طيوب عربية

وداعًا شاعر البابطين

الشاعر الكويتي عبد العزيز سعود البابطين (الصورة: عن الشبكة)

 «أغنيات الفيافي»

رحل عن عالم الشاعر الكويتي الكبير العزيز سعود البابطين صباح يوم الجمعة الموافق 15 ديسمبر 2023 م نهاية هذا العام عن عمر يناهز ٨٧ عاما. و قد عاش بين ( 1936 –  2023) م

دعي الملامَ فإنَّ اللَّومَ أرهَقَني

وأرهَقَ النَّفسَ تعليلي وتَسهيدي

وهزّني ألمٌ في القلبِ أوجَعَني

يزيدُهُ اللَّومُ ما يُضني أناشيدي

سكبتُ روحي بكأسي كي أنالَ بِها

حبّاً بحبٍّ وإمعاناً بتَوحيدِ

فراعَني أنَّ أعوامي وقد مُزِجَتْ

بالمُرِّ والبَينِ تمضي بالتّناهيدِ

واضيعةَ العُمرِ والمحبوبُ تُبعدُهُ

سُودُ اللَّيالي وذكرى مَنْ بِها عِيدي

حاولتُ أسلو فلا السُّلوانُ أرجَعَها

لياليَ الوصلِ أو حُلوَ التَّغاريدِ.

ودع العالم العربي هذا الشاعر الإنسان الرقيق والداعم لمنظومة الثقافة من خلال مشروعه الكبير (معجم شعراء البابطين) الذي سلط الضوء عن شعراء العرب وسجل ووثق حياتهم وإنتاجهم الشعري في موسوعة خاصة من عدة أجزاء..

أضف إلى مؤسساته التجارية وخدماته الإنسانية، فهو رجل أعمال وشاعر كويتي، ورئيس مجموعة البابطين للإبداع الشعري.

فمعجم البابطين سفر عظيم وموسوعة ديوان العرب الخالد الذي سجل سيرة ومختارات الشعراء عبر العصور والأمصار ومن خلاله كان مدخلنا لدراسة كثير من الشعراء فهو بمثابة نقطة شعاع يضيء درب الشعر والشعراء أمام كل متذوق لهذا الفن الجميل والأصيل هكذا..

نشأته:

نشأ الشاعر ورجل الأعمال عبد العزيز سعود البابطين في دولة الكويت الشقيق.

فهو عضو في اللجنة الوطنية الكويتية لدعم التعليم.

عضو رابطة الأدباء في الكويت.

عضو مجلس أمناء المجمع الثقافي العربي في بيروت.

عضو جمعية فاس سايس الثقافية في المغرب.

عضو مراسل في مجمع اللغة العربية بدمشق.

عضو مجلس أمناء مؤسسة الفكر العربي وأحد مؤسسيها.

عضو مجلس أمناء جامعة الخليج العربي في البحرين.

عضو مجلس أمناء كلية الآداب – جامعة الكويت.

الرئيس الفخري لجمعية المكتبات والمعلومات الكويتية.

دوره الاقتصادي:

 كان من رجال الأعمال المعروفين في الكويت وله نشاط تجاري وصناعي بارز في أوروبا، أمريكا، الصين، والشرق الأوسط، وله استثمارات عديدة ومتنوعة في عدد من الدول العربية.

تُوفي الراحل عبد العزيز سعود البابطين في صباح يوم الجمعة الموافق 15 ديسمبر 2023.

أصدر عبد العزيز البابطين ثلاثة دواوين شعرية:

أصدر ديوانه الأول «بوح البوادي» عام 1995.

أصدر ديوانه الثاني «مسافر في القفار» عام 2004.

أصدر ديوانه الثالث «أغنيات الفيافي» عام 2017 م.

مختارات من شعره:

مع قصيدة عبد العزيز البابطين بعنوان (وعُمري ينطوي) والتي يختصر فيها معادلة الحياة بين الحب وعصر الشباب ثم الولوج إلى مطاف الحياة من منطلق رسالة الشعر وهو يصور لنا لوحاته في تعبير راق ٍ يكشف لنا موسيقى الشعر والشجن فيقول فيها:

بَدَتْ شمسي وقد أرخَتْ جُفوناً

كأنّ شُعاعَها يرنو لأمسي

بعينٍ كادَ يُثقِلُها سُهادٌ

أقضَّ مضاجعَ الذِّكرى بِهمسِ

أأيّامي ويا فجري بَعُدْنا

أما من عودةٍ لرفيقِ نفسي؟

فقد ضاقت بروحي أُمسياتي

وليلي باع أحلامي ببَخْس

وعُمري ينطوي والثِّقْلُ فيهِ

وقد حَمَلَتْ سِنوه جبالَ بُؤْسِ

وكادت وحدَتي تُمسي عذاباً

تُعاني بالزَّمانِ هُمومَ نَحسِ

ولكنّ الربيعَ أتى ضحوكاً

تعانقه الورودُ عناقَ عُرْس

وتعبقُ من ثناياه عطورٌ

تهدهدُ خافقي وتُثير حِسّي

وشمسي أشرقتْ إشراقَ نورٍ

تُعيد البهجةَ الأولى لشمسي

فهذا القلبُ حَرّره اصطبارٌ

وأطلقَ قيدَه عزمُ التأسّي

وهذا الصبحُ رَدَّدها اقتداراً:

سِنو عُمْري سأُمضيها بأُنْس.

*

ويقول في قصيدة أخرى بعنوان (رحلة على أنغام الناي) في ثنائية التأمل والإقرار على أنغام ربابته في تدفق وشوق وحنين وسط هالات شجن وتمرد ينشده على مر السنين منشدا:

يا نايُ ما لكَ تبكي الوصلَ مُتّشِحاً

بالحزنِ والشوقِ والآهاتِ والألمِ

تبكي الزمانَ الذي ولّى وتذكُرُهُ

في كلِّ آهٍ بأشكالٍ من السّقمِ

فبُحَّ صوتُكَ من مَرّ السنينَ وقد

شاخَ الزّمانُ بلحنٍ فيكَ مُنسجمِ

يا نايُ هدئ وسلني لا تُناوِحُني

سلني عن النّوحِ والألحانِ والنغمِ

إذ جذوةُ الشّوقِ في نفسي قد اشتَعَلَتْ

منذُ الزّمانِ الذي شطّتْ بِهِ قَدمي

فنبرةُ النّوحِ تُشجي بل تُذكِّرني

أحبابَ أمسٍ مَضَوا في عَتْمةِ الظُّلَمِ

يُقطّعُ القَلْبَ صوتُ النايِ، يأخذني

إلى الوراء سنيناً عاشها حُلُمي

النّوحُ يُجدي ولا الأنغامُ تُرجِعُه

ولا البكاءُ على الأطلالِ من شِيَمي

فالصَّبرُ عنديَ يبنيهِ التجلُّدُ بي

والحزنُ يبقى ويبقى فِيَّ للعدمِ

أأنتَ مثليَ يا نايَ الهَوى حَزِناً

أم تُطربُ الحيَّ في مِزمارِكَ الهَرِمِ

نُحْ ما تشاءُ فلن يُجديكَ نَوحُكَ يا

رفيقَ دربيَ فالمكلومُ لم يُلَمِ

فأنتَ مشتاقُ لا ريبٌ بِذاكَ ولا

شَكٌ بشوقِكَ يا نايٌ فأنتَ ظَمي

لكنّني والهَوى الغالي يُبرّحُني

مَسٌّ من الحبّ فاقَ الحُزْنَ وَسْطَ دَمِي

أنا الذي يَتَقضّى عمرُه هَزِئاً

بالحزنِ والشّوقِ – مهما زادَ – والألمِ.

بعد رحلة شعرية ملفوفة بالغناء والبكاء بلغة المشاعر ذات نبرات الحزن برغم إنه يمتلك مقدرات المعيشة والرفاهية لكن نبض الشعر يسمو مع الروح رافضا صرعات الحياة فينشد موال الجمال بين ظلال الحياة كما في نظرته إلى ماهية الأشياء داخل الأحاسيس والنزعة الصوفية الحزينة مع البحر والليل والعزلة والسفر وأغانيه التي تجسد موكب الحياة في تلقائية وتبقى أعماله تنطق بالوجود عملا وشعرا ومعجما في عبقرية عطاء دائما..

فسلام على البابطين في سجل الخالدين.

مقالات ذات علاقة

إعلان الرواية العربية الفائزة هذا العام سيكون إلكترونياً

المشرف العام

اليونسكو تختار الشارقة عاصمة عالمية للكتاب 2019

المشرف العام

الحصار

المشرف العام

اترك تعليق