شعر

أحبك إلى الأبد

من أعمال التشكيلية خلود الزوي
من أعمال التشكيلية خلود الزوي

أضعَهُ جانباً .. رَيْثَما أنُهِي مكالمتي
يعرفُ هاتفي الذي هجَرَهُ صوتكَ
بأنه في كل مرةٍ يباغتُني فيها الطرف الآخر بــ كيف حالكِ؟ …
شدَّ صوتي حبال البكاء رافعاً أشرعةَ الكذبِ بضِحكةٍ تُـآزِرُ مكابرةَ الــ ” بخير “.

أمسِكُ به خصلات شَعري …
التي تنفر من سطوة المشبك و أنا أنظِّفُ زجاج نوافذ بيتنا … كل النوافذ لم تَعُــد تَـشي بقدومك.

أربِطُهُ منديلاً على رأسي وأنا أعجِـنُ خبزاً أسمراً لأمي … أتحبُ السمسم ؟؟
علَّمتني الحياةُ كيف تكونُ البعثرة …
وبِتُّ أمارسها باحترافٍ على وجهِ الخبز .

أصعَدُ بهِ العِلِّـيَّة ..
أنْزِلُ به السلالم ..
يُجالِـسُني في المقهى ..
يَدفعُ معي كرسياً على المائدة ..
يقرأ معي كتاباً ..
يَـفرِدُ لي مُصليَّتي ويُصوغُ أدعيتي
يختارُ لي فستاناً لحفل الليلة .. و معطفاً لموعد الغد
يُذكِّرُني بأقراطي … وأينَ صَفَفتُ سيارتي
يستبدلُ لون حُمرَتي
يناولني كُحلي و طلاء الاظافر
يلحقُني بمحفظتي و يَهِمُّ معي بالمغادرَة
يرافقني إلى طبيبِ أمي ..
يَسحبُ لي عربةً تكفي أغراض التسوق
يحتَلُـني في الزحام … و يستفرِدُ بذاكِرتي

أسمَعُ صوتَهُ يناديني من شُرفة مكتبي …
إنه دائماً هناك … عند شجرتِنا وناصيةِ الشارع
واقفٌ حيثُ كنتَ تنتظرني كل يوم جالباً معكَ صباحي
و فرحي و نصيبُ نهاري من الضحكات.

أراهُ دائماً … صامتاً
يترصَّدُ عبوري للطرقاتِ التي شهِدَ ليلُها خطواتنا وعطركَ.

استحوَذَ على غرفتي ..
ويسبقني دائماً إلى سريري … حتى أن ذلك الوحش الذي كان يختبئ تحت السرير في طفولتي باتَ قطةً أليفةً مقارنةً بهِ وهو يُـقاسِمُني كل ليلةٍ وسادتي المبللة بوجعي اشتياقكَ .

أنا ابنةُ هذا الشعور البارِّ بغيابكَ …
لَمْ أحدثكَ عن عجزي مقاومتَه
و عن إصرارهُ ألَّا يفارقني
و بأنه لم يقتَاتَ يوماً على خطواتي …
ولم يرمي في طريقي حجراً
لم ينصُبْ فِخاخاً تَـكسِرُ ساقَ الهروبْ
بل كان أدهى من كل ذلك بكثير …
شاطَرَ لَيْلِـي …ولم يَبُحْ بسرِّ غيابكَ الذي ليسَ يَلْوِي لشوق
وصافَحَ صباحي عاقداً في عنقهُ عهدَ الأمس
لأبقى أحبكَ كل يوم
لأبقى رَهَنَ ” أحبكِ إلى الأبد “.

مقالات ذات علاقة

فَلِسْطِين

لليل وجهٌ آخر

مفتاح البركي

العتبة

آية الوشيش

اترك تعليق