الطيوب
الهايكو أحد الفنون الشعرية التي انتقلت للشعر العربي، وهو قالب شعري ياباني في أصله، وهو نموذج مكون من بيت أو مقطع واحد مقسم إلى 17 مقطعاً صوتياً، في ثلاثة أسطر. مع دخول هذه التجربة إلى الشعر العربي انتشرت، ولاقت حضوراً كبيرا بين الشعراء، وغير الشعراء من المبدعين في مختلف المجالات، لما هذا القالب من قدرة على التعبير والتقاط اللحظات الملهمة وصياغتها شعرياً.
الشعر الليبي لم يكن خارج هذا التأثر، خاصة مع انتشار استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، حيث نجح هذا الشكل الشعري أن يكون منشوراً على هذه الوسائط، مما ساعد في انتشاره وتقبله لدى القارئ والمتلقي.
(عتمة) هو ديوان شعر في فن الهايكو، صادر عن دار ديوان العرب للنشر والتوزيع، بورسعيد – مصر، منشورات العام 2021م، جاء الكتاب في 106 صفحة، من القطع المتوسط، ضم 300 نصاً شعرياً.
(عتمة) للكاتبة ريما العماري، باحِثة ماجستير في النّقد والأدَب، وهي حاليًّا في مرحلةِ إعداد الرّسالة. بدات علاقتها بالكتابة الإبداعية في سنة 2010م، وكأي شغوفة بالأدب بدأت بكتابة الخاطرة، ثمّ بالشّذرة، بعدها بدأت كتابة الشعر>
في العام 2020م، بدأت علاقتها بالهايكو، والقصّة القصيرة جدًّا الموسُومة بالققج، حيث تحصّلت على مراكز أولى في عدّة مسابقات في هذا الجانب.
يمكن إدراك إن الهايكو هو نتيجة للتواصل الثقافي العربي الياباني الحديث، التي تعود للستينات وعرفت وقتها بـ(التوقيعات)، ولعل أهم الاختلافات بين الهايكو الياباني والعربي هو الخروج عن التوزيع الإيقاعي المعروف به الهايكو في اليابان.
تتمثل أهم خصوصيات الهايكو العربي في وجود نفحة غنائية ولمسة مجاز، وحضور ذات الشاعر بشكل قوي، كما ويركز الكثير من الباحثين والنقاد على أهمية المحافظة على روح الهايكو المتمثلة في البساطة والآنية.
ريما العماري، كـ(هايكيست) دخلت هذه التجربة من خلال تجربة دعمتها الكتابة النثرية، سواء في صيغة الشذرات أو القصة القصيرة جداً، وهما شكلان نثريان يعتمدان على التكثيف، كمرتكز أساسي يحتاجه الهايكو ويقوم عليه.
تقول الشاعرة:
عتمة
أحلك من الليل،
دروب العشاق.
*
ازدحام
مربكة حركة السير
ومشيتك.
*
أجواء غائمة
بين نظرتي وشرودك
يسقط المطر.
الهايكو نص موجه، وإن مارس بعض المخاتلة، فهو يحاول من خلال بنائه على إعادة ترتيب الصورة أو المشهد، بما يضمن قدراً من المفاجأة والدهشة، ليعيد المتلقي قراءة المقطع من جديد بطريقته الخاصة.
نقرأ أيضاً:
تحت المظلة
تتغزل بي،
قطرات المطر
*
رياح خريفية
تتحرك بعكس الاتجاه،
تنورات الصبايا
في الهايكو، السط الأخير هو مفتاح النص أو مفتاح بناء المشهد، بينما السطر الثاني يصور الحدث أو يصف الحالة، أما السطر الأول فهو مفتتح النص ومدخله.
ريما العماري، في (عتمة) والتي أزعم إنها التجربة الليبية الأولى في فن الهايكو، تجربة مهمة تستحق التوقف عندها، وقراءتها بتمعن، خاصة وإنها في هذه المجموعة من خلال الهايكو، ان تعيد تشكل الكثير من المشاهد، والصور، ومس الكثير من الموضوعات والأفكار، والتي الكثير منا لا ينتبه لها، فالهايكو فن التقاط اللحظة وتشكيلها، وشكل شعري يناسب جميع الموضوعات.
ريما العماري، في (عتمة) تقدم تجربة شعرية مميزة، استطاعت الاستفادة من التواصل الثقافي، وخاصة التواصل الحديث عبر وسائل التواصل الحديثة. والأهم أن هذه المجموعة هي لبنة أولى في تجربة الهايكو الليبي.