طيوب الفيسبوك

خطّْرها ع “البطولة”

من أعمال المصور الفوتوغرافي طه الجواشي
من أعمال المصور الفوتوغرافي طه الجواشي

– على مفهوم ” التَّنَاصُّ، أو التعالق النصي” في الأدب العربي .. والذي يقصد به “كمصطلح” رصد ظاهرةً تقاطع النصوص وتداخلها اولا .. ثم الحوار والتفاعل فيما بينها ثانيا .. وتحديد وجود تشابه بين نص وآخر أو بين عدة نصوص ثالثا ..

– على “العلاقات التناصية” التي تعني إعادة الترتيب والإيماء أو التلميح المتعلق بالموضوع أو البنية والتحويل والمحاكاة ..

– على اعتباره من أهم الأساليب النقدية الشعرية المعاصرة .. خاصة حين تزايدت أهمية المصطلح في النظريات البنيوية وما بعد البنيوية.. وفي المصطلحات والمفاهيم السيميائية الحديثة كمفهوم إجرائي يساهم في تفكيك سنن النصوص (الخطابات) ومرجعيتها وتعالقها بنصوص أخرى ..

– على ما تشعر به .. وما يحدث لك .. حين يكتب “عزيز” لك الكبير محمود البوسيفي.. نص يشبهك.. والذي تتذكره اليوم في مناسبة “تكريمه” .. لتعيد نشر ما كتبه .. خاصة اذا كنت “مازلت” تعتبر انه يعبر عنك ..

*

النص: لست بطلًا..

محمود البوسيفي

عندما كنت صغيرا في السادسة كانوا زملاء مدرسة أولاد بن يعقوب (غريان) يطلقون علي أسم النعجة، لأنني لم أكن أتعارك أو اصطاد المشاكل كما كان يفعل أبن خالتي ميلاد ..

وعندما انتقلنا الى فشلوم ومنها الى سوق الجمعة (السنة الثانية ابتدائي) تعلمت فضيلة الصمت .. تجنبت المعارك الصبيانية الا ما اضطررت اليه من اشتباكات واجبة .. خضت ثلاثة معارك وحالفني الحظ (هو الحظ وحده ولا ريب) مع زملاء الفصل أو المدرسة .. أو زحام السوق الكبيرة يوم الجمعة .. كان نصر الدين وغنيوه وسالم صوادق وعبد النبي وعريبي ومحمد رجب الى جانبي دائما مثلما كنت الى جانبهم ..

أعترف بأنني كنت ومازلت أكره الاشتباك بالأيدي .. كنت أعتقد بأنني سأموت لو صفعني أحدهم على وجهي أو ركلني .. 

وأعترف بأنني لست جبانا على الأطلاق .. خضت معاركي الصغيرة دفاعا عن أصدقاء تورطوا في مشكلة مع آخرين ..

لست بطلا .. بأية حال ..

كانت غرفتي ملاذا لأحلامي .. كتبت بخط الصديق ( عاشور نوير ) جدرانها وسقفها .. بمقولات لجيفارا وكونفوشيوس والغفاري وجوركي ونجيب محفوظ وأمل دنقل ونجيب سرور وفيروز وغاندي ..الخ الخ .. وكنت عاشقا للحياة والحب والموسيقا .. كان عبد الحليم حافظ صديقي ومحمد قنديل وبليغ حمدي وفيروز وصباح ومحمد عبد المطلب وعبد الوهاب .. كنت مسحورا بالفن .. وببنات الجيران .. وبالآذان ..

لست بطلا ولم أكن اتوخى ذلك على الأطلاق ..

اللهم الا في أحلام يقظتي .. كنت اتسلق نخلة البيت ( حوش المتشون في سوق الجمعة ) ومنها الى السطح حيث امتطي جريدة من النخلة الروؤم وأمتشق سيفا من خشب واعلن الحرب على أعداء لا أعرفهم ..

وكانت والدتي ( رعاها الله وحفظها من كل سوء ) تضحك وهي تشاهد أبنها البكر يصول ويجول وتطلب منى التوقف عن سفك الدماء والنزول للأرض لتناول الغذاء ..

لست بطلا على الأطلاق ..

لم أمتلك يوما القدرة على رؤية الدماء .. كنت أتجنب صبيحة يوم عيد الأضحى، حتى لا أتورط في مشاهدة صديقي الجديد يذبح ..

هكذا لم أكن أرغب يوما أن أصير بطلا ..  ولذلك صرت مجاملا ..

لم أكذب ولم أسرق ولم أخن صديقا أو غيره ..

لم أتلصص على جار أو غيره ..

لم أشهد زورا ..

لم اشهر أو اجرح صديقا أو غيره ..

لم اكن سوى “محمود” الذي يحب الجميع ..

لكنني أعترف بأنني كنت مجاملا الى حد بعيد، في المدرسة، وفى النادي ( الترسانة ) وفى العمل ( وكالة الأنباء ) وفى الصحبة التي مازال عطرها يستبد بأي مكان الجأ اليه ..

أعترف بأنني كنت مقصرا في حق أسرتي وأهلي ..

نعم أعترف ..

وأدرك أن لا أحد سوف يسامحني على إهمالي لهم ..

كان أصدقائي هم أهلي ..

أعجبني تعليق أحد الأصدقاء على قدرة العزيز ( منصور ابوشناف ) على المجاملة .. حيث قال أن منصور دخل السجن ( 13 عاما ) مسايرة لصديق ..

كنت سأفعل ذلك لو كنت مكانه ..

كونوا أبطالا أذا شئتم ..

لكن لا تدعوا أحدا يلطمكم على وجوهكم ..

انتهي النص …

*

وأنا اعترف ان هذا النص .. يمثلني ..

والله المستعان ..

مقالات ذات علاقة

رشاقة التبو بين الحاج الزروق والباحثة كاترين والشاورما

المشرف العام

درس السرد الأول

أحمد يوسف عقيلة

اشتريته لك

الصديق بودوارة

اترك تعليق