قصة للأطفال
ذات صباح جميل خرجت القطة “نونو” مع صغيرها كعادتها تبحث عن قوتها اليومي، وقد مرّت بشجرة الخوخ العالية، وإذا بها ترى حيّة رقطاء كبيرة تتأهب لمهاجمتها، تساءلت القطة في سرّها قائلة: ما الذي يحدث حولي؟ هذه الشجرة شجرتي هي بمثابتي وطني الذي كبرت على أغصانها كلمّا ضاقت بي الأرض، ومن فيها من خصوم لي، وفجأة رأت الحيّة الرقطاء تتقدم نجوها مكشّرة عن أنيابها، ساحبة ذيلها نحوها، حاولت القطة أن تواجه الخطر الذي يداهمها من قبل تلك القاتلة الغادرة، فكرت مليّا في الهروب، لكنها تذكرت صغيرها الذي يرافقها، ولا يقوى على المواجهة، وفي تلك اللحظة دفعت بالصغير بعيدا عن الخطر، وراحت تراوغ الحيّة بالصعود إلى أعلى الشجرة كي ينجو صغيرها من الخطر، وهنا أطلقت الحيّة سيلا من سمومها نحو المسكينة، وقهقهت بصوت عال، لقد حانت نهايتك أيّتها القطة الماكرة، هذه الشجرة التي ترينها موطنك منذ الطفولة هي الفخّ الأبديّ الذي استعمله لصيد كلّ من يحطّ على أغصانها، واصلت القطة الصعود نحو الأعلى، فتبعتها الحيّة، وكان المشهد مروّعا في ذلك الصراع الدمويّ القاتل، وهناك على بعد أمتار… وقف قرد وخنزير وضبع يشاهدون ما يحدث، صفّق الخنزير، رقص القرد، وقهقه الضبع في غياب الأسد فرحا بذلك المشهد، وظلّ الصراع بينهما طويلا، فكلّما تقدمت الحيّة حاولت القطة القفز إلى غصن آخر كي تستعد من جديد إلى المواجهة، وهي تبرز مخالبها في وجه الخطر، ولكن المسكينة لم تنتبه الى ذلك الغصن الذي وقفت فوقه، كان غصنا ضعيفا يابسا، فانكسر الغصن، وهوت إلى الأسفل في قاع بئر لعينة ليس بها ماء، وهنا تعالت أصوات المشاهدين من الحيوانات ساخرين مما وقع لتلك لمسكينة، لم يعبئوا بما حدث لها، غير أنّ كلبا أليفا كان على القرب من البئر أسرع والى نجدتها، وراح يدور حول البئر، ويصدر نباحه عاليا، ولمّا يئس من الجميع.
أسرع إلى قطع غصن شحرة صغيرة ورمى به داخل البئر، حاولت القطة التسلّق للخروج لكنّها لم تتمكن من ذلك، فكر الكلب مليّا، فانتبه الى ذلك الحبل الذي كان بالقرب منه، فأمسك بطرفه ورمى الطرف الثاني للقطة، وهنا تسلقت بكلّ خفة صعودا نحوه، و في عينيها طوفانا من الحب والشكر للكلب وقالت قولتها الشهيرة التي رددّتها كلّ الكائنات : ليست الإنسانية هي تلك التي يتشدّق بها بنو البشر، وهم في أحوج منّا إليها، ولكن الإنسانية أن تصنع جميلا أبديا عندما تقف في صف الضعيف صاحب الحق، وتقول: بصوت عال في جه الظالم المتجبر قف عند حدودك.. أيّها المعتدي الأثيم.