متابعات

مركز المحفوظات يُحيي ذكرى المجاهد محمد البوسيفي

ندوة خاصة عن الشيخ المجاهد “محمد عبد الله البوسيفي”

افتتح المركز الليبي للمحفوظات والدراسات التاريخية بمدينة طرابلس موسمه الثقافي الجديد لعام 2024م، وذلك بإقامة ندوة خاصة بمناسبة حلول الذكرى المائة وعشر سنين لاستشهاد الشيخ المجاهد محمد عبد الله البوسيفي” صباح يوم الأربعاء 10 من يناير الجاري بقاعة المجاهد حيث تخلل البرنامج العام الذي قدمه وأداره الدكتور “علي الهازل” عدد من الفقرات من بينها مشاركة للشعراء الشعبيين من أبرزهم الشاعر “أحم النويري”، واستهلت أولى الفقرات بقراءة آيات بينات من الذكر الحكيم تلاها النشيد الوطني ثم قرأ الدكتور الهازل مقدمة المركز التي أشار من خلالها إلى أنه بيس بوسع الباحث أو الدارس لهذه الشخصية جمع ما توفر من معلومات قليلة وروايات شفوية جُمعت عن فترة حياة الرجل ونشاطه بالمصادر العثمانية والليبية نادرة وقليلة، وكذلك المصادر الإيطالية قليلة هي الأخرى واستشهاده مبكرا جعل المصادر الإيطالية تكاد تهمله ثم ألقى الدكتور “محمد الطاهر الجراري” رئيس مجلس إدارة المركز كلمة الافتتاح مضيئا عبرها على أبرز المحطات القتالية والنضالية للشيخ البوسيفي ضد قوات الاحتلال الإيطالية، تلتها كلمة للسيد “محمد علي الأشتر” عميد بلدية نسمة أكد فيها على مساهمة منطقة القِبلة في جميع المعارك الأولى التي جرت في محيط مدينة طرابلس مضيفا بأن دور أبناء منطقة القِبلة لم يبدأ في البروز بشكل قوي وحاسم إلا بعد وقوع معركة جندوبة ومشاركة سكان القِبلة بقيادة المجاهد محمد البوسيفي، وأوضح الأشتر أن المجاهد البوشيفي كان من طليعة القادة والزعماء اللذين رفضوا مبدأ قبول الصلح مع إيطاليا وأعلن عزمه على الاستمرار في المقاومة مع رفاقه.

مراحل ظهور شخصية الشيخ البوسيفي
فيما انطلقت لاحقا أعمال الجلسة الأولى من الندوة بمشاركة الكاتب والباحث “محمد البوسيفي” وتناول في ورقته مراحل ظهور شخصية الشيخ البوسيفي فقد كان البوسيفي من أوائل الملتحقين بقوافل المجاهدين تحت قيادة الشيخ عبد السلام عبد الله السني مشيرا إلى أن البوسيفي توزعت مشاركاته في معارك الساحل والشط وأبو مليانة وسواني بن آدم وجنزور والهاني وقرقارش، وبيّن الباحث أنه بعد هذه المعارك تم توقيع معاهدة أوشي لوزان بين تركيا وإيطاليا تنازلت تركيا بموجبها عن ولاية طرابلس الغرب لإيطاليا وأعلنت استسلامها، وكان لهذه المعاهدة أثر كبير على حركة الجهاد وعلى نفوس المجاهدين الليبيين معتبرين بأن تسليم البلاد لدولة صليبية غازية هو نوع من الخيانة من قبل الأتراك، وتابع : استغلت إيطاليا هذا الظرف بالتوسع في مدن المنطقة الغربية موضحا أن الأحداث التي أعقبت معركة جندوبة أظهرت الكثير من الخلافات كانت الأكثر حِدة كونها تدعو للقبول بالأمر الواقع والتفاوض ومهادنة الإيطاليين مما زاد التفكك والانقسام في صفوف وأوساط حركة المقاومة، والشيخ محمد البوسيفي ممن رفضوا الاستسلام والدخول في المساومات السياسية وأعلن الاستمرار في النضال المسلح منتقلا بمعية رفاقه إلى الجنوب للتصدى لحملة مياني العسكرية.

جغرافيا المكان
كما شارك الدكتور “محمد الأعور بورقة بحثية بعنوان جغرافيا مكان…المعركة(قارة محروقة)، وتناول في ورقته المظاهر الطبوجرافية لمنطقة المعركة علاوة على دور العناصر المناخية في الحركة، وأيضا للسكان والتجمعات السكانية وغيرها من العوامل البشرية التي تساعد في تنوع البيئة الطبيعية والبشرية في كل إقليم، وأضاف الدكتور الأعور أنه حينما نتحدث عن ليبيا كجغرافيا نجد بأنها من الدول البسيطة طبوجرافيا فلا توجد بها سلاسل جبلية معقدة وصعبة ولا توجد بها أنهار ومياه جارية فالواقع الطبوجرافي للبلد في معظمه مناطق سهلية أو هضبية، وهذه العوامل حسب الدكتور الأعور لا تساعد القوة الغير متوازنة بين الطرفين مثلا في إيجاد مخابئ وأماكن يمكن أن تلجأ إليها تلكم القوات فالمناطق التي ترتفع قليلا هي مناطق الشمال مثل الجبل الغربي والجبل الأخضر بيد أنها تتواجد في مناطق غير مأهولة بالسكان وبالتالي الاستفادة منها ربما قليلة، ولفت الدكتور الأعور إلى أن أهم الظواهر التي تميز الصحاري الليبية هي ما يُسمى بالقور أو القارات هو اسم يُطلق على الموائد الصخرية التي استخدمت بأشكال مختلفة وفي أوقات مختلفة بوجه جيد كمناطق سيطرة وإشراف على كافة الصحراء الليبية التي تعبرها الطرق العابرة سواء كانت حملات عسكرية أو طرق قوافل أو حجيج من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب للتتحول هذه القارات لأماكن آمنة فتمكن السكان المحليين من مراقبة المساحات بالكامل وحماية أنفسهم من أية غزو خارج منطقتهم.

الدور القيادي للشيخ البوسيفي
وشارك الدكتور “عبد السلام محمد الصيد” بورقة بحثية حملت عنوان (الدوري القيادي والجهادي للشيخ محمد بن عبد الله البوسيفي” تطرق فيها إلى ظروف نشأة الشيخ البوسيفي ومولده ودوره في نشر العلم خلال مرحلة ما قبل الجهاد فقد ولد الشيخ البوسيفي في أحد وديان أولاد أبو سيف في ظل أسرة كريمة تحتفي بالعلوم والمعرفة حوالي عام 1853م بمنطقة وادي زمزم وتعلم منذ نعومة أظفاره الفروسية وركوب الخيل وفنون القتال وحب الدين والوطن، وأردف الدكتور الصيد بالقول : لقد كان لهذه النشأة البدوية الدينية دورا كبيرا في التحاقه بحركة الجهاد وحضوره المبكر من إخوانه من قبيلة أولاد أبو سيف للمعارك الأولى بطرابلس ضد الغزو الإيطالي، وكان رجلا قياديا بارزا في قومه، مضيفا قائلا : كان الشيخ البوسيفي يتردد على زاوية أبي ماضي ويهتم بشؤونها فتولى مسؤولية صيانة الزاوية والتنسيق لزيارة أولا أبو سيف السنوية لضريح جدهم عبد النبي الأصفر بجبل ككلة لما فيه من فائدة كبيرة لجمع أفراد القبيلة للتشاور والتنسيق فيما بينهم في مختلف أحوال وشؤون حياتهم.

صفحات من سيرة المجاهد
بينما تناول الباحث “جمال أحمد محمد الدرويش” جهاد الشيخ البوسيفي ما بين عاميّ 1911 و1912م، وتوقف بالشرح والتحليل حول معاهدة أوشي لوزان وما جرته من تداعيات شقت صف حركة الجهاد وخلطت الأوراق، وفي المقابل شارك الباحث الدكتور “علي محمد رحومة بورقة بحثية أضاء من خلالها على صفحات من سيرة الشيخ البوسيفي بدءا من مولده ومراحل حياته الدراسية والفقهية والنضالية فضلا عما عرف به من نشاطه اجتماعي وديني ووعيه الوطني المبكر وعلاقاته الوطيدة بمختلف أعيان المنطقة، وعرّج الدكتور رحومة على دور الشيخ البوسيفي في ترميم وصيانة زاوية أبي ماضي ببلدة ككلة عام 1911م.

مقالات ذات علاقة

طرابلس تحتفي باليوم العالمي للتنوع الثقافي

المشرف العام

مركز المحفوظات ينظم حلقة حوارية عن المقاومة الليبية والفلسطينية

مهنّد سليمان

أستنطاق الخشب 

ناصر سالم المقرحي

اترك تعليق