المقالة

بوحٌ صَموتْ..!!

تغريدة الشعر العربي

الشاعرة الليبية سلوى الحاج
الشاعرة الليبية سلوى الحاج

بوحٌ صَموتْ..!!

الشاعرة الطبيبة الليبية د. سلوى الحاج – 1988 م

غِبْ عن فؤادي وابتعدْ

غِب للأبدْ

ودع الذي ما بيننا

فالشوقُ نحوك قد خمدْ

والحبُّ مات ولن يُعدْ

غِب عن فؤادي وارتحلْ

خاب الأملْ

وأخافُ أن يدنو الأجلْ

وأنا لديك رهينةٌ

ترجو الوصالَ بلا مللْ

غِب عن فؤادي دائمَا

كن سالمَا

بين الذين أخترتهم

وأنسى بأنك كنت لي

وطنًا وحُبًّا مُلهمَا.

( من قصيدة: نهايةُ النهاية )

…..

مازال مسلسل الشعر العربي يجري رقراقا في ربوع بلادنا الذي بات الشعر ديوانها منذ نشأته الأولى الغنائية فهو علم العرب وصناعتهم التي سجلت بطولاتهم وتاريخهم وحياتهم حتى اليوم هكذا..

ومن ليبيا الشقيقة ذات الأدب والشعر والتراث نتوقف مع تغريدة الشعر العربي كي نلقي بظلال الكلمات حول تجربة الشاعرة والطبيبة الليبية بنت الجبل الأخضر سلوى الحاج ، والتي تقرض الشعر عمودي وتفعيلي في ثنائية التفاعل مع واقع تجربة الحياة..

ومن ثم فقد نشأت في بيت يحب العلم والتعلم والتفوق وكانت محبة للغة العربية منذ نعومة أظفارها..

وربة الشعر تسكنها وتناديها صباح مساء لكن بسبب انشغالها بدراسة الطب والتخصص حاليا لم يكن لديها الوقت الكافي للتفرغ لموهبتها الشعرية. ولها معجمها الذي يجمع مفردات طبية ملازمة لمشاعرها في إطار تجربتها التي تحول القبح إلى جمال بأسرار التجميل وترسم الأوجاع حلما بالكلمات.. فعلاقة الطب بالشعر روح وجسد مشروع إنسان متكامل الخصائص..

كما نتذوق كلمات الطبيب الشاعر إبراهيم ناجي صاحب الأطلال ، وذلك عندما سُئل عن كيفية جمعه بين الطب والشعر فقال:

الناس تسأل.. والهواجس جمة   طب وشعر كيف يتفقان

الشعر مرحمة النفوس وسره   هبة للسماء ومنحة الديان

والطب مرحمة الجسوم ونبعه   من ذلك الفيض العلي الشأن.

* نشأتها:

وُلدت الشاعرة والطبيبة الليبية د. سلوى بكار الحاج عام 1988م بمدينة شحات الجبل الأخضر. حاصلة على بكالوريوس طب وجراحة عامة، جامعة عمر المختار 2014\2015 م.

تعمل طبيبة أمراض جلدية وتناسلية وتجميل. وفي مرحلة التخصص حالياً للحصول على درجة الدكتوراة.

وتستعد لجمع قصائدها المتعددة في ديوان كبير حيث الدراسة العلمية سرقت وقتها فلم تجد الوقت الكاف ِ لخروج ديوانها إلى نحو النور مطبوعا. لكنها تواصل نشرها المكثف لشعرها في زوايا كثيرة.  وتجمع بين البحوث العلمية والأدبية في توأمة تجسد لنا ملامح رؤيتها.

* مختارات من شعرها:

تقول شاعرتنا الحبيبة سلوى الحاج في قصيدتها تحت عنوان (على كرسي الانتظار) حيث تبدأ في حوارية النداء والتمني مع استجداء أيام الهوى والصبا وروعة المكان وحنين الأوطان بين صراعات أضرت حتى الحمامات في أعشاشها تستلهم الزمن الجميل الذي جمع كل الناس بعيدا عن التفرقة في دوحة الحب الذي يرسم الحلم في أمان من خلال مفردات لها دلالات وصور فنية وخيال واسع يعكس إيقاع النغم مع سلامة الروح في تصالح:

عِدْني بأنْ تأتي ويُجمعُ شملنا

مهما ابتعدت فسوف تلقاني هُنَا

يا آسري طالَ ابتعادك وانتهى

صبري ،فهَلَّا عُدت يا بدرًا سنا

إنَّ الليالي في غيابك ظُلْمَةٌ

ساد الظلامُ بها وصار مُهَيْمِنا

والشمسُ تأبى أن تُطلّ بنورها

حتى الصباحُ بدا حزينًا ساكنا

يامن سكنتَ بمقلتيها وأضلعي

والعشقُ منهُ من الفؤادِ تَمَكَّنَا

لا تختفي عن ناظراي وخافقي

لملِم شتاتَ الرّوحِ ، كُن لي موطنا

كم حاول الْعُذالُ بل وتنافسوا

من ذا الذي فيهم يُشَتِّتُ شملنا

لكنهم ما فرقونا لحظةً

فالحبُّ من قلبي وقلبك قد دنا.

وتنتقل بنا شاعرتنا الطبيبة سلوى الحاج في قصيدة أخرى تحت عنوان (بوحٌ صَمُوتْ) تحمل مشاعر الغزل الذي هو عنوان الحياة ببوح يكشف لنا عهد ولى ومعه أحلى الأمنيات ويعكس أحاسيس تراقب الواقع في ثنائية الوجود ذات الدفقة الجمالية بعيدا الأنانية في حضرة النجوم المضيئة وتحلق بنا بعناصر البيئة متخذة الظبي رمز الفلاة حيث الجمال والحب والحرية والشجاعة والكرم… فتقول فيها:

عَيناهُ تُخبِرُ بِالهَوى وتبُوحُ

وفُؤادُهُ خلفَ الضّلوعِ ذبيحُ

عَشِقَ الجمالَ وعلّقتهُ صَبِيّةٌ

فِيها البهاءُ مُعتَّقٌ وصَريحُ

فِي ثغرِها تقِفُ النّجومُ مُضيئةً

وجبِينُها زهرٌ شَذاهُ يفوحُ

فِي لحْظِها غسقٌ أطالَ مُكُوثَهُ

ظَبْيُ الفلاةِ مُهذّبٌ ومَليحُ

لِدلالِها غنّى القصيدُ مُعبّرًا

فرسٌ يُعانقُها الجمالُ جَموحُ

يخْشى إذا أبْدَى لها ما يشتكِي

مِن لوعةٍ يَبكِي لها ويَنوحٌ

يَجدُ الصُّدودَ لأنّهُ من حُسْنِها

أضْحَى سقيمًا تَعْتريهِ جُروحُ

فاختارَ أنْ يُخفِي الغرامَ وقلبُهُ

كَتمَ الهَوى ، لكنّهُ مَفْضوحُ.

ونختم تلك المختارات بهذه القصيدة للشاعرة الطبيبة الليبية سلوى الحاج تحت عنوان (أمنيات مؤلمة) ذات نبرات حزن وشجن يلف المسار مع صدى المستقبل المجهول فقد تساوت روعة الحياة بظلمة اللحود تضادية تشاؤمية بعد أن سيطر على الواقع المشهد الضبابي فترسم لوحاتها الثكلى على ضفاف وادي الرحيل في صمت بين ذهول وأنفاس محترقة ترثي العمر في غربة ومنفى في شتات فتقول فيها:

سَأدعُو اللهَ أنْ أََمضِي

وأتركَكم بِلا عوْدِ

وألاّ تكتُبَ الأيامُ

لُقيانا إلى الأبدِ

كرِهتُ العيشَ ، والدُّنيا

بدتْ لي مثلما اللحدِ

على أيديكُمُ السّوداءُ

أُزهِقَ حُلميَ الوردي

وذقتُ الظُّلمَ ممزوجًا

بطعمِ القهرٍ والكَمَدِ

فباتَ العمرُ مَلحمةً

من الآلامِ والكَبَدِ

فيا أحبابيَ الباقينَ

في عينيّا كالرّمد ِ

وفي قلبي كمقبرةٍ

يُظللُ سُورَها وجْدي

ويامن تزرعون البُغضَ

في رُوحي وفي كبِدي

كرِهتُ وُجودَكم حتّى

وددتُ النفْيَ عن بلدي.

وبعد هذا العرض الموجز والقراءة السريعة في عالم الشاعرة الطبيبة الليبية سلوى بكار الحاج التي جمعت في رحلتها ثنائية الطب والشعر بمثابة الروح والجسد الذي يكون الإنسان في إطار عنوانه المطرز بمشاعر تنطق بجماليات النص مع الحياة دائما.

مع الوعد بلقاء متجدد

مقالات ذات علاقة

دور المثقف

رامز رمضان النويصري

حكاياتٌ ثقافية مُصابة بالدهشة والرشح!

أحمد الفيتوري

أوراق الخريف

سالم الكبتي

اترك تعليق