شعر

لا تطل الوقوف أمام بابي، وراءك الريح

كأنه أعمى أغلقَ عينيه،

بيديه يفتح باب الحياة على حصير البداوة.

كأن السلالم لم تر دمعَهُ حين نزلَ خِفيةً في الظلام.

كأن الرصاص المنطلق وحده يفهم خوف المائلين برؤوسهم من فوق الأسّرة و شاشات التلفزيون.

الساحة بيضاء، الساحة صفراء، الساحة حمراء،

الساحة تهرول باكية صوب ساقية البكّائين.

**

أبصرُ،

ماذا أبصرُ!

خواتم تلمع،

رقاب تتدلّى

و لعاب خاثر على شكل دبابات، عربات مدرعة

و أضرحة ترفرف أعلامها من بعيد.

**

حيّتهُ حين مرّ في الشارع الضيّق شمسُ صباحٍ مخمور.

قالت له وهي تزيّن ضفائر الظل:

لا تترك أحلامك على طاولة مقهى جانبي،

ولا تسرّب للناي إيقاعات الأغنية القادمة.

كنتَ على هامش الهامش.

رأيتَهم يحملون البحر على أكفّهم، أصواتُهم ترفرفُ عالية.

لا الغيمة ترى ما يفعلون

و لا أحلامهم تصعد إلى أعلى.

لا تندهش، اجمعْ ما شئتَ من آهات باردة وارحلْ صوبَ صحراء الغرباء.

كنْ علامة لخوفٍ سقطَ عميقاً في البحرْ.

يخاف من النهار، يأتي متأخرا!

تحمل دفئَه عيدانِ القصب الطريّة.

روّاده لا يتركون أثرا على الطريق،

يمررون ابتساماتهم بشاي ثقيلٍ مرّ.

هذا ما قالته أشجار السرو العتيقة.

لتكن سارية علمك عالية لأراك

انتظر إلى أن ينام الموج لأراك.

هل تسمع حفيف الأجنحة الصغيرة

أم هي الريح تولول مجروحة الفؤاد؟

**

تحتك ماء

و فوقك ماء

خانني شغف لا يفصح عن نفسه

كيف أقدرُ

أن

ألملمَ ما تبعثرَ من نهار؟

هل تنضج الرغبات إلا على نار باردة؟!

هل دخلتَ إلى ساحة قلبك؟

لو ملتَ برأسكَ قليلا، رأيتَ الكون هادئا يستريح، من طرف عينه يعدّ النجوم.

فراغ أبيض يضحك من بعيد.

هل تسمع؟

دعني أمرّ،

النقصان يأكل يدي.

**

لو لم تكن الخطوط المستقيمة تلمع بقاربي

لما جاء كل هذا السمك!

سلطعون ذهبيّ يقلّب كفّيه فوق ماء يجري،

يسبحُ عارياً

يتربص بالضفادع الغافلة.

**

هاتها انحناءة الطريق أغمسها في شاي الصباح.

لا تقل لي أن الطريق يؤدي إلى مذبحة!

لا تكسرْ الكلامَ على حجارة خائفة!

أرحْ خيلك في ظلّ حجر مهيب و انتظر.

**

أعواد القصب نائمة في أحضان بعضها تلوّح لها طرابلس بأصابع محناة،

رفقاً أيتها القواقع

لا ترفعي فستانها،

داعبي حلمتيها بلسان رطب شغوف.

المدى شاسع

و صوت الفتاة المتكأة

يغيب قليلا

قليلا.

مقالات ذات علاقة

صباح الخير

مصطفى الطرابلسي

أن تستيقظ بين قذيفة وأخرى

مفتاح العماري

امرأة من الكريستال

خديجة الصادق

اترك تعليق