مجاهد البوسيفي
(1)
مرحبا يا أبي
هل تسمعني من خلف الغيب بما يكفي لأخبرك
بأن
الدنيا قد اخذت نصيبها كاملا مني
ولست متأكدا
أنى قد حصلت منها على شيء
حتى ضحكتك المباغتة
التي كنت تناور بها الايام
سقطت مني سهوا اثناء نوم متقطع
على سرير مخاتل من قصدير
وصرت اعزل بابتسامة بلهاء
بالكاد أنفق منها بحذر على المرارات
احفادك الذين لم تراهم
منشغلون بتعلم لغات العالم الجديد
والعاب غريبة بلا نهايات
يربتون
باستعجال على كتف وحدتي
وذاكرتي المتعبة من الترحال
ويسألون عن اشياء تبدو لي قصية بلا اجابات
فأنا ما عدت اعرف يا ابي
الخطط السرية للحياة
منذ ان اختفى عكازك الحكيم
الذي كان يقود قافلة من الشفرات
أخبرني ارجوك
هل عندكم مكان للسلوى إذا ما حضرت
ام ان نصيبي هو هو في الحالين..
(2)
هل تذكر طريق المدرسة يا ابي؟!
المدرسة التي اخذتني اليها يوما
لتخبر المعلم بصوتك الواثق الأجش
ان لا يكسر عظمي ويضربني كيفما يشاء
تلك الطريق المتعرجة مثل الشك
التي علمتني
كيف اتجنب فيها كلب مسعود الشرس
وكيف اكون لطيفا مع تلك المرأة المسنة
وهي تنادي الاطفال باسم ابنها
الذي مات في الحرب
فلا يدري أحدنا بأي ارض يموت
الطريق الملتوية مثل احلامنا
التي نقطعها متوجسين من طابور الصباح
وغضب المعلمين لأسباب لا دخل لنا بها
تلك الطريق يا ابي
صارت رياضة في هذه البلاد يسمونها “هايكنغ” لها منافع لتوسيع البال
جبر الخاطر
وترميم الذكريات
في كل مرة
يستغرب الجميع كيف اسبقهم بزمن
يجدوني جالسا في ظل شجرة النهاية
انتظرهم بهدوء
وانا اكتب لك هذه الكلمات
متذكرا تلك الايام
التي بدأت فيها السير بحذر
في طريق المدرسة الذي ادى بي الى هنا..