الذكرى الثالثة لرحيل الفنان التشكيلي الليبي علي عمر ارميص
من بعد أن حاورته في لندن، الصحفية لولوة الحمود، تقدم لنا الفنان علي عمر أرميص، عبر جريدة «الشرق الأوسط» يوم 3 /10/ 2011 كــ«تواصل تام بين الفن والأدب».
ثم بعد أحد عشر عامًا، يوم 10/7/2022، يكتب لنا مهند سليمان عبر موقع «بلد الطيوب» «على أرميص.. فرادة التجربة»، فيرى أن هذا التفرد في فنه وتشكيله يرتكز على تجربة هذا الفنان المقيم في المملكة المتحدة، من بعد أن حاول القيام بتجربته في ليبيا ولكنه لم يفعل.
تجربته أقامها على اتخاذه لفن الحرف العربي كأرضية لأعماله الإبداعية، متبنيًا أسلوب الرسم بفراشات كبيرة على مساحات ما ينتقيه من مواد تصل مساحتها نحو خمسة أمتار بواسطة ألوان متعددة في لوحاته، تبرز «الفن الهائم في رشاقة الضاد».
الفنان علي عمر أرميص وُلد العام 1945 في مدينة طرابلس الغرب وترعرع فيها. درس المعمار والتصميم بجامعة «بليموث» في بريطانيا. عاد إلى ليبيا عقب تخرجه، مارس إبداعه، وشارك في الكتابة والنقد المتخصص، وترأس القسم الفني بمجلة «الفنون» بطرابلس.
ثم عمل مستشارًا للفنون البصرية في مهرجان العالم الإسلامي العام 1976. في العام 1981 قرر الاستقرار ببريطانيا، وشارك من لندن بعدد من المساهمات بالكتابة والنشر عبر مجموعة من الصحف والدوريات العربية والإنجليزية، مشاركًا في المؤتمرات والمحافل العالمية.
«الفن الهائم في رشاقة الضاد»
ما إن تدخل القاعة الإسلامية في المتحف البريطاني وسط لندن حتى تستوقفك لوحة قوية في بساطتها ورائعة في تواضعها، تحوي حروفًا، واحد من الحروف العربية وهو حرف «الكاف» كتب بحرية متجردًا من قوانين الكتابة وموازينها المعروفة لدينا. رسم الحرف باللون الأسود على خلفية بيضاء وحوله خطت أبيات من الشعر بالخط المغربي تقول:
حتى متى لا نرى عدلًا نسرُ به… ولا نرى لولاة الحق أعوانًا
مستمسكين بحــــــق قائمين به… إذا تلون أهل الجور ألوانًا
يا للرجال لداء لا دواء لــــــه… وقائد ذي عمى يقتاد عميانًا
ولعله يتضح لنا، الآن، من معاني مثل هذه الأبيات التي أثرى بها لوحاته، التي نعاني منها حتى يومنا هذا، سبب هجرته وغربته. ولذلك لا نستغرب أن محاوريه وجدوه «مفكرًا اجتماعيًا أكثر منه فنانًا».
وعلى الرغم من تعدد الأسئلة فإن أرميص يرى «أن دور الفنان لا يختلف عن دور المسؤولين عن قضايا المجتمع» ويقول: «إن مسؤولية الفنان كبيرة ولا بد له أن يحمل حضارته ويعبر عنها في العرض والتفكير والإيجاز، فأنا أرسم لوحاتي مثلما أكتب مقالًا أو ألقي محاضرة. الرسم بالنسبة لي ما هو إلا نتيجة بحث وتفكير عميقين».
الفن الهائم في رشاقة الضاد
ويقول عن التجريد في لوحاته: «فكرة التجريد أصلاً هي فكرة إسلامية تكونت حولها فلسفة واضحة. إذ لا يوجد لدينا تصور مرسوم عن الله سبحانه وتعالى، بل نستطيع أن نعبر عن شعورنا وإيماننا بالخالق عز وجل». أما عن المدرسة الواقعية في الرسم فيقول: «إنها وجدت لأنها كانت تعمل عمل المصور الذي يصور الشخص أو الحدث أو المكان».
ويستغرب: «لماذا نقلد الأشكال التي ابتدعها الله عندما تكون هناك إبداعات أخرى يمكن عملها. لقد اخترت أن يكون الحرف العربي أحد المحاور الرئيسية في اللوحة لأنه يفوق حدود المكان والزمان وليس هناك أكثر تجريدًا من الحرف بشكل عام».
لوحاته في الشرق والغرب، فهي في المتحف البريطاني بلندن، وفي مدينة أكسفورد والمتحف الوطني في ماليزيا، وكذلك معهد «سميشسونيان» في واشنطن.
وتمتلك مؤسسات عامة بعضًا من أعماله، مثل مطار الملك خالد في الرياض، والسفارة السعودية في لندن، كذلك الحكومة البريطانية وشركة موبيل للبترول. كما أن أعماله جزء من الممتلكات الخاصة لدى بعض الأمراء، منهم الأمير تشارلز ولي عهد بريطانيا.
الصباح | 30 يوليو 2022م