جلس في غرفته وحيداً مع أحزانه وذكرياته، رافضا الخروج للعالم واستقبال الحياة من جديد، ولا يرغب في رؤية أو مقابلة أقاربه وأصدقائه، فمنذ أن علم من الطّبيب أنّه قد أصبح عاجزاً عن الحركة، وسيلازم الكرسيّ ذي العجلات حبس نفسه بين جدران الغرفة وماضيه الحافل بالبطولات.
كان رأفت شابا وسيماً وذكياً، طويل القامة، مفتول العضلات، جسم رياضيّ بامتياز، منذ كان طفلا وهو يحب ممارسة الرّياضة ومشاهدة جميع المباريات في مختلف الرياضات، وعندما كبر قليلا وتفتحت مداركه أحب فن الملاكمة، واختار أن يصبح بطل الملاكمة في العالم، ويسعى لتحقيق حلمه مهما واجه من الصّعاب، ولذلك كرّس وقته للتدريب والتّمرّن على يد أشهر المدربين، كما كان يحضر نزال الملاكمات، ويتابع حركات الملاكمين بدقة وتركيز تام.
كانت اسعد لحظات رأفت هي تلك التي يقضيها في ممارسة هوايته المفضلة، وإحساس عميق يغزوه في اقترابه من هدفه، ولم يمل يوما من تنمية قدرته الجسديّة والذّهنيّة، ولم يفوت على نفسه أي فرصة تأتيه للتقدم نحو الأفضل، وكلما أحس بالقصور أو بالفشل في أدائه أعاد التموو مجدداً وبأعلى درجة، ومحاولة فهم الخصم وما يفكر فيه، والتّحكم في أعصابه ونقاط الضّعف حتى يتمكن من التغلب على خصومه وإنجاز النّصر لصالحه.
لقد كان رأفت يرتقي يوم بعد يوم في سُلّمْ النّجاح، ويثبت جدارته وتفوّقه لمدربه بأنه سيكون سيد الحلبة ولن يخذل ثقته في كسب الفوز، حتى جاء اليوم الموعود الذي نزل فيه رأفت الحلبة لأول مرّة في مواجهة خصمه العنيد.
لم يكن سهلا عليه منازلة أحد أبطال الدّوري وأكثرهم شراسة وإصرار على الفوز والاحتفاظ باللقب، لكن رأفت لا شيء يعاند إرادته، كان كحجر الصّوان يقدح شرراً دون أن يفتته ضربُ غريمه، كل حركاته محسوبة بدقة، وتركيزه مضبوط ومتّزن مع أوقات الصّد والهجوم، وإدراك نقطة الضّعف في خصمه وتحيُّن الفرصة المناسبة لتسديد ضربته القاضية، واستلال لقب نجم الدّوري المحلّي والفوز بتحقيق الحلم، ومواصلة المسير حتى بلوغ قمة المجد.
بينما كان رأفت جالس مكتئب في غرفته إذ بوالدته تطرق الباب وتقول:
– رأفت افتح الباب صديقك مازن جاء لزيارتك.
صرخ رأفت قائلا:
– كم مرة سأقول لا أريد رؤية أحد؟. اتركوني وشأني.
رَجَتْه والدته كثيرا لكنّه رفض أن يفتحه، وظلّت الأم تبكي بحرقة ولا تعرف ما تقول لمازن الذي اقترب منها، رَبَّتَ على كتفها قائلا:
– لا تحزني ولا تقلقي سيكون بخير أنا أفهم رأفت جيدا يحتاج لبعض الوقت حتّى يعود لحياته
الطّبيعيّة
سكت قليلا ثم استئنف حديثه بقوله:
– معذرة يا خالة سأتحدث معه قبل مغادرتي.
فهمت الأم قصد مارن فأذنت له، وتركته أمام الباب المُوصَد يحدِّث صديقه ورفيق عمره، قال مازن بلهجة قوية معنفنا لرأفت، ومواريا بها حزنه الدفين ودموعه التي يمسكها عُنْوَةٌ:
– ما عهدتك بهذا الضعف يا صديقي، أين هو الوحش الكاسر الذي لا يهاب الشّدائد؟ أين هي الصّلابة التي لا تلين؟ هل سينهزم الطوفان وينجلي عند أول سد يقابله؟ من سَيُؤَرِج عمري بمزاحه وبشاشة وجهه؟ لا أعلم بماذا أُسَلِّيك يا عريزي. اليوم أراك هزيل القوى، ضعيف الإرادة، محطم الآمال، لقمة سائغة وعوداً باليا تلتهمه نار الإحباط المُستعرة، ما اعتدت رؤيتك منكسر القلب، دائما استمدِّ قوتي منك فلا تخذلني، أرجوك عد رأفت الذي عرفت فأنا في انتظارك، ولن اتخلى عنك مهما ابعدتني عنك، وسوف أعود لزيارتك ثانية يا أفضل صديق وأخ في حياتي.
قال كلماته الأخيرة واختنق صوته بالعبرات فغادر البيت مسرعا دون توديع أم رأفت، أما رأفت فكان يسمع كلامه ويبكي بهدوء محاولا تمالك أعصابه ومداراة عجزه، وعندما رحل مازن انطلقت عصبيته من عُقالها ولم يستوعب ما يفعله من تكسير في محتويات الغرفة، وصراخه العالي مما جعل والدته تستنجد بجارهم الطبيب، فقام بكسر الباب واعطاه حقنة مهدئة، غاب معها في نوم عميق، سألها الطبيب عن سبب انفعاله، فأخبرته الأم بما حدث، طمأنها ثم قال:
– عليه أن يتجنب أي انفعال مجددا، وستتحسن حالته.
شكرته وأخذت الدّواء، ثمّ بقيت ساهرة بقربه، تتضرّع إلى الله وتدعوه راجية أن يمنّ عليه بالشّفاء ويعود لحب الحياة، ويعيش بمرحه المعهود، وعندما استفاق وجدها تبكي وسألها عن سبب بكاءها، احتضنته بحب وقالت:
– لا شيء. كل ما في الأمر أنّك تعبت قليلا وخشيت عليك يا قرّة العين.
ابتسم رأفت وقال:
– أنت دائما هكذا يا أمي تخافين من أبسط الأشياء، فلا تقلقي لقد أصبحت على مايرام.
ارتاح قلب الأمُّ لرؤية ابتسامته، ولم تحاول إثارة أية موضوع يزعجه، وأما هو فطلب منها كوب شاي ساخن، ومساعدته للجلوس على الكرسيّ المتحرك.
امتلئت عينيه بالدموع وهو يتأمّل صوره المنتشرة في أنحاء الغرفة، حبس دموعه مخافة أن يجرح مشاعر والدته، والتقط صورة وقع عليها بصره، ثم توجه إلى الشُّرفة يقطع روتين صمته الحزين ، ويُطالع الشّارع المكتظ بالمارّ٠ة والمحال التّجارية، ويرتشف الشاي بهدوء، وفي نفسه تَعِجُّ أمنيات كثيرة، اشتهى لو ينزل إلى الطريق كما يفعل كل صباح، ويَعْبُرُه في إجلال وتحايا الجيران تصله من القلب، اشتاق إلى حلبة التّدريب والسّير في الهواء الطلق، تساقطت دموعه الساخنة على يده الضّامة للصّورة، شَخَص ببصره في الصّورة، كانت ملتقطة له وهو يستلم الوسام والكأس الذهبي للمرّة الثالثة لبطولة الجمهورية، رحل بذاكرته لذلك اليوم، إذ أخبره المدرب بأن هذه البطولة هي الفريدة من نوعها، من حيث المشاركين ومستوياتهم العالية، وأنها الفاصلة لتأهله لبطولة الملاكمة العالميّة ثمّ ختم كلامه بقوله:
– رأفت رغم كل التّحدّيات أنا واثق من فوزك، وأنك لن تخذل ثقتي.
أحسّ رأفت لحظتها بالحماسة، وتدفق الدّم في عروقه حارًّا، وعد مدربه بالفوز وبلوغ البطولة العالمية، وبالفعل دخل رأفت الحلبة وكله ثقة وتحدّي وإصرار، وبالفعل تحقّق لرأفت ما يصبو إليه وتغلب على خصومه الجِسام، قال لنفسه وسط الدموع:
– لم تبق إلا ذكريات موجعة.
دقّ باب البيت ففتحت الأمُّ، ووجدته مازن قد جاء لزيارة رأفت، لكن الأمَّ رفضت اصتقباله فور تذكُّرها حالة ابنها بعد مغادرته، استغرب مازن رد فعلها وسألها عن السبب، فقصت عليه ما جرى مع صديقه وسوء حالته النّفسيّة وقالت له:
– اعذرني يا بني فأنت تدرك وضعه الحرج، ورغبته بعدم مقابلة أحد.
تفهّم مازن حديثها وقال لها:
– لا بأس يا خالة. ابلغي له سلامي وسأحدثك بين الفينة والفينة مطمئنا عليه.
وحين همّ مازن بالذّهاب سمع رأفت يقول:
-‘تعال يا مازن إنّني احتاج إليك.
حمدت الأمّ الله وانطلق مازن نحو رأفت يعانقه ويبكي، ثم دخلا الغرفة، قال مازن بعد صمت قصير:
– اشتقت إليك كثيرا، وقد افتقدتك طيلة هذه الأشهر.
نظر إليه رأفت في إعجاب قائلا:
– أشكرك على تحملك لمعاملتي السيئة، وتَجشُّمك المجيء كل فترة والسّؤال عنّي، في حين أجد الجميع تخلى عن صداقتي.
امسك مازن يد رفيقه، وضغط عليها بقوة كأنما يؤكّد له وشِيج الصحبة الصادقة وهو يقول:
– لا تقل ذلك يا عزيزي، نحن لسنا مجرد صديقين فحسب، بل أخوين مكمّلين لبعضهما، ولا يستغني أحدهما عن الآخر.
ابتسم رأفت ثم قال مُثْنيا عليه:
– أنت شخص وفيٌّ، ومثال للصداقة الحقيقية.
بعد شرب الشاي الذّي قدمته أم رأفت لهما سأل مازن في جِدِّية:
– أما آن لك أن تخرج من القوقعة التي عزلت نفسك فيها؟
تغيّرت ملامح رأفت فجأة من الانبساط إلى الغضب والعبوس، وعلم مازن أنه وقع في الحديث المحظور فقال مستدركا:
– لم اقصد اغضابك، بل هي دعوة وتباحث في محاولة للتأقلم والتعايش مع نمط حياة جديد.
كان رأفت يتألّم في داخله ويقول:
– لم استطع التكيّف مع وضعي …
قاطعه مازن:
– لِتَكن صريحاً مع نفسك، أنت لم تحاول أصلا، فمنذ فقدت القدرة على المشي وأنت منعت كل سُبُلَ التواصل معك، وَعَزَلْت روحك المرحة في جسدك الذي اعتبرته عاجزا بحجُّة أنَّك فقدت جزء من جسمك، وكأنّك تُعاقب العالم وذاتك على أمر ليس بملكك، الحقيقة أنك لا تتقبل ما أنت فيه، هذه هي معضلتك.
أطرق رأفت برأسه ثم بعد برهة قصيرة قال في حزن، :
– لقد وضعت يدك على الجرح يا صديقي، إنّني أخاف مواجهة العالم بوضعي الجديد، لا أريد أن أكون محطَّة لمشاعر الشّفقة ونظرات العطف من الآخرين، أنت تعلم المكانة التي بلغتها في قلوب الجماهير، ولذا لا أرغب أن يراني الجميع ضعيفا منكسرا، أرجوك يا مازن لا تزد مصابي.
وقف مازن وسحب رأفت ناحية الشُّرْفة دون أن يقول شيئا، سأل رأفت في تعجّب:
– ما الذي تفعله يا ولد؟ أتريد أن تقذفني من هنا يا أحمق؟
ضرب مازن كتف رفيقه ضربة خفيفة وهو يضحك، ثم قال:
– لا يا حبيبي فوزنك ثقيل، بل لأقول لك أنني لست ضدّك ودائما سأكون إلى جانبك، وخير معين لك، مازلت أراك البطل الذي أحببت، ورمز الثّقة والمثابرة، إن كل ما تفكّر فيه من عواقب سيئة وأحاسيس سلبيّة، إنّما هي ولِيدَة مخاوف لا أساس لها من الصِّحة، وحدك من زرعها في عقله وأعطاها حيزا واسعا حتى قلبت ميزان تفكيرك ، وألغيت إيجابيّاتك والأشخاص المساندين لك، انظر إلى ذلك البائع ذي اليد المقطوعة هناك، كيف يقف بشموخ وهو يقدم لزبائنه أرقى البضائع، ولا يبالي بعضو ناقص منه، ربّما هو في حاجة ماسّة إليه لكنه لم تكن لديه نظرة متشائمة، بل عزم على الالتحاق بركب العمل، وواجه واقعه، ولو فعل مثلك واستسلم لليأس والحزن لعاش في الفقر والتعاسة بقية عمره، ولو أنّ النّاس مثلما تقول مشفقين عاطفين إذا لماذا نرى الزبائن الدّاخلين عليه باشين في وجهه سعداء بعد خروجهم؟. العالم من حولك يتحرك وأنت جامد مكانك، تشجّع وانزل حلبة الحياة مصارعا، واثبت وجودك متقبّلا واقعك بكل رضا.
ظلّ الاثنان يتحدثان حتى المساء، وقبل أن يعود مازن لبيته لمح صُور صديقه المعلقة على الجدران قال ناصحا:
-إنْ كنت تريد الخروج من سجنك انزع هذه الصّور وخبئها في مكان بعيد عن عينيك.
ثم وعده باللقاء غدا، أما رأفت فظلّ ساهرا، مفكرا في الحديث الذي دار بينهما، وقع فريسة لصراع داخلي نشب بين مخاوفه وتشجعه، بات يحذر الصدام مع انتكاسة نفسية أصعب، اغمض عينيه محاولا النوم هاربا لكن سرعان ما قفزت إليه ذكرى مؤلمة انهارت لها روحه الباكية، في ذلك اليو العصيب الذي راح ضحيّته مستقبل الملاكم الصّنديد، إثر حادث سير متهوّر لشباب ثَمِلِين، مما جعل رأفت يُقذف عاليا ثم يَهْوِي على الأرض فاقدا لوعيه، ويستفيق من غيبويته بعد عدّة أسابيع، مكتشفا أن كل شيء أصبح هباءً منثورا، لازالت نبرة الطبيب الحزينة ترنُّ في أذنه وهو ينقل إليه الخبر الفاجع عندما وجده يحاول النّهوض:
– لقد تعرضّت لإصابة بليغة في الحبل الشّوكي، ومن المؤسف تسبب هذا في إصابتك بالشلل النصفي، ولن تتمكن من المشي ثانية.
منذ تلك الساعة وحياته صارت بلا طعم ولا معنى، تحمل في طياتها الكآبة والآسى، سالت مدامعه على خديه دافقة حتى نام.
في الصباح التقى الصديقان في الغرفة، لاحظ مازن أن الصُّور مازالت مكانها فلم يقل شيئا، كما تفاجئ برأفت يقول:
– هيا بنا يا مازن لنخرج، لقد اشتقت للمشي في الطّرقات، والجلوس في الحديقة العامة.
مازن من شدة فرحه لم يستوعب ما يسمع، وظل يسأله:
– هل أنت واثق مما تقول؟
كان رأفت يضحك ويؤكد ثقته، بعد مرور وقت قصير كانا يجلسان في الحديقة يتناقشان في مواضيع متنوّعة، ورأفت يشعر بالضيق من حين لآخر بسبب مقابلته لأشخاص وفتيات يعرفهم، كانوا يبجلونه ويمدحونه، وينادونه بالبطل ونجم النجوم وسيد الملاكمين، أما اليوم فيرى كل الألقاب سُحِبتْ منه، وعيون الشفقة ترثي حاله، حاول تجاهل كلماتهم المتناثرة لكنه لم يستطع، طلب المغادرة فورا.
دخلا البيت وقال بانفعال:
– لقد كنت على صواب، ولم تكن مخاوف، لا يمكن إعادة مكانتي ويبقى الفتى المسكين الخاسر لكل شيء.
احتضنه مازن مواسيا ومهدئا لأعصابه، بعد لحظات تكلّم مازن:
– لقد تسرعت بشأن الانصراف، كان الأجدر بك البقاء كشوكة في حلوقهم، وإثبات قوتك أمامهم وابتسامة لامعة ترتسم على شفتيك، أريد أن أسألك سؤالا.
هز رأفت رأسه بنعم، فقال مازن:
– قبل أن تكون بطلا هل كانت لحياتك قيمة؟
لم يتوقع سؤالا كهذا ولكنه أجاب بعفوية:
-لا لم تكن لي قيمة.
رد مازن:
– إذا لما تحزن؟ إسمع يا رأفت أنت من صنعت من نفسك بطلا، والعالم لم يصنعك، فعليك أن تُفتّش على قدراتك ومهاراتك الأخرى لعلك تجد بطلا آخر في داخلك تخرجه للنّور، ويتغير به مسار حياتك، وتلوّن مستقبلك بألوان زاهية، أنت الوحيد من بيده مقاومة الظروف القاهرة وإنشاء جمهور يحبك.
ذُهِل رأفت لمقال صديقه، وأدرك أن عليه خوض تجربة أخرى بكل حلوها ومرّها، وتحمل نتائجها، توجّس خِيفَة من الإقدام والمغامرة بمستقبله، لكن مع إقناع مازن له وعدم رُضوخِه لحالته المنهارة وضياع وقته بين الجدران بلا فائدة، قرّر أن يجرب حظّه في مهارة يكون فيها بارعا، بعيدا عن الرياضة ومناسبة لوضعه الصحي، بعد تفكير قال بحماسة:
– لقد وجدتها أخيرا، كم كنت غبيا عندما أهملتها واتجهت لغيرها.
سأله مازن بفضول:
– ماهي التي وجدتها؟
قال رأفت ‘
– مهارة الرّسم والنّحت يا صديقي، هل تذكرتها؟
رد مازن بفرح وهو يرقص:
– أجل الرسم، كيف غابت عنّا هذه الموهبة الجميلة؟ يدك مبدعة وكل من كان في المدرسة يشهد بذلك.
رأفت في حزن:
– ولكنّني مع الأسف دفنتها ولم أُنِّميها مع الزّمن، وانشغلت بالملاكمة، هل تتوقع أنّني سأنجح في استعادتها والتّمكّن فيها؟
أجاب مازن:
– نعم سوف تنجح وسيكون لك مستقبل باهر، كل ما تحتاجه هو الثّقة بالنّفس والإيمان النّابع من قلبك بالنجاح، والعزم على العمل.
شكره على دعمه وبثِّ روح الأمل فيه، ووعده مازن بأن يُعاضده ويُعينه، وبالفعل تحوَّل البيت إلى مَرْسم، اللوحات في كل ركن، والألوان ومواد النحت مبعثرة، ورأفت كالنّحلة مُنهمك في العمل بجدّ ونشاط، ومازن لا يفارقه، والأمُّ فرحة بتبدّل حاله للأفضل.
بعد مرور سنة من العمل والجهد افتتح الاثنان معرض الفن التشكيلي الأول تحت اسم “الحياة تبتسم” وقد ضم عددا كبيرا من الرسومات والمنحوتات، وكانت غاية في الروعة والإتقان، ولها دلالات عميقة مما لَاقَ استحسان الزُّوار وتهافتُ المعجبين، وبدأ لرأفت قدم راسخة في عالم الفنّ التشكيلي، وذَاعَ صِيتُهُ في المعارض المحلية والدوليّة.