الطيوب : متابعة وتصوير / مهنّد سليمان
شهد فضاء محمود بي بالمدينة القديمة طرابلس إقامة لقاء حواري مفتوح مع الكاتب الصحفي الكبير “محمود البوسيفي” ليلة يوم الأربعاء 29 من شهر مارس الجاري، وذلك ضمن فعاليات ليالي المدينة الموسم الرمضاني 2023م، وسط حضور نخبوي كبير، وقد قدم وأدار مجريات اللقاء الإعلامي “خالد عثمان” الذي قرأ إضاءات مقتضبة عن المسيرة المهنية للكاتب وأبرز الوظائف والمهام الصحفية التي تقلدها خلال مشواره المهني وإجمالي إصداراته الصحفية والإبداعية، ومن ثم انطلق البوسيفي في سرد تلقائي مفعم بالحنين حول بواكير مسيرته في بلاط صاحبة الجلالة منذ البدايات الأولى مع الصحف الحائطية بالمدرسة، ونشره أول قصة قصيرة عام 1964 في مجلة (الليبي الصغير) الصادرة عن مجلة (ليبيا الحديثة)، وأشار البوسيفي إلى أنه بعد المرحلة الثانوية انخرط في العمل بوكالة الأنباء الليبية بمعية الكاتب الصحفي “بشير زعبية” وبدأنا المشوار في عملية صناعة الخبر تحت إدارة هذا المرفق الإعلامي الكبير، وأضاف البوسيفي قائلا : ومع آواخر عام 1976م تم اختياري مراسلا لوكالة الأنبياء في العاصمة المصرية القاهرة وتابع : إن المدرسة الصحفية المصرية مثلما هو معرف كبيرة ومتنوعة حيث تتوفر المنابر الثقافية العريقة، وكل هذه العوامل ساهمت في تأسيس وعيي الصحفي، وأردف بالقول: عدت لليبيا نهاية عام 1977م ليقع عليّ الاختيار مرة أخرى كمراسل للوكالة في سوريا، وعملت كذلك مراسلا في كل من أبوظبي والكويت لمدة خمس أعوام إلى جانب عملي لاحقا مديرا للمركز الثقافي الليبي بأنقرة بتركيا ومستشارا إعلاميا لمكتب الإخوة بلبنان مضيفا بالقول ساهمت في تأسيس مجلة المؤتمر وهي مجلة ثقافية فكرية تنويرية بعيدة تماما عن الأيدولوجيا برغم أنها تصدر عن مركز أبحاث الكتاب الأخضر.
نضوج الصحافة
كما تطرق البوسيفي لعلاقاته الودية التي جمعته بعدد من الكتاب والمثقفين الليبيين والعرب مؤكدا بأن هذه المجموعة ساهمت بشكل كبير في رفد تجربته وإمكانياته الصحفية، وأوضح البوسيفي بأن تاريخ الصحافة في ليبيا تاريخ طويل لكن ما يعوزه هي الاستمرارية ففي عهد الإدارة البريطانية لليبيا عام 1943 تبلورت أبجدية الصحافة الليبية مهنيا لتنتشر وقتذاك عدة صحف ومطبوعات تزامن ظهورها وانتشارها مع تنامي الأحزاب السياسية ما يمكننا مؤكدا أن الصحافة إبّان العهد الملكي اتسمت بالمهنية والاحترام معبرةً عن اتجاهات سياسية متباينة، وأضاف قائلا: في المرحلة السياسية اللاحقة للعهد الملكي جاءت التجربة بمجموعة من المحطات، واستمرت الصحافة العامة والخاصة حتى عام 1973م ثم خضت الصحافة لقرار التأميم انحيازا للمشروع السياسي المتمثل في (الاتحاد الاشتراكي العربي)، وهو محض استنساخ للتجربة السياسية المصرية، وعقب تأميم الصحافة الخاصة شاهدنا تجارب صحفية كثيرة منها الصحافة المهنية، والصحافة الشعبية، والصحافة الثورية حتى عام 2007م والدفع بمحاولة صحفية جديدة لكسر الجدار من خلال صحيفتيّ (أويا، قورينا) ولعلها كانت محاولة لإعادة ترميم البيت الصحفي الكبير والإثبات أن هنالك صحفيين بامكانهم إنتاج صحافة مختلفة، مبيّنا أن صحيفتي (أويا، قورينا) وقناة (الليبية) نجحوا في استعادة ثقة المشاهد والقارئ الليبي والصحفي الليبي لافتا بالإشارة إلى أنه بعد فبراير 2011 صدرت الكثير من الصحف والمجلات أما اليوم ليبيا تفتقر لصحيفة يومية.
الصحافة الإلكترونية
من جانب آخر لفت البوسيفي أن مسألة التوثيق والدراسات موجودة ومتوفرة وإن كانت على استحياء فالدراسات أغلبها مغمورة لا نجدها إلا في رسائل الماجستير والدكتوراة الجامعية، فيما شدد البوسيفي على أن الصحافة الإلكترونية ضرورة لا مناص منها كونها حتمية التعاطي معها ليس خيارا بقدر ما هو اضطرارا لمجاراة معطيات العصر وسنرى ربما قريبا المانشيت الأخير في الصحافة الورقية، وإجابة عن سؤال هل لدينا صحفيين أكد البوسيفي نعم لدينا صحفيين أكفاء ومهنيين، وفيما يتعلق بتطوير أداء الصحفي أضاف بأن المسألة كلها ترتبط بعاملين أساسيين هما المعرفة والاطلاع فسلاح الصحفي الرئيس هي اللغة والمعرفة مؤكدا على أن تداخل الأجيال من شأنها صقل تجربة الصحفي لكن في ليبيا هنالك قطيعة بين الأجيال فلم يستفد جيل من الجيل الذي سبقه، وذكر البوسيفي أن الصحافة تواجه جملة من التحديات من أهمها حرية التعبير والمسؤولية إزاءها وحسب البوسيفي يرى بأن هذا التحدي لن يتأتى سوى بالنضال المستمر، وتابع : لا يصح أن يكون لدينا صحافة تستخف بعقل المتلقي والقارئ، واختتم البوسيفي حديثه بالقول أنه بالضرورة وفق تبدلات الزمن سنملك يوما صحافة أكثر جِدة ومعرفة.