تحول
جالسٌ في غرفته مُحتاراً، تخيل أنّه ثعلب، شعر أنّه تحول إلى ثعلبً، أحسّ بذلك، اختبر نفسه إن كان يحلم، قرص كفّه باستغرابٍ ودهشة، أحس بشيء غريب، لم يحس بهذا الإحساس من قبل، ملمس كفه خشن مغطى بالشعر، يستطيع الكلام، نبرة صوته تغيرت، الليل يقترب من المجيء إلى سكنه الداجي، قال: ولكن هل يمكنني وقد صرت ثعلباً أن أفكر وأشعر كإنسان، أفكر في الحياة، أتولى أخطر المناصب، وأعشق حسان الحي، وتعشقني حسان الحي، وأعمل بالمعروف وأنهى عن المنكر وأعامل الناس بلطف واحترام وأسافر حيث شئت، ولا أغتب أحد أو اسطو على المال العام، توقف عن التفكير فجأة ، فمن أعماق دّجى الليل السخي سمع عواء ذئب يطرح صوته في الهواء.
فراشةٌ
أزهار، اِسمها أزهار، جلست تداعب سوالف شعرها القصطلي، هامت في ملكوت الخيال، غارقة في حلم عميق، تمنت لو تنشق الأرض عن بستان زاهرٍ ؛ تنطلق فيه كفراشة برية حرّة لا بشرٌ ولا ناسٌ ولا نتٌّ، بستانٌ جنائني تعلو فيه وتهبط فرحة، لا ماضٍ ولا مستقبلٍ، لا سؤالٌ ولا جوابٌ، لا مطبخٌ ولا صالةٌ، حرة طليقة، تحط على أغصان الليمون وتستعير من ورد العشية بستانٌ مزهرٌ، نامت فصارت فراشة حرّة تجوب بستانٍ فردوسيّ بهيج حلمت به من ساعات خلت، عند صحوها في الصباح، وجدت نفسها على سريرها فوق الأرض، تحيرت في أمرها إن كانت هي الآن الفراشة أم أنّها هي نفسها أزهار!
وما نيل المطالب بالتمني
أرسل دلْوهُ في الجب، امتلأ الجب بالماء، أحسّ بأن الدلو أثقل من المعتاد، جذب الدلو بقوة، أحس ببعض التعب، هواء رطب منعش يهب، رآها، جنية متعلقة بالدلو، فزع، تراجع قليلاٍ عن البئر، حملق في زينة الحسن، ثوبها بديع كبستان رشيق، كاد أنْ يترك الحبل من بين يديه، أسّره جمالها وحسن محياها وسواد عينيها وشعرها الغجري، قال لها أ جنية أنتِ أم إنسية.. أجابت بصوت عذب رقيق رهيف فيه دلال وسحر: جنية. قال على عجلٍ بصوتٍ لاهفٍ: يا ليتني كُنتُ جناً من أجنة قومك. نظرت اليه نظرة نافذة تكسر الحجر فصار جنياً من أجنة قومها في الحال، دنت منه وهمست في أذنه: يلزمك أن تتعلم عاداتنا.