العمل الإبداعي يفرض نفسه من البداية ويسترسل حتى النهاية دون كلل أو ملل. قرأت الرواية أكثر من مرة وكنت كلما تقدمت في قراءة الصفحات أعود للبداية من جديد.
حكاية طفلتين كل منهما تسرد قصتها وتحكي لنا عالم موازي لما تحكيه توأمها. رواية سياسية اجتماعية تبدأ في فترة السبعينات تتدرج الأحداث في ليبيا تصف فيها الكاتبة كل ما عايشناه تلك الفترة إلى ما بعد ثورة فبراير.
ثلاث مراحل من حياة الأسرة: الجد والجدة وحياتهم الهادئة في البداية والمفعمة بالتفاهم والود ثم ما صاحب فترة السبعينات وما بعدها من احتقان والكبت نتيجة لشعارات مقيتة ولاحقا فترة الألفية وعثور ريم على فرصتها التي منحت لحلمها وقدرها لأن يتحقق.
تشير الكاتبة لعدد من الشخصيات ومع كل شخصية تقدم لنا القصة الكاملة دون أن نشعر بالملل من السرد. ريم وديما طفولة توأم كان من الصعب التفريق بينهما ولكن بمرور الوقت صارت العائلة تميز كل واحدة عن الأخرى. عائلة تشكلت من اعراق وثقافات مختلفة لكنها اجتمعت بروابط وتماسك جعلتهم يواجهون التحديات والصعوبات في تلك الفترة.
شخصية الجد وهو يصطحب الطفلتين للسوق أو يلاعب الصغار على الكورنيش، كان يشجع طفلته المدللة التي تعاني من التأتأة على مواجهة مشكلتها وكيف وقف في وجه كل من تمادوا عليها وعلى حلمها.
الأم نجاة حكاية كفاح مع أطفالها وهي تنشق بهم وسط واقع مفخخ من كل الاتجاهات. الجدة والخالة أتريا ومران وامال والبقية حكايات لا تمل اطلاقا، يتشابهون ويجتمعون في صفات كثيرة ولكنهم يختلفون في سمات أساسية.
تصف الكاتبة مناطق بنغازي بشوارعها وأحيائها وسكانها في فترة صعبة عليهم وتمر بنا إلى سوسة والجبل الأخضر وغيرها من المشاهد الجميلة. مأساة فتحية تلك الصديقة الوحيدة التي منحتها الفرصة لتعبر عن نفسها دون أن تمل منها في انتظار أن تكمل كلماتها المتعثرة. اختلاف الثقافات والآراء لا يكون هو السبب الأساسي الخصومات فهناك الكثير ممن يجتمعون فيها لكن الفرق واسع بينهم.
كل ما سردته الكاتبة عايشناه في طفولتنا ومع قراءتي للرواية، ذكريات من الماضي استرجعته، لم تتكلف الكاتبة بأسلوبها هي تخاطب الجميع دون أن تدخل في متاهات صعبة منحتنا القدرة على أن نصف ما عجزنا عن قوله.