متابعات

ندوة ثقافية تطرح أسئلة الترجمة الأدبية

الطيوب : متابعة وتصوير / مهنّد سليمان

ندوة بعنوان (أسئلة الترجمة الأدبية)

اُقيم مساء يوم الإثنين 14 من الشهر الجاري بحوش محمود بي ندوة ثقافية أدارتها وقدمتها الشاعرة والمترجمة “مريم سلامة” حيث حملت عنوان (أسئلة الترجمة الأدبية)، وذلك ضمن فعاليات الموسم الصيفي لليالي المدينة بطرابلس، وشارك فيها كل من الدكتور “محمد بلحاج” نائب رئيس مجمع اللغة العربية، والكاتب والمترجم “عبد السلام الغرياني”، واستهل الدكتور بلحاج مدخلته بالإشارة قائلا : إننا إذا أردنا المعنى الدقيق للمعنى المتسع للترجمة الأدبية فهي الترجمة التي تُعنى بنقل الفنون الأدبية بأنواعها، أما ما عدا الفنون الإبداعية من شعر وسرديات فهذا المجال هو ما يمثل الإبداع الذاتي للأديب، وبصورة دقيقة يصدق عليه الترجمة الأدبية، وتابع بالقول : أما إذا وجدنا ترجمات لنصوص في مجال الفلسفة والأخلاق وعلم الاجتماع وفي علم النفس أحيانا هذا الأمر يعتمد على الكاتب ومدى تمكنه من اللغة العربية، وأضاف الدكتور بلحاج بالقول : هنالك تباين كبير بين المترجمين فمثلا ثمة مترجم يشدك بأسلوبه ولغته مما يُشعرك بأن تقرأ الكتاب في لغته الأم، وأوضح الدكتور بلحاج : يظل ما نعنيه بالترجمة الأدبية هي الترجمة التي تتناول الفنون الأدبية الإبداعية من شعر بجميع أشكاله وأنواعه ومن سرديات مثل الرواية والقصة والأقصوصة وما يجاورها كالسيرة الذاتية تحسب أيضا على النصوص الأدبية باعتبارها تعتمد على العطاء الشخصي.

علو كعب حركة الترجمة في ليبيا
كما أكد الدكتور بلحاج بأن هنالك فرقا ملحوظا لو تتبعنا النتاج في مجال الترجمات الأدبية بين جيل الرواد إبّان أواخر القرن التاسع عشر بعد ذلك على امتداد عقود القرن العشرين مع دخول الألفية الجديدة، وأردف بالقول : نحن في ليبيا إذا رصدنا نتاج الراحل “فؤاد الكعبازي” الذي ترجم من العربية إلى الإيطالية، والراحل “خليفة التليسي” ترجم من الإيطالية والإنجليزية إلى العربية، علاوة على جهود الدكتور الراحل “علي فهمي خشيم” إذ ترجم عن اللغة اللاتينية من خلال اللغة الإنجليزية، ولفت الدكتور بلحاج في سياق مداخلته إلى أن عندما نُحصي عدد المترجمات في المكتبة الليبية نجد بأن أكبر رقم حققه حتى الآن هو الدكتور الباحث “نجيب الحصادي” الأستاذ المتخصص في علم الفلسفة فهو ترجم ما يقارب عن 38 كتابا، وبيّن الدكتوربلحاج من جهة أخرى أن حركة الترجمة في ليبيا حركة فرضت وجودها فالمقارنة مع الكثير من البلدان العربية المجاورة سنجد بأن لليبيا تميزا وشخصية بارزة في هذا الإطار.

الاقتراب من النص الأصلي
بينما أضاف الكاتب والمترجم “عبد السلام الغرياني” قائلا : بأنه مهما اجتهد المترجم فلن يقترب من النص الأصلي وهو قول متداول وشائع لديه مناصروه والمختلفون معه، فعلى سبيل المثال الراحل بورخيس قد فنّد هذا الزعم المتداول فهو يقول يصل أحيانا النص المترجم لدرجة أنه يتفوق على النص الأصلي، وأشار الغرياني أن الترجمة الأدبية أصعب أنواع الترجمة وأكثرها ذكاءً وأنبلها لكونها تتكىء على مخيال المبدع وتضم تطلعاته وبيئته، ولكي تنقل البيئة أو المحيط الذي كتب فيه النص إلى لغتك العربية يحتاج من المترجم لحساسية مفرطة وجهد وبحث كبيرين، وبحث في حياة المؤلف وظروف كتابته وبيئته الاجتماعية كل هذه العوامل لابد للمترجم أن يتشرّبها ويتقمصها، وساق الغرياني بضعة أمثال مثل الأعمال التي تُرجمت لفوكنر وهيمنجواي وغيرهم،وكتابات فوكنر مشحونة بالعنف وبالتالي جاءت ترجمته مربكة ومشتتة حتى القراء الأمريكان نفسهم بسبب التعقيد والجمل الطويلة والتلاعب بالأزمنة أما حينما نقرأ هيمنجواي فهو يكتب بلغة سلسة وبسيطة جدا تعكس شخصيته.

الشرط المعياري للترجمة الأدبية
وعرّج الغرياني أثناء مداخلته للروائي “ميلان كونديرا” وذكر بأنه لطالما كان على خصومة دائمة مع المترجمين لكونه يحمل الروح التشيكية علما بأن لديه القدرة على الكتابة باللغة الفرنسية لكنه لم يُرد، وأكد الغرياني إن المترجم في وقع الحال ذوّاقة فليس بإمكان كل من امتلك ناصية اللغات الأجنبية أن يُقدم على ترجمة عمل أدبي أو إبداعي، وحسب رؤية الغرياني المترجم هو مشروع روائي لما يتمتع به من حساسية فنية وإبداعية كبيرة، وبسبب ميوله لكتابة نص روائي عندما يترجم تجيء ترجمته على نحو من الألق والشرف، وشدد الغرياني كذلك على أن موهبة المترجم شرط معياري لا حياد عنه فمع موهبته واتقانه للغة ودراسته وبحثه الشخصي سيستطيع القيام بترجمة أي عمل نثري، وعزا الغرياني أحد أسباب نجاح وذيوع صيت الروائي الكولومبي ماركيز إلى أنه يملك ملكة الحكي فهو حكّاء من طراز رفيع، وقد اكتسب هذه المهارة من بيئته المحلية من خلال حكايا جدته.

بدوره يرى الغرياني أن الترجمة الوسيطة تكاد تنتقص من النص الأصلي والمثال على هذا الأمر نجده في ما ترجمه الراحل “سامي الدروبي” لكن إذا كانت تصل إلى مستوى النص الأصلي فلا بأس بها، وشدد الغرياني قائلا : إن نقل النصوص الإبداعية للغة العربية مرهونة بمدى حساسية وموهبة المترجم، و90% من الترجمات المنتشرة الآن أصيبت بالشلل ومردّ ذلك يرجع لاستعجال كتابها والدور النشر التي تسعى للربح المادي على حساب جودة النص.

مقالات ذات علاقة

تنوع أدبي أخر في الأمسية السادسة والعشرين لمنتدى السعداوي

المشرف العام

مكتبة طرابلس العلمية تحتفي باليوم العالمي للكتاب

عبدالسلام الفقهي

منتدى السعداوي يستضيف منتدى وادي الشاطي

المشرف العام

2 تعليقات

محمد ابراهيم اللافي 17 أغسطس, 2023 at 13:58

هل يعلم القائمون على الندوة بوحود قسم مختص بدراسة الترجمة في جامعة طرابلس وبالتالي وجود اساتذة متخصصين بوسعهم الافادة في موضوع الندوة.

رد
المشرف العام 18 أغسطس, 2023 at 07:20

نشكر مرورك الكريم

رد

اترك تعليق