يومه كما ضاع أمسه.
مسافر
منذ أبحرت في بحور الغربة اشقيت أيامي في حبّ وطنٍ ظلّ مسافراً نحو وكنات المساء والعدم مُغترباً في ليل الغابات الوحشية، لا ادري هل انا كنتُ مسافراً مع وطني ام مسافراً عن وطني.
بحر القز
صبية كغيمة في الأفق تتطلع للدنو من شاطئ بحر “القز” اللهيف، نزلت اليه في آخر الليل الدفين، دعت للموج يداعب اكعابها.. القمر الوضاء يسري بنوره على شعرها الدّاجي، هتفت تغني للموج الأريج ولنور القمر اشعاراً ومزامير برنّة هاتفة: يابحر ” القز” يا صيحة جامحة تملأ المدينة السعيدة سعادةً، اني اجهل سرك المكنون في الزمان الشرود وفي أرحام السنين، لكني اذوب في هواك على الدربين دربُ مطايا الرياح ودربُ ليالي النزوح، فموجك لا يهدأ من الظمأ،…
اغمضت عينيها وبينما نجمة من مفازات الدّنيا وأديم الماء تناجي الموج ووجه القمر، هاج البحر وصارالقز رملاً في الحال. عندها أيقنت: أنّ البحر يغريه الخلود.
ملاك
زارت يوماً بيت جدتها وفي عينيها كروم وأعناب، على محياها ينتشي حقل حنطة، على شفتيها تركض كلمات بلون الورد مدونة كالأصيل في صولة الريح، هتفت في مسمع خاطر الفرح بصحوة ذاهلة بالخواطر الملاح، سمعتها نوافذ الرياح وباحت بالقرار.. جدتها ابتسمت أذ رأتها هيمانة، عرفت انها ملاكاً قد اطل مع الشفق المُزهر.
عندما كانت الجناين متلاسقة، لا يفصلها ألا جدار من شجر او خشب، كل نخلة في جانب كانت تشمخ بمفردها، وإنْ هبت الريح تهزها في نفس اللحظة، وإنْ نزل المطر بللها في نفس اللحظة، ما كان يجمعها الطين وتلاحم الجذور فقد كانت شجرة نخيل واحدة في أرضين يفصلهما إلا سياج من من خشب.