البداية كانت في عام 1954 وفي مدينة القاهرة … وتحديدا في احدى صالات العرض السينمائي بها … وذلك عند عرض فيلم “كيو فاديس” الذي يمثل صراع القائد الروماني فينسيوس مع امبراطوره نيرون … وكان الممثل البريطاني بيتر أوستينوف يمثل دور نيرون وكان ضخم الجثة مما ذكر المشاهدين بالملك المخلوع فاروق …فكان مصدر تندر وسخرية وتعليقات من الجمهور المصري … فقد كانت هيئة وتصرفات نيرون تذكرهم بهيئة وتصرفات فاروق.
أوحت ردة فعل الجمهور لأحدهم بفكرة انتاج فيلم عن حياة فاروق الماجنة … واستغلال الفيلم في الدعاية لضباط الجيش الذين استولوا على الحكم واطاحوا بالملك فاروق … تم عرض الفكرة على اللواء محمد نجيب الذي كان يقود تلك المرحلة ويعيش صراعا خفيا مع اعضاء مجلس قيادة الثورة … فاستحسن الفكرة … وامر بالاتصال بمخرج امريكي ليقوم بإعداد وتنفيذ الفيلم.
انتهى الأمر بالتواصل مع المنتج والمخرج الأمريكي جريجوري راتوف الذي رحب بالفكرة … وكان راتوف قد اخرج وانتج العديد من الافلام … وحقق البعض منها نجاحا كبيرا … ورغم ان راتوف تعهد للصحافيين بان فيلمه سيروي قصة وسيرة حياة الملك إلا انه قام بكتابة وانتاج فيلم فضائحي عن ملك متهتك ومغامر ومقامر وزير نساء …
تدور أحداث الفيلم في بانداريا … وهي دولة شرق أوسطية يعيش حاكمها المطلق، عبد الله (جريجوري راتوف)، حياة فاخرة للغاية، وتحيط به نساء جميلات. وعندما تصل روني، عارضة الأزياء الإنجليزية الجميلة (كاي كيندال) إلى بلاده، يقع عبد الله في حبها ويقدم لها ثروات كبيرة. تقاوم تقدمه لأنها مهتمة أكثر بأحمد (سيدني شابلن)، الضابط في جيش الملك. ينشغل الملك بمطاردة عارضة الأزياء لدرجة انه لا يدرك السخط المتزايد بين رعاياه والذي يؤدي في النهاية الى الإطاحة به.
تم تصوير الفيلم في مصر وفي قصور الملك فاروق. استعان المخرج بمجموعة من الممثلين المصريين من بينهم الراقصة سامية جمال. انتهى تصوير الفيلم عام 1955 وتم عرضه في دور العرض السينمائية تحت اسمين عبدالله العظيم
(Abdullah the great) و (Abdull’s harem).
لم يحقق الفيلم نجاحًا يذكر … لكن اهميته تكمن في كونه قد دشن بداية استغلال الافلام السينمائية العالمية في المنطقة لتحقيق اهداف ومكاسب سياسية ولعرض التاريخ بشكل يخدم اغراض ذوي النفوذ والسلطة … وللتلاعب بمشاعر وعواطف الجماهير … وهي مدرسة قد اتقنتها السينما العالمية … وقلدتها السينما العربية بأفلام اصاب بعضها النجاح … وفشل الكثير منها لاعتماده على الدعاية الفجة بعيدا عن الحبكات المقنعة … والمتقنة.