شظية الشفاء:
ذهب للبحر يشكو له ما آلت اليه حال بلاده، يمشي بخطى مُتعبة كما هو مصير الغريب، اكتسى البحر ثوب الأصيل في مرابع الغيوم من وراء نقابها، جاءه الموج تباعاً، الأستار والحُجب، موجةٌ تتداعى أثر موجة.. تقدمت منه موجة لم يذهب عنها أريج الريح، غمر فيضها أرجله بشهيِّ شرابها، همست فقالت بحماس يمنح للظامئ قطرة: الشفاء الذي تبحث عنه لبلادك كالدهر لا أحد يراه وإنْ كان يبدو كذلك، سيظهر في الزمن المعدود عندما يكون مؤهلاٍ لذلك، فجزاء الإحسان إلا الإحسان.. ذهبت كلّ هبات الأسى في عقله وكتم الشكوى التي تورث ألماً غير منظور.
شظية المفتاح:
عاد إلى بيته سكراناً مترنحاً، كان مساءً جميلاً، لم يضيع العنوان، وضع يده في جيبه، لم يجد مفتاح البيت، أزهرت في هذه اللحظة فكرة في رأسه، كسّر الباب، دخل غرفته ورمى بجسده على فراشه، يبسم الليل في الليل المبرّح.. صحا مصدعاً متعباً، خرج من الغرفة، سحقته رؤية أنْ يرى كل ما يملكه قد اختفى بما في ذلك نقاله جالب المسرات له وأنيس الحياة الشقية. ضحك كالمجنون، رواح بين السرور والخوف وقال متمتماً: آثام تهرب في كنف الليل.