قراءات

مُلخص قراءتي لكتاب “ابن المتسولة”

المجموعة القصصية (ابن المتسولة) للقاص قصي البسطامي
المجموعة القصصية (ابن المتسولة) للقاص قصي البسطامي

أن تقرأ كتاباً يعيد برمجة أفكارك، فأنت حتماً تقرأ لكاتب يتملك حساً فلسفياً،  يُثيرك  بطريقة غامضة ويجبرك أن تسترسل في متابعتك لقراءة القصص بـلا توقف، وبعد الانتهاء من كلِّ قصة تجد نفسك وكأنك تتعرى وتنسلخ عن ذاتك القديمة بل وتتجرأ على محاسبة نفسك . فهذا ما يفعله ” ابن مسكين” يصنع لك عبر سرده كادرات سينمائية تُشرِّح الشعب الليبي وتُظهر نقاط ضعفه وعيوبه وأبعاد تصرفاته وثغرات الفساد التي يصنعها هذا الشعب بنفسه وبلاده… أمَّا بحجة الدين أو القبيلة أو العادات .

تطرق ابن مسكين للعديد من القضايا التي نعانيها منذ زمنٍ داخل مجتمعنا الليبي، وأثارها السلبية التي نخرت كنخر السوس بيننا، ومن أكثر القصص إيلاماً والتي لمستني شخصياً .. تلك التي طرحها الكاتب في معاناة (( سدينا ))  مع المُدَّعيين بأنهم “شيوخ معالجين” والتي تعاني منها جلَّ الليبيات في صمت مدقع من ضيم الأهل والزوج ومـن ثـَمَّ المجتمع، ولم يكتفِ – ا بن مسكين – بهذا الحد بل زاد إثارة إعجابي ذكره لمعاناة ” الشاب العازب” في قصة “عازب منبوذ” و “مُشرَّد في شقة مهجورة” .. حيث جُـرِّدَ مـن أبسط حقوقـه فـي العيش الحـرِّ الكـريم فـي بـلاده والظلم الذي تعرض له من قبل ” بني جنسه” بل ويعاني من النبذ والطرد والتقول عليه المتعمد لسبب واحد كونه بلا عائلة وكأن العائلة هي التي تحمي الرجل من إثارة غرائزه .

وتناول أيضاً المخلفات النفسية نتاج الحروب في نفوس شباب البلاد وأطفالها، مما أثر سلباً على دراستهم وطموحهم ونمط عيشهم وأبعاد أفكارهم وسلوكياتهم في الشوارع ومع من يكبرهم سناً، كما ذكرها في قصة “إشارة المرور” و “مالك مسلم أم علماني” و أحلام أطفال الحروب” ؛ ولم يكتفِ عند هذا الحد  بـل  تعمَّـق فـي تفصيـله وعرض علينا بعض الإسقاطات لفساد السياسيين وشيوخ الدين والسُراق تحت عباءة “الحاج” و “القبيلة” في قصة “محمد العطار” و “صراع على المنبر” و”تلاشي القبيلة وسطوة العائلة” و “حاج وسارق”، وما تبقى إلـّا الجزء الأخير الذي وهوا أكثر جزئية مضحكة من حيث تناقضات المبادئ وهي  استماتة هذا الشعب بالتمسك بالعنصرية رغم تشدّقهم بتلاوة الأحاديث النبوية وغرورهم كونهم بلد المليون حافظ إلّا أن العنصرية والتنمر تجري في دمائهم مجرى السم كما وصفها في قصة “ولد الشوشانة” و”خادمة من غانا”.

في نهاية هذا الطرح أنهيت الكتاب وأنا حزينة على ما وصل إليه حالنا، وانحدار سلوكياتنا ورجوعنا للخلف بدل أن نخطي خُطى جدِّيَّة وحثيثة للنهضة من أجل أبنائنا.

مقالات ذات علاقة

قراءة في “قصيل” عائشة أبراهيم

سالم أبوظهير

رواية المجند والتاريخ الليبي

المشرف العام

وجع الفرح للقاص طاهر بن طاهر

عبدالله الغزال

اترك تعليق