المقالة

الصحف ودورها الريادي

الصحيفة منظومة ورقية تحشد فيها أفكار متعددة وصور متنوعة ، ومعلومات كثيفة من شتى الأماكن وكافة المواقع .

قديما وقبل حركة النشر الإلكتروني وشبكات الإنترنت ؛ كان للصحيفة مكانة خاصة  في نفوس كثيرين من محبي الاطلاع والثقافة ، ولذتها ونكهتها عندما تكون مع إشراقة فجر يوم جديد وفنجان قهوة الصباح  ، حيث يتربع المثقف الذي يهمه كل جديد فيما يرد من الصحف على كرسيه منسجما مع حروفها وكلماتها وصورها وآرائها .

كرة صحف

وكان جملة من الناس كما يحكي أحدهم : يقوم بقص بعض المواضيع لأرشفتها في مذكرة خاصة يقوم بلصق المقالات والصور التي تهمه ، مُنشِئًا  –كشكولا- ثقافيا و مرجعا يعود إليه كلما تقادم عهد ذلك المقال أو العدد …

ويسرد قائلا: إن الصحيفة قديما كانت مشعلا ثقافيا …كلما مر على الموضوع شهورٌ ازدادت رغبتنا لمعاودة قراءته والتمعن في حروفه ؛ كنا نتسابق في اقتناء الصحف ونبهر المحيطين بنا بالحديث عما ورد فيها من أخبار … فكل ما يهمنا : هو الإنتاج الأدبي والقصة والمقالة ، حتى أننا نعدد أصحاب الأقلام وكان لكل واحد منا كاتبه المفضل …يحزن لغيابه عن ركنه أو عموده .

هكذا تكلم كثيرون عن حياتهم مع الصحف قبيل الانفجار المعرفي الإلكتروني الكبير ..وقبيل التقدم بكافة صوره .

يقول : اليوم لاطعم في الصحف ؛ فهي تشبه بعضها ،تكثر فيها الأخبار …كلها متشابهة ..جامدة ومثيرة للحزن والكآبة !

ومن جانب آخر قال : أغلبها جوفاء يغلب عليها الطابع السياسي.

الصحف : ركيزة مهمة في الحياة الثقافية واستمرارها دلالة على الزخم الثقافي والاهتمام بهذا المجال ، بتعزيز الحركة الصحفية .

الصحف : أوراق ثمنها زهيد لكنها تحمل الكثير من البصمات التي تبقى راسخة في الذهن؛ فهي سهلة التناول ، بسيطة القراءة مباشرة الأسلوب ، فيها جميع الأغراض ، والأجمل من ذلك أنها تناسب كافة شرائح المجتمع : بدءا من طالب المدرسة وحتى المثقف العامي الذي لم يكمل دراسته يقرأها الأستاذ الجامعي ، ورجل الشارع وعامة الناس …

وتحمل كافة الأمزجة : فبين طياتها الرقيقة : تأتي الصفحة السياسية ؛ لرجالات السياسة ، والصفحة الثقافية والفكرية لأهل الفكر والثقافة ، والصفحة الأدبية والشعرية ، لعشاق الفنون والأدب والشعر ، إلى جانب صفحات وزوايا وأعمدة أخرى تختص بالمرأة والأمومة والطفولة ، والإبداعات المتنوعة والرياضة ، وأخرى فيها من الطرف والفوائد الفريدة مما يشد ذهن القارئ والمتتبع لها .

لأصحاب الرياضة كلام آخر : يقول أحد الهواة ممن كان له شأوٌ آخر في زمن الصحيفة ، قبيل الانتشار الواسع :

كنت أقص صور اللاعبين وأملأ بهم حجرتي ، كثيرا ما تجدونها على الحائط هنا وهناك …نعم ودائما مايغمرني الفرح حينما أجد فريقي المفضل قد فاز بالبطولة وحاز الكأس ..دائما الهداّف له مكانة مخصوصة على حائطي ، فهو يتوسط الحائط يبرز وجهه وتظهر عليه علامات التحدي ، وقد رفع يديه بالكأس عاليا ..أغمض جفنيّ وأفتحهما على وجه بطلي المفضل …

سيدة أخرى تحكي قصتها مع الصحيفة قائلة : لاأحصل عليها كثيرا

كنتُ أعمل حيلا متنوعة كي أغري زوجي بإحضار تشكيلة صحف حينما يعود إلى البيت ..لكنه لا يهتم كثيرا وقلما يعود بمجموعة صحف من مقر عمله .آخذها واللهفة تمزقني ، أفتح تلقائيا على صفحة المرأة والمطبخ ، أقول في نفسي لعلني أجد ( طبخة جديدة أفاجئ بها زوجي ) أقرأ حكايات الناس في الركن الاجتماعي ، وأقوم بكتابة بعض الأسماء النسائية التي تكتب على يسار الصفحة ، حينما أعلم أنهن أخصائيات اجتماعيات .

كنتُ أقوم بهذا العمل ولاأعرف لماذا ..لعلني أُشعِر نفسي أنني على تواصل مع من يكتبون على هذه الصحف …

أما العم سليمان وهو صاحب بقالة، سألناه عن مكانة الصحيفة في قلبه؟

ضاحكنا قائلا: لا يهمني منها شيء سوى الكلمات المتقاطعة ولعبة المتاهة !! وإن حدث واشتريتها فإنني أهتم كثيرا بالسياسة والاقتصاد. 

أما دور الصحيفة لدى طلاب الجامعات ؛ فهو أقل مكانة عن العامة والمثقفين …فالطالب الجامعي لايهتم كثيرا بالصحيفة ، أحدهم قال : قد يحدث ذلك في حالة إن نشرت نتائج الامتحانات عليها .

آخر قال : كنت أشارك بخواطر ..وأرسلها إلى صديق لي له معرفة بأهل الصحف والقائمين عليها ، فكنت أترقب وصولها حتى أرى أعمالي .

أليس للصحيفة دور ريادي ؟

نعم للصحيفة دور ريادي ، فهي ضالة المجتمع ، تعني الكثير رغم ضآلة الإقبال ، لكنها تظل بصفحاتها المعدودة ومواضيعها المختصرة وأقلامها النافذة ، ركيزة لايستغنى عنها ، ففيها الخبر السريع ، والمعلومات المتنقلة السهلة التناول ، وفيها الأفكار العذبة المتنوعة ، والموقف الاجتماعي ، ومعالجة كثير من قضايانا الاجتماعية .

فالمجتمع اليوم يفضل تلك الصحف التي تلمس حياة الناس مباشرة ، تحكي همومهم ، تشرح مشاكلهم ، وتضعها في صورة العلاج الاجتماعي.

الناس اليوم يبحثون في الصحف عما يفيدهم ويثريهم ، فقد ملّ الكثيرون الأخبار والمواضيع السياسية ؛ التي كثيرا ما يشاهدونها عبر القنوات ، وعبر عديد المواقع .

تحتاج الصحف من القائمين عليها ، لانتهاج جديد، وطرق متنوعة لتكون قريبة من القارئ ، يعود إليها ويستفيد منها ويضعها بين صفوف مكتبته مرجعا من مراجع الثقافة المبسطة والمفيدة . 

مقالات ذات علاقة

فماذا تمطر سماء طرابلس؟

قيس خالد

يضرسون

ميسون صالح

متلازمة بوتفليقة

سالم العوكلي

اترك تعليق