من اعمال التشكيلي الليبي .. علي العباني
المقالة

فماذا تمطر سماء طرابلس؟

من اعمال التشكيلي الليبي .. علي العباني
من اعمال التشكيلي الليبي .. علي العباني

 

إذا كانت سماء جينيف تمطر ساعات اوميغا و سماء طوكيو تمطر العاب فيديو و سماء روما تمطر ايات وسماء برلين تمطر فلاسفة فماذا تمطر سماء طرابلس؟

يقول الخياط تمطر قماشًا ، و يقول الحطاب تمطر خشبًا ، و يقول الجزار تمطر ابقارًا و تقول العاهرة تمطر حبوب منع الحمل ، و لكن سماء طرابلس وكل سماء تمطر ماء فقط ماء ، و إذا اجتازت طرابلس مرحلة العطش كما اجتازتها مدن أوروبا فستقف عند خط الانطلاق الذي انطلق منه العالم ، إن السماء تعطي الماء للجميع و تضع الجميع في خط انطلاق واحد ، و هذا كل ما يمكن أن تفعله أي لجنة تحكيم عادلة في أي سباق اوليمبي…

الكون نظام دقيق كما ترى ، و السمة الاولى للانطمة الدقيقة أنها محصنة جدًا ضد الخوارق و المعجزات ، و الانظمة الدقيقة ايضًا تعتمد على التراكم في تطورها و على الطفرات في تاريخها التراكمي وليس على المعجزات المدمرة في الاتجاه المضادة ، فمثلا إذا تزوج رجل افريقي من امراة افريقية و دعا ربه في صلاة الجماعة أن يحصل على طفل اشقر فإن دعوته لن تتحقق و مستحيل أن تتحقق لأن الدعاء المستجاب في هذا الظرف يصبح جريمة ضد النظام و ضد الافارقة الاخرين و اطفالهم السود ، و يصبح الحل الوحيد للرجل الافريقي أن يتزوج امراة سويدية و يحصل على طفل نصف اشقر لأن كما قلت لك ، الطفل الاشقر من ابوين افربقيين معجزة غير عادلة تدمر النظام ولا يمكن أن يحقفها إله يتصف بالعدل…

حين ذلك و في حالات كثيرة يصبح الدعاء مجرد دعوة لله بأن يتخلى عن صفة العدل و يرتكب قليلًا من المظالم ، و يخترق نظام الطبيعة الدقيق و بالتالي يعطل إرادة العقل للإنسان ، فإذا كانت الدعوة المستجابة معجزة و إذا كان الله قد منح الانسان عقله الدقيق و منح الكون نظامه الدقيق فإنه لا يمكن أن يحقق على الارض معجزة واحدة ، لأن المعجزات كما قلت لك تدمر النظام أي أنها لأبد أن تحدث في كون فوضوي لا نظام له ، و تحدث مع إنسان لا عقل له ، مع إنسان مرتبك و متناقض يؤمن أن الكون نظام محكم و دقيق و يؤمن أن المعجزات العشوائية تحدث في هذا النظام…

أنا اسف و أنا اعرف أن رأيي محبط و لكنني أري أن الكون نظام مدهش الاحكام و احكامه لا ينهار أمام بضع كلمات مكررة في صلاة الجماعة…

مقالات ذات علاقة

نبذة عن تاريخ العلاقات الليبية التركية

المشرف العام

الثورة العميقة.. التفكير في «التحول»!

حسام الوحيشي

ثنائية المدينة ودلتا الوادي

المشرف العام

اترك تعليق