المقالة

تجربة فتاة شجاعة!!

ملالا يوسفزاي (الصورة: عن الشكبة)
ملالا يوسفزاي (الصورة: عن الشكبة)

(1) …

ناتالي طالبة امريكية في احدى الكليات … ذات يوم طلب مدرس مادة الاجتماعيات من طلاب الفصل ان يخوضوا تجربة تعليمية…  بأن يأتوا في الغد وهم يرتدون ملابس تعبر عن شخصية يعجبون بها … ثم يتحدثون عن هذه الشخصية ويسهمون في حوار حول القيم التي تعبر عنها هذه الشخصيات …  خاضت هذه الفتاة التجربة ثم كتبت عنها التدوينة التالية التي انقلها لكم … للتأمل … والتعلم.

(2) …

طلب منا الأستاذ أن نأتي إلى الفصل اليوم التالي مرتدين زي المشاهير المفضلين لدينا. فكرت قليلا ثم قررت ان احضر نفسي لذاك الحدث … قمت في صباح ذاك اليوم بارتداء الحجاب وغطيت كل شبر من جسدي … بمجرد أن رأى والداي الملابس التي ارتديتها، شعروا بالرعب على سلامتي. لقد تجاهلت مخاوفهم واستمريت في ارتداء الملابس بهذه الطريقة.

كنت قد اخترت تمثيل شخصية ملالا يوسفزاي، الفتاة المسلمة التي كانت تبلغ من العمر 15 عامًا عندما أصيبت في وجهها من قبل مسلحين في افغانستان لإصرارها على نيل حقها في التعليم. وهي الآن أصغر فائزة بجائزة نوبل للسلام وناشطة في مجال حقوق المرأة وناشطة في مجال حقوق الطفل وناشطة في مجال التعليم.

يؤلمني وبشدة أن اسرد ما حدث، لكن في طريقي إلى المدرسة اليوم عشت بنفسي تجربة الخوف والكراهية ضد الإسلام. أثناء قيادتي للسيارة، كان هناك عدد لا بأس به من الأشخاص الذين يلوحون لي عبر النوافذ بأيديهم في اشارات استفزاز وتهديد … وعند مروري بالقرب من أحد مطاعم الأكل السريع قام شاب ابيض بدلق القهوة على سيارتي …، لكن أكثر التجارب رعباً في ذاك اليوم كانت قيام شاحنتان من طراز F-250 بمحاولة الاصطدام بسيارتي Toyota Camry …

في غضون 20 دقيقة فقط وهي المسافة من بيتي بالسيارة إلى الفصل، شعرت أن حياتي مهددة. لكن هذا جعل عينيّ مفتوحتين على نطاق أوسع. الرسالة التي أدركتها آنذاك هي ان الإرهاب ليس تمثيلاً عادلاً للإسلام. إن ارتداء الحجاب هو مجرد رمز للدين الإسلامي، ولكن ليس رمزًا للهجمات الإرهابية.

لا يحق لنا ان نحكم على الكتاب من غلافه مثلما فعل الكثيرون بي اليوم … ربما اعتقد الناس لأنني كنت أرتدي الحجاب، فأنا مسؤول عن هجمات داعش التي حدثت مؤخرًا.

عندما كنت أقود السيارة كنت أبكي … واوصلت البكاء في الفصل، لكن ما حدث زاد من احترامي للمسلمين الحقيقيين ومن رغبتي في السلام. نحن لا ندرك عدد المرات التي يقوم بها الناس بإصدار الاحكام المسبقة على الغير وكم مرة تعرض هذه الاحكام الناس للخطر.

اخيراً… يقول لي الناس إنني شجاعة … لست شجاعة … أردت فقط أن يدرك الجميع ما يفعله التمييز في المجتمع. هناك أشخاص يتعرضون للتحيز والصور النمطية باستمرار ويظلون فخورين بهوياتهم … هم الشجعان، وليس أنا.

(3) …

بالطبع لم اقم بترجمة واعادة صياغة تجربة هذه الفتاة الشجاعة لأصدر احكاما نمطية حول هذا المجتمع او ذاك … وانما هي دعوة جادة … للتفكير … والتأمل … ومحاسبة الذات.

(4) …

بلادنا تعيش في ازمة اخلاقية مريعة وتحتاج منا الى الكثير من التأمل والتعلم ونقد ومراجعة الذات.

في هذا النص القصير ثمة الكثير مما يمكن تعلمه … من سلوك جميل … وتعاطف مع الغير ومن حس إنساني مرهف … إلى نظام تعليم يحث الطلبة على المشاركة في العملية التعليمية ويربط التعليم بالحياة …

لن نرى كل ذلك إذا ما تخندق كل منا وراء طيف سياسي ما واستثمر الاحداث للحصول على نقاط سياسية أو لإحراج الخصوم … وغفلنا عن كل التصرفات العنصرية او التنمر الذي نمارسه قولا وسلوكا.


* الظواهر المعقدة في السلوك الانساني لا يمكن ارجاعها لعامل واحد.

مقالات ذات علاقة

هل ستفعلها ؟!

محمد الزنتاني

ذكريات طرابلسية (3)

مهند سليمان

الجهـاد الثقـافـي

مفتاح قناو

اترك تعليق