شعر

نُعاب* رهين الكذبتين

من أعمال التشكيلية حميدة صقر.
من أعمال التشكيلية حميدة صقر.

ذات شتاءٍ بائس الغناء
سكارى من عفونة سجال القريض
في حانةٍ فرنسية
كان كلا من الفرزدق وجرير
يتباريان على لعبة الروليت
بعيدا عن القوافي السمجة
وهرطقة سقراط أمام
قفا نبكي
وخيبة عروة بن الورد
بعد رحيل الملك الظليل
تاركا له مراثي الصعاليك
واطلال البكاء

بينما المعلقات السبع
أم التسع لا أدري ترتعش من البرد

بعيون ليس لها لون
فاقعة العتمة لا تسر الشامتين

وبرائحةٍ شزرة مُشرئبة الخبث
كانت ذابلة تبكي
تلك البائسة
أمام باب البيت

حين
كان لا بد للأحنف بن قيس
أن يستيقظ في زمن الألفية الثالثة
وبغباءٍ بريء يُشبهني جداً
ليواري سوءة الدمع
بكل حلم ومروءة
في عمرٍ لا يحتفي
بالحب مرتين

الغريب وليس ثمة غريب
أنني لم اعد صالحاً لرفقة الدراويش النبلاء
السادرين في حلقات التيه
عليهم اللعنة وما يستحقون
من عذاب الهدهد وسوءة قابيل

كنتُ كارهاً و مازلت
للحب الذي يتبجح به الكثير
من الشعراء أمام أقداح النبيذ
غير أن مأساة الدراويش
غالباً ما
يكررون حماقة النُبل
وشهامة الحُب في أغلب
انكساراتهم التي تبصق عليهم
بها
طيور أبابيل الرحيمة
كلما مروا أمام مرايا
لا تبتهج إلا بسراب الغيم
وأضحوكة الربيع

هكذا كانت
و مازلت تبكي تلك الصديقة
الخائبة!
من شدة
الحقد الذي رافقها منذ انتهاك
بكارة طفولتها

رغم أنني وعلى يقين
مازلت درويشاً لا يعبأ
بنبيذ الأفاعي عندما يشعر بالظمأ

صنعت لها تمثالاً من عسل
وشاركت به في مسابقةٍ
للعيمان غير أنني نسيت
أن الدبابير تسكن متحف الشمع
بلندن وأن (ماري تسو) *
لا تحب العسل المر
لذا كنتُ جاحظ القلب
رهين الكذبتين
الحب والنبيذ

رتبت لها أسرة شبقة
واعددت لها كأساً من حليب الفرح
مع شوكولاتة (تويكس) كانت
تحبها بشغف الأفاعي الأنيقة
لتنام بكل ما لها من جحيم
وأنفاسٍ كريهة عطنة
مخبئة احقادٍ دفينة
في أوهن بيت
للخديعة على خيطٍ آسر الجمر
لا يحتفي إلا بلعنة
الحب الخؤون

كان باب البيت على مصراعيه
مغمى عليه من شدة الضحك
يرقبني بدهشة السراب
وانا كالغاوين في كل
حانة لهم نزقٌ وغرقٌ رحيم

كنُعابٍ يتيم
من غيبوبتي أنتفض
راكضاً
أبحث عن قلبي
الذي ظل يعوي
خلف بابٍ عجوز ترك صاحبه
في عُشهِ البائس
وحيداً
ينعم بطينهِ المغشوش.

19 يناير.. كانون الثاني / 2023 م


النُعاب * فرخ الغراب الصغير
ماري تسو* او متحف مدام تسو (متحف الشمع) تم تأسيسه بلندن في عام 1839

مقالات ذات علاقة

لهاثٌ للّجوء إلى ضفافك

المهدي الحمروني

تحب تفهم تدوخ

المشرف العام

أمر مذهل

المشرف العام

اترك تعليق